«خوف»... ترامب في البيت الأبيض (الحلقة 9)

الانقسام العرقي تجلى بقوة في موقف ترامب والعنصريين البيض من متظاهري شارلوتسفيل

نشر في 10-12-2019
آخر تحديث 10-12-2019 | 00:05
يتحدث كتاب «خوف... ترامب في البيت الأبيض» عن تاريخ ترامب منذ 2010 حتى تاريخ صدور الكتاب 2018، وعن تجاهل مساعدي الرئيس لأوامره في أحيان كثيرة، أو سعيهم لمنع إصدارها، ويوضح أن ترامب كان يمارس ضغوطاً «هستيرية» على موظفيه، لتنفيذ أوامر يمكن أن تؤدي إلى أزمات كبرى، ولا يترك أمامهم خياراً سوى تجاهل أوامره.

ويقدِّم الكاتب بوب وودورد في كتابه، الذي قسَّمه إلى 42 فصلاً، أمثلة عن الفوضى وانعدام الانضباط والنظام داخل البيت الأبيض خلال عهد ترامب، ويذكر وصف عدد كبير من مقربي ومساعدي ترامب له بالأحمق والكذاب، وأن من هؤلاء المساعدين السابقين والحاليين مَن كان يُخفي وثائق مهمة عنه، لمنعه من التوقيع عليها، أو العمل خلاف أوامره، وكأن الوضع أشبه بانقلاب إداري. والكتاب أُعد استنادا لمقابلات مع وزراء ومسؤولين في الإدارة الأميركية، فقدم صورة مروعة لترامب الذي يواصل حربه المفتوحة على المسؤولين، كطلبه من وزير الدفاع ماتيس اغتيال الرئيس السوري بشار الأسد بعد الهجوم الكيماوي على بلدة خان شيخون عام 2017، ورد ماتيس على ترامب بالموافقة على طلبه، لكن بعد انتهاء المقابلة مع ترامب أكد ماتيس لأحد مساعديه أنه لن ينفذ شيئاً مما طلبه ترامب.

وذكر الكاتب عن ماتيس وصفه مدى إلمام ترامب بالقضايا الخارجية، بأنه يعادل معرفة طالب في الصف الخامس أو السادس الابتدائي، وجاء أيضاً فيه أن المستشار الاقتصادي لترامب غاري كوهين، وسكرتير البيت الأبيض روب بورتر، أخفيا بعض الأوراق عن طاولة ترامب، لمنعه من التوقيع عليها، وأنها تتعلق بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية التجارة الحُرة لأميركا الشمالية، المعروفة باسم «نافتا»، والانسحاب من اتفاقية التجارة مع كوريا الجنوبية.

ويذكر الكاتب أن ترامب شبَّه رئيس موظفي البيت الأبيض السابق رينس باريبوس بـ»جرذ لا يتوقف عن الجري»، وقال لوزير التجارة الأميركي ويلبر روس إنه لا يثق فيه، بقوله: «لا أريد منك أن تقود أي مفاوضات بعد الآن، لقد أضعت فرصتك».

ويورد كذلك أن علاقة وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون مع الرئيس لم تعد إلى طبيعتها، بعد أن انتشرت تقارير جاء فيها أن تيلرسون وصف ترامب بأنه أرعن. وفيما يلي تفاصيل الحلقة التاسعة:

في العشرين من يوليو 2017 دعا بريبوس جميع كبار الموظفين إلى اجتماع يبحث موضوع الهجرة، وقدَّم المستشار السياسي ستيفن ميلر لترامب عرضا كان شبيها، في نظر البعض، بقائمة تسوق للقضايا المثارة، وهي: الجدار الحدودي، ضبط الحدود، إلقاء القبض والإفراج، قضاة الهجرة، قرعة التنوع، المدن الملاذ، قانون كايت، وهو القانون الذي يضاعف العقوبات على الأشخاص الذين يحاولون معاودة الدخول بطريقة غير شرعية إلى الولايات المتحدة، بعد أن كانوا قد رُحِّلوا، والهجرة التسلسلية.

