الليرة المخزوقة تشبه لبنان

نشر في 08-12-2019
آخر تحديث 08-12-2019 | 00:08
نحن اليوم نحتاج رجالات دولة لا قطاع طرق، رجالات تبني دولة لا مزرعة، دولة تجمع المسيحي مع المسلم تحت سقف القانون والمواطنة، ليستقوي بها دون غيرها من الأمم والدول، ويكون جديراً بأن يقدم نفسه للعالم بأنه لبناني فقط، نحتاج إلى غسل عقولنا وتنظيفها من كل أوساخ الطائفية.
 حمزة عليان أبو عفيف كريدية: لبناني من جيل الخمسينيات يرمز إلى البساطة والعفوية، وإلى ابن الشارع البيروتي المتواضع.

رياض الصلح: سياسي لبناني عريق، وأول رئيس حكومة بعد الاستقلال، ومن بناة الجمهورية الجديدة.

بشارة الخوري: أول رئيس جمهورية بعد إعلان ميثاق 1943 الذي أرسى قاعدة التعايش بين المسيحيين والمسلمين.

لمن لا يعرف تاريخ لبنان السياسي الحديث نحاول تقريب الصورة، ونقرأ ما يحدث اليوم في الشوارع والساحات، خاصة "غزوة جسر الرينغ ورياض الصلح"، والتي قد تولد حالة انقسام بين اللبنانيين وتضع البلد في مهب الريح، والكل يفوتون في حوائط مسدودة لن تنفع بعدها التسويات ولا المحاصصات، ونقارن بينها وبين الأمس القريب لعل في استحضار المشهد ما يفيد أو يكون عبرة لهم.

في تلك الفترة أي في الخمسينيات من القرن الماضي حدثت مشاغبات وهاج الشارع اللبناني ونزلت الناس إلى الساحات، خاف رئيس الجمهورية بشارة الخوري من عواقب التظاهرات، وبعد أن علم أن رياض الصلح موجود في إحدى الساحات سارع للاتصال به وأبلغه بضرورة أن يعمل على تهدئة المتظاهرين بأي وسيلة كانت، وبأنه سيكلفه بتشكيل الحكومة بمجرد أن تهدأ النفوس ويرتاح الشارع. فما كان منه، أي رياض الصلح، إلا أن أشار إلى أبو عفيف كريدية بالاقتراب منه وأعطاه ليرة لبنانية وتمنى عليه أن يذهب إلى أقرب دكان ليشتري له علبة سجائر. وعندما أمسك أبو عفيف الليرة وجدها مخروقة ليوجه كلامه إلى رياض الصلح وبلهجة أهل بيروت بألا أحد يقبل بهذه الليرة لأنها مخزوقة ونصها مقسوم تقريبا، رد عليه الرئيس الصلح وكان رجلا في غاية الدهاء والمعرفة بأحوال لبنان وطوائفه: "يا أبوعفيف لبنان متل الليرة إذا كان مقسوم ما حدن راح يسأل عنه، روح هدئ الجماعة المتظاهرين ويروح كل واحد على شغله وبيته، هالبلد ما بيقلع إلا بمسيحييه ومسلميه".

نحن اليوم نحتاج رجالات دولة لا قطاع طرق، رجالات تبني دولة لا مزرعة، دولة تجمع المسيحي مع المسلم تحت سقف القانون والمواطنة، ليستقوي بها دون غيرها من الأمم والدول، ويكون جديراً بأن يقدم نفسه للعالم بأنه لبناني وبس.

نحتاج الى غسل عقولنا وتنظيفها من كل الأوساخ التي علقت بها من وسخ الطائفية والاستزلام والارتزاق من الداخل وعدم الارتهان للخارج أيا كان. فهل نحن فاعلون؟

كفى بهدلة وحرمنة واستذباحا على المحاصصات الطائفية والسير مثل القطعان وراء أوباش يدعون تمثيلهم للطوائف.

لبنان ينتفض وهذه فرصة تاريخية للتغيير للتخلص من صيغة حكم أنتجت أحزابا عنصرية وتعصبا طائفيا وحروباً أهلية وبالوكالة كل عشرة سنوات أو عشرين سنة!!

back to top