ملامح خفض تصعيد بين واشنطن وطهران... وفصائل العراق تهدئ

● إسبر: استعدنا «مستوى من الردع» ● بنس: طهران أمرت وكلاءها بوقف الهجمات
● «الحرس الثوري»: سننفذ انتقاماً أشد قريباً ● قآني: ضرب القاعدتين سيفضي إلى طرد الأميركيين
● الصدر يدعو إلى غلق مقرات «الحشد» والتريث في العمل العسكري

نشر في 10-01-2020
آخر تحديث 10-01-2020 | 00:05
خامنئي وقائد «الحرس» حسين سلامي وقائد أركان القوات المسلحة محمد باقري وقآني خلال مراسم تأبين لسليماني في طهران أمس (ايه بي اي)
خامنئي وقائد «الحرس» حسين سلامي وقائد أركان القوات المسلحة محمد باقري وقآني خلال مراسم تأبين لسليماني في طهران أمس (ايه بي اي)
خطت إيران والولايات المتحدة باتجاه التهدئة، عبر رسائل في عدة اتجاهات، تشمل استعدادهما للتفاوض، بينما أظهرت فصائل تابعة لـ«الحشد الشعبي» العراقي تراجعاً نحو الاندفاع باتجاه رد عسكري على اغتيال أميركا أبومهدي المهندس غداة تهديدها.
مع تراجع احتمال نشوب حرب مفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران، على خلفية توجيه الأخيرة ضربة صاروخية إلى قاعدتين بالعراق تستخدمهما القوات الأميركية، رأى الرئيس دونالد ترامب أنها لا تستحق الرد، لعدم تسببها في سقوط قتلى، أكدت واشنطن أنها مستعدة للتفاوض مع الجمهورية الإسلامية "دون شروط مسبقة"، كما أعلنت طهران أنها لا تسعى للتصعيد أو الحرب مع الولايات المتحدة.

وقال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، في تصريحات، "نتلقى معلومات استخباراتية مشجعة بأن إيران تبعث برسائل إلى الميليشيات الموالية لها بألا تتحرك ضد أهداف أميركية أو مدنيين أميركيين، ونأمل أن تجد تلك الرسالة صدى".

ووصف بنس قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، الذي قتل في غارة جوية أميركية، بأنه كان القائد الرئيسي للميليشيات التي ترعاها طهران، مضيفا أن معلومات وصلت إلى واشنطن قبل الهجوم الإيراني ليل الثلاثاء - الأربعاء باحتمال تعرض قوات بلاده لاعتداءات إيرانية، وأن الإنذار المبكر "أتاح فرصة نقل أميركيين وحلفاء من دائرة الخطر".

وقبل ذلك، أكد ترامب أن بلاده لا ترغب في استخدام القوة العسكرية للرد على الهجوم الصاروخي الإيراني، الذي استهدف قاعدتي "عين الأسد" و"أربيل"، معلنا أنه سيفرض مزيدا من العقوبات على إيران.

استعادة الردع

في موازاة ذلك، اعتبر وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أنه بقتل سليماني فإن الولايات المتحدة "استعادت مستوى من الردع" بمواجهة إيران.

وقال إسبر: "بالضربات التي نفذناها ضد كتائب حزب الله العراقية أواخر ديسمبر الماضي، ثم بعمليتنا ضد سليماني، أعتقد أننا استعدنا مستوى من الردع معهم"، متابعا: "لكننا سنرى. المستقبل سيخبرنا".

لكن الوزير لم يستبعد أن تشن الميليشيات المسلحة، "سواء كانت تقودها إيران مباشرة أم لا"، مزيدا من الهجمات ضد القوات الأميركية بالعراق، مؤكدا أنه سيتعين على القوات الأميركية "الرد بحزم لضمان الحفاظ على هذا المستوى من الردع".

وأبلغت واشنطن الأمم المتحدة أنها مستعدة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات إضافية لحماية مصالحها وقواتها في الشرق الأوسط، وأبدت استعدادها للانخراط في مفاوضات جدية مع طهران دون شروط مسبقة، لتفادي التصعيد من قبل إيران.

وبررت واشنطن، في رسالة موجهة للأمم المتحدة، مقتل سليماني بأنه دفاع عن النفس.