قال ميلر: «علينا اختيار القضايا الرابحة، تلك التي يعتبرها الديمقراطيون قضايا سيئة، وعلينا عندها أن نقنع مجلس الشيوخ بتولي التصويت على مسائل حساسة صعبة، مثل قطع التمويل عن المدن الملاذ»، فاعتراض كوشنر على استراتيجية ميلر، وخالف بريبوي كوشنر الرأي.

وأجرى ماتيس وغاري كوهن عدة محادثات هادئة حول «المشكلة الكبيرة». لم يستوعب الرئيس أهمية الحلفاء في الخارج، ولا قيمة الدبلوماسية، أو أهمية العلاقة بين الجيش والاقتصاد، أو الشراكة الاستخبارية مع الحكومات الأجنبية، فكان أحد أسباب المشكلة يتمثل في اعتقاد الرئيس أن العجز التجاري السنوي، البالغ 500 مليار، أضرَّ باقتصاد أميركا، ورغم توضيح كوهن لترامب فوائد التجارة الحُرة، فإنه مضى في حملة لفرض الرسوم الجمركية والكوتا.

«أميركا أولاً»

وفي صباح يوم الخميس العشرين من يوليو 2017 اجتمع ترامب مع ماتيس وكوهن وكانت فكرة "أميركا أولا" لا تزال تسيطر عليه.

فقال بانون للجميع: «تمهلوا للحظة، لنكن واقعيين»، وانتقى واحدا من الاتفاقات الدولية الأكثر إثارة للجدل التي تربط الولايات المتحدة بهذا النظام العالمي. يريد الرئيس سحب الثقة من الاتفاق الإيراني، وأنتم أيها الناس تبطئون سيره، إنه اتفاق رهيب يريد سحب الثقة منه، ليتمكن من إعادة التفاوض، فترامب لن يكتفي بتمزيقه، وفق ما وعد بالحملة.

فقال ترامب: «ذلك ما أتحدث عنه. لقد وضح موقفي للتو، يتحدثون عن جميع هؤلاء الأشخاص بوصفهم حلفاء، ليس هناك أي حليف، أجيبوا عن سؤال ستيف: مَنْ الذي سيدعمنا؟».

وانطلق الرئيس في هجوم شديد في إشارة إلى قائد أفغانستان، الجنرال جون نيكولسون، الذي لم يكن حاضراً، «لا أعتقد أنه يعرف كيف يربح، لا أعتقد أنه رابح، لا نرى أي انتصارات».

وانتقل ترامب إلى واحدة من قضاياه المفضَّلة، حيث أراد فرض رسوم على الفولاذ والألمنيوم والسيارات المستوردة، وتساءل: «لماذا لا يعلن منوشين أن الصين تتلاعب بالعملة، كما أراد له أن يفعل؟»، وشرح منوشين أن الصين كانت منذ سنوات مضت تتلاعب بالعملة، لكنها لم تعد تفعل، فقال ترامب: «لا أريد سماع ذلك، فذلك كله هراء»، وأضاف بغضب: «إننا ننفق 3.5 مليارات دولار في السنة لتكون لنا قوات بكوريا الجنوبية، ولم يتمكن الجنوب من أن يقرر هل يريد نظام ثاد THAAD المضاد للصواريخ أم لا؟ وهل سيدفعون ثمنه أم لا؟».

فقال كوهن، معارضا الرئيس مباشرة: «الكوريون الجنوبيون يوفرون لنا السلع اللعينة المدعومة. الاتفاق التجاري جيد لاقتصاد الولايات المتحدة، نشتري أروع أجهزة التلفزة في العالم بـ 245 دولاراً، ما يعني أن الناس ينفقون أموالا أقل على أجهزة التلفاز، وأموالا كثيرة على منتجات أخرى في الولايات المتحدة، ولو أن الولايات المتحدة سحبت قواتها لتطلب الأمر بغية الشعور بالراحة المزيد من مجموعات حاملات الطائرات في ذلك الجزء من العالم»، وأعلن كوهن أن تكلفة ذلك قد تكون عشرة أضعاف.

