حكومة تصريف الأنظار!

التشكيل الوزاري يضم مجموعة قد تكون الأغلبية في مجلس الوزراء من حملة شهادات الدكتوراه بالإضافة إلى أصحاب الخبرة إلى جانب التنوع العمري الذي شمل عددا من الشخصيات الشبابية، كما أن المواقف السياسية والمبادئ التي وثقها بعض الوزراء الحاليين في الماضي، خاصة ما يتعلق بالنقد للأداء الحكومي ومحاربة الفساد وتقديم رؤى طموحة، قد يجعلهم تحت المطرقة والسندان، حيث المتوقع أن يكون الأداء الحكومي كما في السابق، إذ يغرق الوزراء بالمشاكل اليومية ويتم توريطهم بتعقيدات الوزارة والمناصب القيادية فيها والإملاءات السياسية التي تفرض عليهم كمجرد موظفين كبار، بمعنى أن النهج الحكومي وسياسة إدارة الدولة بعقلية الفلسفة السيادية التي لا يسمح لهم بالخوض فيها، ناهيك عن المشاركة في إعداد تصوراتها وأهدافها، والنتيجة هي إما أن يتحول هؤلاء إلى مجرد أدوات في ظل سياسة "إن شاء الله طال عمرك"، أو يتم التضحية بهم عند أية مواجهة أو ترضية للمعازيب الكبار، فمنذ التحرير تم تصفية الكثير من العقول النيرة والضمائر الحية ورجال الدولة، فلا استفادت الحكومة من جهودهم ولا شعبياً ظلوا في الأضواء، وقد يكون هذا المصير المحتوم لعدد من الوزراء الجدد.التحدي السياسي للوزارة الجديدة أيضاً كبير، فوزارة برئيس جديد ووزراء لأول مرة أمام ملفات ضخمة ومتورمة ووقت قصير من الصعب أن تضيف ما هو لافت واستثنائي، والمجلس في أيامه الأخيرة وبعد سبات طويل سوف يستعرض عضلاته لإظهار بطولات ما قبل الانتخابات، وهذا ما تم الإعلان عنه في تصريح رئيس مجلس الأمة المبطن بالتهديد وتوّعد بعض النواب لعدد من الوزراء ليس على برنامج عمل الحكومة الجديدة أو محاصرتها في مواجهة الملفات التي أسقطت الحكومة السابقة، إنما على خلفيات شخصية وسخيفة كالنبش في آراء سابقة أو تغريدات قبل عقد من الزمن أو لأنهم فشلوا في فرض أسماء المقربين في التشكيل الوزاري الأخير.خلاصة القول إن الوصف الذي يمكن إطلاقه على التشكيل الوزاري الجديد هو حكومة تصريف الأنظار، فالمسرحيات السياسية القادمة سواءً من الحكومة نفسها أو من بعض النواب سوف تؤدي عمداً أو جهلاً إلى نسيان هموم البلد، وملفات الفساد والمستقبل المجهول وإلهاء الناس في صراعات مذهبية وقبلية وفئوية، وعندها لا طبنا ولا غدا الشر!