«انتفاضة البنزين» في إيران تتسع... و«الحرس» يلوِّح بالتدخل

إحراق عشرات المصارف ومهاجمة مقار لـ «الباسيج» وإحباط محاولة اغتيال ممثل خامنئي في يزد
● بدء دفع «مساعدات» لـ 60 مليون إيراني

نشر في 19-11-2019
آخر تحديث 19-11-2019 | 00:05
نقطة شرطية أحرقها المتظاهرون في أصفهان أمس الأول (أ ف ب)
نقطة شرطية أحرقها المتظاهرون في أصفهان أمس الأول (أ ف ب)
تواصلت انتفاضة البنزين في طهران، بينما ألمح «الحرس الثوري» إلى احتمال تدخله في قمع الاحتجاجات إذا استمر الشغب، وذلك مع إقدام المحتجين على إحراق عشرات المصارف ومقار الباسيج.
لليوم الرابع على التوالي، شهدت إيران أمس، تظاهرات عنيفة، احتجاجاً على قرار حكومة الرئيس حسن روحاني، رفع أسعار الوقود وتقنين الدعم شارك فيها الآلاف، بينما تصاعدت حصيلة القتلى لتتجاوز الـ 40 قتيلاً، وتواصلت حملة الاعتقالات وسط تمديد قرار قطع الإنترنت وإغلاق المدارس والجامعات.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، أن الوضع بات "أكثر هدوءا"، لكن البلاد لا تزال تواجه مشكلات مع "أعمال شغب"، متوقعاً انتهاء الاحتجاجات خلال يومين على الأكثر.

وواصلت الحكومة الدفاع عن قرار رفع أسعار الوقود. وقال ربيعي، إن القرار كان ضروريا في وقت تشهد فيه البلاد عقوبات وضغوطا غير مسبوقة، مؤكدا أن "الحكومة حصلت على موافقة السلطتين الأخريين (التشريعية والقضائية) والمرشد الأعلى قبل اتخاذ القرار". واعتبر أن الرئيس روحاني "ضحى بنفسه من أجل مصلحة البلاد والشعب".

تظاهرات

وفي طهران، اندلعت اشتباكات وإطلاق نار وقنابل مسيلة للدموع وكر وفر في حي تهرانسر، غرب العاصمة. وأحرق البنك الوطني في سلطان أباد بطهران.

وأعلن حاكم اسلام شهر، ثاني أكبر مدينة في محافظة طهران، مقتل متظاهر لدى اقتحام المحتجين لمركز للباسيج في تشهار دانغة.

وقالت وكالة مهر، إن عنصرا من الباسيج قتل في اشتباكات بمدينة ملارد في محافظة طهران. وكان محتجون أعلنوا سيطرتهم على بلدة سراسياب التابعة لمنطقة ملارد، واحرقوا مقر "الباسيج" في البلدة ومصارف تقع قربه. وصرح المتحدث باسم مجلس بلدية طهران بأن السلطة المحلية تدرس إمكانية تعيين أماكن مخصصة للتظاهر.

وفي أصفهان، أحرق بنوك "ملي (الوطني)" و"ملّت (الشعب)" و"سينا" ليل الأحد- الاثنين. وقطع محتجون الطرقات في منطقة فرديس في كرج، وتجمعوا عند تقاطع ميان جادة وأشعلوا مستودعات النفايات.

وأكد مسؤول مصرفي في لورستان أن 36 مصرفاً في خرّم أباد تضررت. وأحرق مقر للشرطة في شيراز، بعد ساعات على قيام المتظاهرين بتوزيع الورود على عناصر الأمن للتعبير عن السلمية.

وتم إحراق مصرف "ملي" الحكومي في بلدة ساوة، ومصرف "مسكن" في بلدة كيانشهر.

وأفاد الإعلام الرسمي الإيراني بإحباط عملية اغتيال ممثل المرشد الإيراني وخطيب صلاة الجمعة، ناصري يزدي، في مدينة يزد وسط إيران وإلقاء القبض على عدد من المهاجمين وهروب عدد آخر منهم.

في سياق متصل، اعتقل الحرس الثوري الإيراني 150 من مثيري الشغب في مدينة كرج غرب العاصمة طهران، والمعتقلون أقروا بتلقيهم تدريبات داخل وخارج البلاد على مهاجمة الممتلكات العامة وحصولهم على أموال لتنفيذ ذلك. كما تم اعتقال 180 شخصا خلال اضطرابات شهدتها محافظة خوزستان جنوب غرب البلاد، بحسب وسائل إعلام إيرانية. ويضاف هؤلاء إلى أكثر من ألف موقوف، قالت وكالة "فارس"، إنهم اعتقلوا منذ مساء الخميس.

وحسب ما أكده مصدر في شرطة التحري، فإن الأجهزة الأمنية اعتقلت يومي السبت والاحد الماضيين نحو 4 آلاف من الأشخاص الذين يعتبرون من المحرضين الأصليين على الاحتجاجات، عبر اقتحام منازلهم بعد أن تم رصدهم من خلال كاميرات المراقبة المُركّبة في الشوارع. وارتفع عدد النواب المستقيلين احتجاجاً على القرار إلى 15.

الحرس الثوري

إلى ذلك، وفي أول موقف له حذر الحرس الثوري المحتجين المناهضين للحكومة من إجراء "حاسم" إذا لم تتوقف الاضطرابات التي بدأت بسبب رفع أسعار البنزين.