فقال الرئيس: «3.5 مليارات دولار لثمانية وعشرين ألف جندي. لا أعرف سبب وجودهم هناك، فلنعدهم جميعهم إلى الديار»، فقال كوهن: «ما الذي تحتاج إليه كي تنام قرير العين؟»، فردَّ ترامب: «لن أحتاج إلى شيء لعين»، فأعلن بريبوس نهاية الاجتماع، وخرج ترامب، وبدا تيلرسون وكأنه فقد أنفاسه، لأن الرئيس تحدَّث عن الجيش الأميركي كقوة مرتزقة للإيجار.

مداخلات تيلرسون في مجلس الأمن القومي

استهدفت مداخلات تيلرسون في مجلس الأمن القومي، التي تمثل رغبته بإعادة الشروع في العملية المشتركة بين الوكالات، الاستراتيجية حول إيران والعراق ولبنان وحزب الله وسورية والصين وكوريا الشمالية وهزيمة «داعش».

وكانت إعادة التأطير تثير إعجاب البعض في اجتماعات كبار الموظفين، بمن فيهم كل الجالسين إلى الطاولة وفي المقاعد الخلفية، ورأى آخرون أن عروضه تقليدية، وكان تيلرسون يعرض حججه من أجل المزيد من التكامل الاقتصادي.

في ذلك الوقت من يوليو، قال الرئيس بنبرة توبيخية إن العراق وأفغانستان وسورية مناطق الحرب الرئيسة الثلاث تمثل مأزقا، وقد ضاق ذرعا بكونها مشكلاته. وقال: «لا للموارد الضخمة التي نواصل إنفاقها في تلك البلدان. بات علينا فقط أن نعلن النصر، وننهي الحروب، ونعيد جنودنا إلى الديار».

كان ترامب يشرح للذين يقضون معظم الوقت في المكتب البيضاوي، أن الأمر في الشؤون الخارجية مرتبط بالعلاقات الشخصية، وقال عن الرئيس الصيني: «أتمتع بعلاقة شخصية جيدة بالفعل مع شي. لدينا كيمياء جيدة. شي يحبني، وعندما زرت بكين فرش لي السجادة الحمراء».

ولما حاول ماكماستر شرح أن شي كان يستغل الرئيس، فالصين تمارس اقتصادا عدوانيا، وتخطط لتصير رقم واحد في العالم، قال ترامب إنه يدرك ذلك كله، لكن علاقته مع شي تبطل كل تلك المشكلات.

شارلوتسفيل

في إحدى نهايات أسبوع أواسط أغسطس، وبالشهر السابع على رئاسة ترامب، دخل مئات من العنصريين البيض في نزاع عنيف مع متظاهرين في شارلوتسفيل بفرجينيا، مبرزين بشكل صارخ الانقسام العرقي في أميركا.

فدعا ترامب في تغريدة إلى الهدوء: «علينا جميعا أن نكون متحدين، وندين كل ما يرمز إليه ذلك الحقد. لا مكان لهذا النوع من العنف في أميركا. دعونا نلتقي معاً كشخص واحد».

وفي توقيع روتيني لمشروع قانون يتعلق بقدامى المحاربين في وقت لاحق من بعد الظهر كان في يد ترامب نص كله إدانة، انتهى بعبارة «عنف». قال ترامب: «ندين بأقوى العبارات الممكنة هذا العرض الفاضح للبغضاء والتعصب الأعمى والعنف»، لكنه خرج عن النص، وأضاف: «من أطراف كثيرة»، فقد عزف ترامب على وتر حساس بعبارة «أطراف كثيرة»، ما أوحى بأنه يعادل بين النازيين الجدد وأولئك الذين يعارضون العنصرية البيضاء.