روحاني وجونسون

في المقابل، قال سفير طهران لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي إن بلاده تعتقد أن ما وصف بدعوة ترامب إلى التعاون "لا يمكن تصديقها"، في ظل فرض واشنطن عقوبات على طهران. في إشارة إلى اشتراط إيران رفع العقوبات قبل الدخول في أي مفاوضات جديدة مع "البيت الأبيض".

وأوضح روانجي أن بلاده لا تسعى إلى التصعيد أو الحرب مع الولايات المتحدة، معتبرا أن زيادة التوتر ليست في مصلحة أحد.

من جانب آخر، أجرى الرئيس الإيراني حسن روحاني اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس، أكد له فيه أن "الولايات المتحدة ستلقى ردا أكثر خطورة إذا ارتكبت خطأ آخر".

ودعا روحاني جونسون إلى إعادة النظر في مواقف بريطانيا تجاه "اغتيال سليماني"، مؤكدا أنه "لولا جهوده لما عشتم الأمن والاستقرار في لندن".

وشدد على أن "الهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد دفاع مشروع عن النفس، وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة"، مضيفا أن "واشنطن لا تعرف المنطقة، وأدركت الخطأ الذي ارتكبته باغتيال سليماني بعد نهضة شعوب المنطقة ووحدتها".

من جهته، دعا جونسون روحاني إلى إنهاء المواجهة بين طهران وواشنطن، مؤكدا التزام لندن بالاتفاق النووي الذي وصفه بأنه "أفضل ترتيب متوفر حاليا لتحقيق هدفنا بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي".

كما تلقى الرئيس الإيراني مكالمة من رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميتشل، أشار فيها الأخير إلى أن "الاتفاق النووي مع إيران مهم جدا وجاء بعد 10 سنوات من المفاوضات الدولية المكثفة، ويظل أداة مهمة لتحقيق الاستقرار الإقليمي".

وأشار ميتشل إلى أن "أوروبا تسعى لخلق أجواء سياسية إيجابية في العالم والشرق الأوسط، ودعونا أميركا عدة مرات خلال الأيام الماضية إلى ألا تعمل على زيادة حدة التوتر أكثر مما هو عليه في المنطقة".

وشدد روحاني على أن إيران "ستواصل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتتعهد بالعودة إلى تطبيق التزاماتها بالاتفاق النووي في حال التزمت به أوروبا"، لافتا إلى أن الولايات المتحدة "شددت العقوبات على إيران، وتمارس إجراءات إرهابية فيما يتعلق بحصولنا على الدواء والغذاء، وقتلت قائدا عسكريا كبيرا، وانتهكت القانون الدولي، وعلى أوروبا اتخاذ مواقف تجاه واشنطن".

تهديدات إيرانية

ورغم خطوات التهدئة، جدد مسؤولون إيرانيون هجومهم على واشنطن، فوعدوا بتغييرات أمنية في المنطقة، وبإخراج القوات الأميركية منها في نهاية المطاف.

وقال إسماعيل قآني، الذي حل مكان سليماني، في قيادة "فيلق القدس"، إنه سيواصل السير على طريق سلفه، معتبرا أن الهجوم الصاروخي الإيراني على القاعدتين "سيؤدي في نهاية المطاف إلى طرد أميركا من المنطقة".

بدوره، ذكر مستشار المرشد الإيراني يحيى رحيم صفوي أن "اغتيال سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس في بغداد كان من تنفيذ أجهزة الاستخبارات الأميركية وجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد".

ووصف صفوي القتل بأنه "عملية إرهابية نفذت عبر الإرهاب"، معتبرا أن سياسة الولايات المتحدة لفرض مزيد من العقوبات على إيران فقدت مفعولها، وأن مقتل سليماني سيؤدي إلى تغييرات سياسية وأمنية وثقافية في المنطقة.

وفي تصعيد آخر، أكد القائد البارز في "الحرس الثوري" عبدالله عراقي أن بلاده ستنفذ "انتقاماً أشد قريباً".

واعتبر نائب رئيس "الحرس" علي فدوي أن ضرب القاعدتين كان بمنزلة استعراض للقوة العسكرية، وان القوات الأميركية "لم تستطع أن تحرك ساكنا".

ووصف وزير الدفاع أمير حاتمي الهجوم الصاروخي بأنه "نموذج يحتذي به جميع أحرار العالم".