وبدا أن التحذير يلمح إلى حملة تلوح في الأفق ضد الاحتجاجات. وقال الحرس في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية: "إذا تطلب الأمر فسنتخذ إجراء حاسما وثوريا ضد أي تحركات مستمرة لزعزعة السلام والأمن".

وعلمت "الجريدة" من مصدر في "الحرس" أن اجتماعاً صاخباً جرى أمس الأول بين المرشد الاعلى وقادة الحرس حول قرار رفع أسعار الوقود. وأضاف المصدر أن قادة "الحرس" تمكسوا برفضهم للقرار رغم تصريحات خامنئي الداعمة له في وقت سابق.

وقال المصدر إن قام قائد الحرس اللواء الركن حسن سلامي ذكر المرشد بتقرير رفعه هو الى روحاني نبهه فيه الى محاولات جر الاحتجاجات من لبنان والعراق الى ايران، وان قرار الحكومة ساعد هذه المخططات.

واتهم "الحرس" روحاني وحكومته بأنهم يسعون لإيصال البلاد الى حافة السقوط كي يضطر النظام قبول مفاوضات بين روحاني والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وحسب المصدر، فإن خامنئي دعا الحرس الى دعم القرار، وانه لم يدعوهم للتشاور بل لضرورة مواجهة الاحتجاجات بقوة وبأسرع ما يمكن.

وقال المصدر إنه في النهاية تم الاتفاق أن يبقى "الحرس" في الخلفية، وتقوم الشرطة بتشكيل أول خط لمواجهة المعترضين، وتشكل قوات مكافحة الشغب الخط الثاني، ويشكل الحرس الثوري والباسيج الخط الثالث، حيث انه لا يدخل الميدان إلا اذا ما فشل الآخرون بصد المعترضين أو كانت المصالح العليا للبلاد تتعرض للخطر.

وحسب الاتفاق مع المرشد تقرر ان يقوم الحرس بالاعلان رسميا عن دعمه للحكومة في هذا الشأن، وينشر عناصره بلباس مدني في الشوارع كي يرصدوا تحركات المحتجين، ويساعدوا الاجهزة الامنية اذا ما اقتضت الحاجة. ومن هنا كان تحذير الحرس بالتدخل.

لاريجاني

من ناحيته، قال علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الايراني)، إن هدف الولايات المتحدة تجاه بلاده، ليس سوى "نشر الفوضى وتدمير مصالح الشعب". وأكد أن "المرشد رسم لنا طريق مواجهة الاحداث الاخيرة ومجلس الشورى لن يخالف توجيهاته".

وجاءت تصريحات لاريجاني، في إشارة إلى توجيهات علي خامنئي، الذي حذر جميع المسؤولين والمواطنين من تصرفات المحرضين وأعمال الشغب، وأكد على "أمن البلاد ووحدة جميع القوى في مواجهة هذه المؤامرة المتعددة الأطراف".

وأضاف لاريجاني أن "هذه الدسيسة تتضح أكثر خاصة بعد أن أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، حمايته العلنية والمثيرة للاشمئزاز لأعمال الشغب وحرق ممتلكات الناس، الذي يعتبره دفاعا عن الشعب الإيراني، مما يفضح سلوكه المخادع والمنافق تجاه الشعب الإيراني".

«الخارجية» وبومبيو

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كتب على "تويتر": "كما قلت للشعب الإيراني قبل نحو عام ونصف العام: الولايات المتحدة معكم". واعتبرت الخارجية الإيرانية في بيان صدر ليل الأحد تصريحات بومبيو إعراباً "عن الدعم لمجموعة من مثيري الشغب".

ونددت "الخارجية" بما وصفته بـ "التصريحات... التدخلية" الأميركية، معتبرةً أن "الشعب الإيراني يعلم جيدا أن مثل هذه التصريحات المنافقة والمزيفة لا تتضمن أي تعاطف صادق وحقيقي يعكس الحرص على مصلحته".

وأعلن البيت الأبيض أمس الأول أنه يدعم "الشعب الايراني في احتجاجاته السلمية ضد النظام الذي من المفترض أن يقوده". وقالت ستيفاني غريشام مسؤولة الاعلام في البيت الأبيض في بيان إن الولايات المتحدة "تدين القوة الفتاكة والقيود الصارمة المفروضة على الاتصالات"، منددةً بتجاوزات نظام "تخلى عن شعبه".

بدء دفع «مساعدات» لـ 60 مليون إيراني

بدأت الحكومة الإيرانية أمس دفع مساعدات مالية لـ60 مليون إيراني، وفق قرار رفع أسعار الوقود وتقنين الدعم.

وقال الرئيس حسن روحاني، مساء أمس الأول، إنه أصدر تعليماته لمنظمة التخطيط والموازنة لبدء دفع مساعدات مالية معيشية لـ18 مليون أسرة إيرانية، تشمل 60 مليون شخص، مضيفا ان عمليات الدفع ستبدأ لـ20 مليون شخص، على أن يبدأ الدفع لـ20 مليونا آخرين مع نهاية الأسبوع، ليدفع للـ20 مليونا الآخرين مع بداية الأسبوع المقبل.

ولفت الى ان الأسرة المكونة من شخص واحد ستتلقى شهريا 55 ألف تومان (سعر صرف الدولار = 11500 تومان)، وسيزداد المبلغ مع عدد أفراد الأسرة ليصل إلى 205 آلاف تومان لأسرة مكونة من 5 أشخاص فصاعدا.

back to top