وغرَّد رئيس مجلس النواب بول رايان، قائلا إن العنصرية البيضاء آفة، ويجب مواجهة هذا الحقد، وما ينتج عنه من إرهاب وهزيمته. وظهر السيناتور الجمهوري ميت رومني على «فوكس نيوز صنداي»، وقال: «الرئيس يحتاج إلى أن يصوب الأمور هنا»، وأضاف نائب الرئيس بنس: «لا نتسامح مع حقد العنصرين البيض والنازيين الجدد والكو كلوكس كلان ولا مع إرهابهم».

ودافع ترامب عما قاله: «ليس الأمر، وكأن طرفا واحدا يمتلك أي نوع (من الاحتكار) للحقد أو التعصب الأعمى، وليس ما حدث، وكأن جماعة واحدة مخطئة، أو أي شيء من هذا القبيل، ولن يحصل المرء من الإعلام أبداً على معاملة منصفة، فأي شيء يقوله أو يفعله سيتعرض للانتقاد».

بعدها قال ترامب لمشاهدي التلفزيون الوطني: «وزارة العدل كانت قد فتحت تحقيقا متصلا بالحقوق المدنية. كل مَن تصرف بالعنف العرقي في عطلة نهاية الأسبوع سيكون عرضة للمساءلة الكاملة».

وقال مراسل «فوكس»، كيفين كورك: «قام السيد ترامب بتصحيح المسار في غضون 48 ساعة على التحدي الداخلي الأكبر لرئاسته الحديثة»، وأثار الإيحاء بأنه كان اعترافا بارتكابه خطأ، وبأنه كان غير مستقر، سخط الرئيس، فعاد إلى حجته الأساسية، بأن الملامة تقع على الطرفين.

«ميرك» شركة صناعة الأدوية

وتطورت الأحداث، وازداد عدد المستائين من موقف ترامب، فأعلن كينيث فرايزر، رئيس شركة صناعة الأدوية العملاقة (ميرك)، استقالته من مجلس الصناعة الأميركي هو ومجموعة من المستشارين الخارجيين للرئيس في مجال الأعمال، فهاجمه ترامب على «تويتر»، وكتب: «الآن وقد استقال فرايزر سيتسع له الوقت لخفض الأسعار النهائية للأدوية»، فلحق الرئيسان التنفيذيان لـ«أندر أرمور» و«إنتل» بفرايزر، واستقالا هما أيضا من المجلس.

ولما أراد كوهن أن يلحق بهم، قال له ترامب: «الجميع يريدون مركزك. ارتكبتُ خطأ عظيما بمنحك إياه». وتحوَّل ترامب إلى محاولة إشعار كوهن بالذنب: «أنت تقود سياستنا، وإذا غادرت الآن فسينتهي أمر الضرائب. لا يمكنك القيام بهذا». كان كوهن قد قضى شهورا وهو يعمل على خطة الخفض الضريبي، وكان بوسط النقاشات في تلة الكابيتول يعمل على مشروع ضخم ومعقد.

واختار كوهن أن يعرف بوجهات نظره في مقابلة مع «فايننشال تايمز»: «يمكن للإدارة أن تفعل، بل عليها أن تفعل ما هو أفضل، وقد تعرضت لضغط هائل للاستقالة والبقاء معاً، وأشعر أيضا أنني مضطر إلى التعبير عن شدتي، فلا يمكن للمواطنين الذين يدافعون عن المساواة والحُرية أن يتساووا أبدا مع العنصرين البيض والنازيين الجدد والكو كلوكس كلان».

بانون يحذر من العواقب

عمد بانون في خضم الاشتباكات التي اندلعت بمدينة شارلوتسفيل إلى مهاتفة كيلي، فقال: «ما لم تباشروا بالاستعانة داخل البيت الأبيض بأفراد قادرين على تصحيح أفعاله، فسوف تكون العواقب وخيمة. عليكم القيام بذلك».

