ومضة: الكويت بين العزف الطائفي ومقامرة 2020

نشر في 10-01-2020
آخر تحديث 10-01-2020 | 00:06
 أسامة العبدالرحيم شهد الأسبوع الماضي أحداثاً سياسية ساخنة هزّت المنطقة بعد محاولة اقتحام سفارة الولايات المتحدة الأميركية في العراق والرد الأميركي عليها بقصف صاروخي قرب مطار بغداد أدى إلى مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس، وهذا ما قد يجعل العراق الشقيق يتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات بين أميركا وإيران عبر أدواتهما وتوابعهما في المنطقة، وهو ما قد ينعكس أيضاً ويؤثر بشكل أو بآخر على الانتفاضة الشعبية الوطنية في العراق ضد الفساد ونظام المحاصصة الطائفية والإثنية.

من حيث المبدأ، فإن سيادة أوطاننا العربية خط أحمر، و"جميع" التدخلات الخارجية مرفوضة، العراق الجريح عانى ومازال يعاني بسبب التدخلات الأجنبية (أميركا- إيران- تركيا)، فالطائفيون والعملاء يحاولون استغفال عقول الناس بشكل مكشوف ومفضوح بالحديث عن تدخلات دولة وغض النظر عن الأخرى، والتبرير لها في بعض الأحيان.

المضحك المبكي أن من فرح وهلل وبارك للغزو الأميركي للعراق وحصل على رعاية أميركية يتحدث اليوم عن سيادة العراق والعكس، وأن من قمع وقتل المدنيين في الانتفاضة العراقية الأخيرة يبكي لمقتل جنرال عسكري أجنبي! إن أدوات كلا المعسكرين المتصارعين الإيراني والأميركي تحاول فرض تحليلها السياسي وفق مصالحها، وتقصي أيّ رأي يخالفها ويكشف طبيعة صراعها الحقيقي، وهو صراع على الثروة والنفوذ، ففي معركة التحرر الوطني لا يمكن التعويل على نظام طائفي رجعي يدعي المقاومة ويمين رأسمالي نيوليبرالي عنصري يوزع صكوك الديمقراطية والسلام في العالم.

تاجر الأسلحة المتعجرف دونالد ترامب متورط في الشأن الداخلي الأميركي ويواجه ضغوطاً من الديمقراطيين يسعى إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل الانتخابات بتحقيق مكسب انتخابي يوهم فيه الشعب الأميركي بتحقيق أهداف اقتصادية لبلاده، وهذا ما يناقض وعوده السابقة بعدم خوض الحروب والتصعيد العسكري، وهو الذي فشل أيضاً في إدارة سياسة بلاده الخارجية مما أدى إلى توتر العلاقات مع دول عديدة.

وفي الكويت ومع قرب الموسم الانتخابي يحاول البعض وتحديداً من قوى الإسلام السياسي بشقيّه (الشيعي والسني) استيراد القضايا الإقليمية الساخنة للداخل ودق طبول الحرب، والعزف على الوتر الطائفي قبل الانتخابات دون مراعاة لظروف وحساسية موقع الكويت الجغرافي السياسي، للأسف كان الهمز واللمز الطائفي والعنصري طاغياً على التحليل السياسي العقلاني، في محاولات رخيصة باستغلال الدين سياسياً وجر القضايا السياسية لمنحى طائفي بغيض يخدم مصالحهم السياسية والانتخابية، وتتحمل الحكومة الكويتية مسؤولية ما يحدث بشكل أساسي من تراشق طائفي وتخوين بين الناس، فهي لم توثق رسمياً من المسؤول عن بعض الحوادث التي تمس أمن البلاد في ثمانينيات القرن الماضي بحيث أصبح الاعتماد على مصادر صحافية وروايات شعبية تتهم وتبرئ أطرافا مختلفة، فيجب على الحكومة أن تثبت أو تنفي الاتهامات وتكشف الحقيقة كي يقف هذا الجدل.

بالنهاية تقع على السلطة الكويتية اليوم مسؤولية تاريخية كبيرة في استمرار سياستها الخارجية المعتدلة والمتوازنة والعمل على تماسك وتوحيد جبهتها الداخلية، وذلك بتحقيق انفراج سياسي يطوي صفحة الأزمة السياسية الممتدة تسع سنوات، وهي مسؤولية الشعب أيضاً بتعزيز ثقافة الانتماء الوطني وتكاتف وتلاحم أبنائه للخروج من هذا النفق المظلم، وآمل ألا ندفع ثمن تلك المقامرة.

حفظ الله الكويت وشعبها وجميع شعوب المنطقة من كل شر.

- "الدول الرأسمالية إذا مرت بضائقة مالية فإنها تعمد إلى إشعال الحروب وذلك لتشغيل أسواق الأسلحة والصناعة لديها". (كارل ماركس)

back to top