تجنب وطرد

وعلى الساحة العراقية، رجح أمين عام "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، أمس، أن يكون استهداف السفارة الأميركية في بغداد بصاروخين أمس الأول من عمل المخابرات الأميركية.

ونفى الخزعلي نية "الفصائل العراقية" استهداف أي بعثة دبلوماسية، مشيرا إلى أن "ساعة الصفر لعمليات الثأر لأبي مهدي المهندس لم تنطلق بعد"، مجددا "التهديد برد مزلزل".

وجاء التراجع بعد أن توعد الخزعلي الأميركيين، أمس الأول، بأن الرد على اغتيال المهندس سيكون "أكبر من رد الإيرانيين"، قائلا: "الآن حان وقت الرد العراقي الأولي على اغتيال المهندس"، وأكدت "حركة النجباء" أن الثأر "قادم لا محالة".

في موازاة ذلك، دعت كتائب "حزب الله" العراقية إلى تجنب الانفعالات لتحقيق نتائج مرجوة وطرد الأميركيين وأتباعهم من العراق.

وجددت الكتائب، التي سبق أن حاصر أنصارها السفارة الأميركية، في بيان، تأكيدها حفظ سيادة البلاد ودماء أبناء العراق، وسلامة قواته الأمنية، قائلة إن "حسابات الرد باتت اليوم أكثر إلحاحاً وتعقيدا، مما يستوجب من العراقيين العمل بتوقيتات دقيقة لا تترك ثغرات تخدم الأعداء".

وطالب رجل الدين البارز مقتدى الصدري بعدم البدء بالعمل العسكري إلى حين استنفاد جميع الطرق السياسية والبرلمانية والدولية لطرد القوات الأميركية.

وأكد الصدر، عبر "تويتر"، "السعي الحثيث إلى إنهاء وجود المحتل وكبح جماح سيطرته وتدخله في الشأن العراقي".

ونصح راعي كتلة "سائرون" البرلمانية بغلق كل مقار "الحشد الشعبي لكي لا تكون هدفا للاستكبار العالمي"، داعياً إلى "الإسراع في تأليف حكومة صالحة قوية تعيد إلى العراق هيبته واستقلاليته".

ودعا المتظاهرين إلى "كف العناد، حتى لا يضيع العراق".

تحالف «داعش»

في السياق، أعلن "التحالف الدولي" ضد تنظيم داعش تعليق أنشطته العسكرية في العراق، للتركيز على حماية القواعد التي تستضيف أفراده. وأضاف أنه "رغم تعليق الأنشطة العسكرية، فإن الأنشطة الأخرى تستمر بشكل طبيعي، بما فيها مكافحة دعاية داعش الضارة، وتحقيق الاستقرار وتعطيل التمويل".

حاجي زاده: قاعدة «علي السالم» شاركت في اغتيال سليماني

زعم قائد القوات الجو فضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زاده، في مؤتمر صحافي عقد في طهران أمس، أن قواعد أميركا العسكرية في التاجي، وعين الأسد في العراق، وعلي السالم في الكويت، وقاعدة في الأردن شاركت في عملية اغتيال قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني.

وقال حاجي زاده إنه «في عملية استهداف القاعدة الأميركية في العراق كنا نتوقع أن نتلقى ردا أميركيا، وكنا مستعدين لحرب شاملة».

وأضاف أن «هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها القواعد الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، لكن ليس هناك شيء يعوض عن سليماني حتى اغتيال ترامب لن يعوضه». وخاطب قائد قوة الجو فضاء للحرس الثوري الدول المطلة على الخليج قائلاً «القوات الأميركية ستغادر المنطقة لا محالة، وان جبهة المقاومة هي التي ستطرد القوات الأميركية من المنطقة».

حجج ترامب لتصفية سليماني تقسم «الكونغرس»

فشل مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إقناع المشرعين الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، أمس الأول، بأن خطرا وشيكا كان المبرر لقتل القائد الإيراني البارز قاسم سليماني، عشية تصويت الديمقراطيين في مجلس النواب على تشريع لتحجيم قدرة الرئيس على شنّ حرب.

وعقد وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي ومديرة المخابرات المركزية جينا هاسبل جلسات سرية مع كل أعضاء «الكونغرس» وعددهم 535 لبحث قرار ترامب توجيه ضربة بطائرة مسيّرة قتلت سليماني في العراق الأسبوع الماضي.