وقال بانون: «لم يخرج أحد من الإدارة العليا في البيت الأبيض ليدافع عن الرئيس، وإذا جرت محاصرته من كل جانب، فعندئذ ستصبحون فريسة سهلة لخصومة في الكابيتول هيل (الكونغرس). عليكم أن تبادروا إلى حماية الرجل»، فسأله كيلي: «هل تود حقاً تولي هذه المهمة؟»، لكن بانون لم يكن يمتلك حلاً، وأخبره بأنه سيستقيل، وسيرحل يوم الجمعة.

15 اقتصادياً يحثون الرئيس على عدم فرض رسوم على الفولاذ

في 12 يوليو 2017 كان 15 رئيسا سابقا لمجلس الاستشاريين الاقتصاديين، وهو المجلس الرسمي ذو القدرة العالية المؤلف من أكاديميين اقتصاديين، بعثوا برسالة إلى ترامب يحثونه فيها على «عدم الشروع في عملية فرض رسوم على الفولاذ، لأن ذلك سيضر بالعلاقات مع حلفاء أساسيين، ويضر في الواقع باقتصاد الولايات المتحدة».

وكان من الموقعين على الرسالة فريق من نخبة الجمهوريين والديمقراطيين هو: رئيسا الاحتياطي الفدرالي السابقان آلن غرينسبان وبن برنانكي، وكبيرة المستشارين الاقتصاديين في إدارة كلينتون لورا تايسون، والحائز جائزة نوبل جوزف ستيغليتز.

خلفت الأيام العشرة الأخيرة من يوليو 2017 ندوبا، حيث كان ترامب قد وظف يوم الخميس 27 منه أنتوني سكارا موتشي، وهو مصرفي استثماري متهور وقديم آخر من قدامى «غولدان ساخس»، مديرا للاتصالات، رغم معارضة بريبوس الشديدة. وفي صباح اليوم التالي سقط تعهد ترامب إلغاء «أوباماكير»، وألقى ترامب بالملامة على بريبوس، فقد كان يفترض به أن تكون له علاقات وثيقة بالزعماء الجمهوريين، ولم تنفع كل محاولات بريبوس في الشرح، لأن ترامب لم يصدقه.

ومع أن بريبوس قدَّم استقالته في الليلة السابقة، بعد أن ضاق ذرعا، وعرف أنه بات عديم الجدوى لترامب، فإن ترامب أعلن في تغريدة رئاسية: «يسرني أن أبلغكم بأنني عينت للتو الجنرال الوزير جون كيلي رئيسا لموظفي البيت الأبيض. إنه أميركي عظيم».

ترامب يخالف حدسه ويبقي على قواته في أفغانستان

في 18 أغسطس 2017، وفي اجتماع مجلس الأمن القومي، دعا سيشنز وكيلوغ إلى سحب القوات من أفغانستان، وطرح بومبيو، مدير المخابرات المركزية، فكرة التوسع في دور القوات شبه العسكرية التابعة للمخابرات، عوضا عن إرسال قوات إضافية، وقد اتفق مع بانون على ذلك مسبقا. وفي المقابل تحدث ماكماستر عن تعزيز القوات بأربعة آلاف جندي إضافي.

وقال ترامب: «لقد سئمت من سماع هذا، لأن كلامكم هذا ينطبق على أي دولة أخرى في العالم، وأنتم تقولون دائما إن تنظيم الدولة الإسلامية منتشر في كل مكان، وإن بمقدوره شن هجوم علينا، ونحن في المقابل لا يمكن أن نكون بكل مكان».

كانت غضبة ترامب موجهة بالأخص إلى جنرالاته، «أنتم مَن خلقتم هذا الوضع الكارثي، وأنتم مَن خططتم لتلك الفوضى في أفغانستان، وصنعتم تلك المشكلات. أقول لكم إنكم، ورغم ذكائكم، جزء من المشكلة، وقد عجزتم عن حلها، بل تزيدون الطين بلة».

وكان لماتيس، بأسلوبه الهادئ، تأثير كبير في اتخاذ القرار، وهو ليس تصادميا بطبعه، ويفضل عوضا عن ذلك انتهاج المزيد من القوات، فقال إن «الانسحاب الآن يعني إيجاد بيئة خصبة لتنظيمات على غرار تنظيم الدولة الإسلامية، وهو تنظيم له حضور بالفعل هناك في أفغانستان». وبدوره هاتف بانون بومبيو: «ما الذي جرى؟ قمنا بكل تلك التمهيدات، لكي تستغل الفرصة أنت. بذلت ما في وسعي، ولديَّ جبهات أخرى عليَّ الانتصار فيها».

وخلال اجتماع مجلس الأمن القومي، الذي عُقد في 18 أغسطس، اعتمد ترامب استراتيجية ماكماستر، التي أوجزت في مذكرة قوامها 60 صفحة، ووقع عليها ماكماستر في 21 أغسطس، والتي تتضمن توفير المزيد من العتاد والتدريب، وإعادة التنسيق مع الإدارة المدنية في أفغانستان لعقد انتخابات وإعادة صياغة البيئة الأمنية»، وفوض ترامب ماتيس إدراج «طالبان» وشبكة حقاني الإرهابية في قائمة القوى المعادية.

ولما أجرى بانون حوارا مع روبرت كوتنر، من مجلة أميركان بروسبكت، ذات التوجه الليبرالي، وألمح خلاله إلى أن لهجة ترامب الهجومية ونهج النار والغضب تجاه تهديدات كوريا الشمالية، هي استراتيجية خداع في الحقيقة، قرر ترامب إقالته، رغم أنه كان قلقاً من الدخول معه في حرب كلامية مطولة.

وليلة الاثنين 21 أغسطس تقرر أن يلقي الرئيس خطابا يبث عبر التلفزيون الوطني يتحدث فيه عن الاستراتيجية المزمع تنفيذها في أفغانستان أمام حشد عسكري في فورت ماير بفيرجينيا، ولم تكن تلك بالمسألة الروتينية، فقد كان هذا الخطاب أحد أوائل الخطابات الرسمية التي يلقيها ترامب، ويعلن فيه إحدى السياسات أمام حضور كبير.

وقال ترامب: «كان حدسي في البداية يميل إلى سحب القوات من هناك، وقد تعلمت من خبراتي أن أتبع حدسي»، وكرر ثلاث مرات أن «الهدف هو تحقيق النصر»، وقال: «لن نتحدث عن أعداد القوات، أو عن بقية مخططاتنا العسكرية»، وتشبث ترامب بخطاب النصر، ومنح الجناح العسكري ما يريده، وبالتالي حفظ ذلك الجناح ماء وجهه، ولم يضطر إلى الإقرار بهزيمته.

* المؤلف: بوب وودورد

في اجتماع للرئيس بالبنتاغون في 20 يوليو 2017 بدا تيلرسون كأنه فقد أنفاسه لأن الرئيس تحدث عن الجيش الأميركي كقوة مرتزقة للإيجار

مداخلات تيلرسون في مجلس الأمن القومي استهدفت الاستراتيجية حول إيران والعراق ولبنان وحزب الله وسورية والصين وكوريا الشمالية و«داعش»

ترامب كان يرى أن العراق وأفغانستان وسورية مناطق الحرب الرئيسة الثلاث تمثل مأزقاً وقد ضاق ذرعاً بكونها مشكلاته

في اشتباكات شارلوتسفيل طلب بانون من كيلي تصحيح أفعال ترامب حتى لا تكون العواقب وخيمة

باجتماع مجلس الأمن القومي في 18 أغسطس 2017 دعا سيشنز وكيلوغ إلى سحب القوات من أفغانستان

الرئيس غضب من عدم بت كوريا الجنوبية بشأن حاجتها لنظام «ثاد» المضاد للصواريخ الذي يكلف 3.5 مليارات دولار في السنة
back to top