وبعد الجلسات، أشاد معظم الجمهوريين بالمسؤولين وترامب لشنّ الضربة وطريقة عرض المعلومات. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور جيم ريش، إنه حضر واحدة من أفضل الجلسات في حياته، وإن المسؤولين قدموا معلومات «واضحة وضوحا لا لبس فيه».

وما يسلط الضوء على الانقسام الحزبي الشديد في «الكونغرس»، قال الديمقراطيون واثنان من الجمهوريين على الأقل، بشكل حاسم، إن المسؤولين لم يقدموا أدلة تدعم تأكيدات ترامب والقادة العسكريين بأن سليماني كان يشكّل «خطرا وشيكا».

وشككوا في حجج الإدارة بأن قتل قائد أجنبي في بلد ثالث كان عملا مبررا قانونيا.

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب النائب الديمقراطي إليوت إنغل، «الفكرة الأساسية هي أن الإدارة كانت تقول ثقوا بنا، وهذه هي الخلاصة. أنا لست متأكدا فيمن أثق أو ما أثق به عندما يتعلّق الأمر بهذه القضايا، لأنه تم إبلاغنا بأشياء مختلفة».

من ناحيته، قال السناتور الجمهوري مايك لي إن الجلسة كانت الأسوأ في الأعوام التسعة التي أمضاها بمجلس الشيوخ، وأضاف «الأمر الذي أزعجني للغاية بشأن الجلسة هو أن واحدة من الرسائل التي تلقيناها من الشخصيات التي عقدت الاجتماع هي لا تجادلوا ولا تناقشوا قضية مدى ملاءمة التدخل العسكري ضد إيران، لئلا تزيدوا إيران جرأة».

وقالت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، بعد ذلك بفترة قصيرة إن «أعضاء الكونغرس لديهم بواعث قلق ملحة بشأن قرار الإدارة تنفيذ أعمال عدائية ضد إيران وبشأن افتقارها لاستراتيجية للمضي قدماً».

وسيلزم التشريع الخاص بسلطات الحرب ترامب بعدم استخدام الجيش الأميركي في إيران أو ضدها ما لم يعلن «الكونغرس» الحرب، أو يوافق على تشريع يجيز استخدام القوة ضد الجمهورية الإسلامية. ومن المتوقع أن يمر القرار بسهولة في مجلس النواب، لكنه سيواجه وقتا أصعب في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون.

الفياض لخامنئي: «سماحة القائد»

الخزعلي: الولاء لا يكون للأرض بل للعقيدة

أثار مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض الجدل مجددا خلال مشاركته في عزاء أقيم في إيران لقائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي قتل الجمعة الماضي في ضربة أميركية قرب مطار بغداد.

وظهر الفياض إلى جانب رجل دين إيراني خلال مراسم العزاء، وهو يلقي كلمة بدأها بكلمة «سماحة السيد القائد»، في إشارة منه إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي كان حاضرا في مراسم التأبين.

وحضر الفياض إلى مراسم العزاء ممثلا عن العراق، وباعتباره رئيسا لهيئة الحشد الشعبي، وأظهرت المقاطع المصورة أيضا أن من بين الحاضرين وزير المالية العراقي فؤاد حسين، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي همام حمودي.

وانتقد ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي ما جاء في كلمة الفياض، وخاصة ما يتعلق منها بوصفه للمرشد الإيراني علي خامنئي بأنه «السيد القائد».

الى ذلك، رد الأمين العام لحركة عصائب اهل الحق، قيس الخزعلي، على الذين يتهمونه بالولاء لإيران بتغريدة قال فيها: «لو كان الولاء للأرض ما ترك النبي مكة، ولو كان للقبيلة ما قاتل قريش، ولو كان للعائلة ما تبرأ من أبي لهب، ولكنها العقيدة التي هي أغلى من التراب والدم».

الخزعلي يؤخر «ثأر المهندس» وينفي استهداف السفارة

روحاني لجونسون: إذا ارتكبت أميركا أي خطأ آخر تجاه إيران فستتلقى رداً أكثر خطورة

«التحالف الدولي» ضد «داعش» يعلِّق أنشطته العسكرية في العراق للتركيز على حماية قواعده
back to top