متظاهرو بغداد «يتمددون» واتهام «الطرف الثالث» يعود

مسلحون مجهولون يغتالون ناشطاً مدنياً
● رسالة من «التحرير» إلى شعب إيران

نشر في 17-11-2019
آخر تحديث 17-11-2019 | 00:04
محتجون يزيلون كتلاً خرسانية عند جسر السنك بعد تقهقر القوات الأمنية وسط بغداد أمس           (رويترز)
محتجون يزيلون كتلاً خرسانية عند جسر السنك بعد تقهقر القوات الأمنية وسط بغداد أمس (رويترز)
تقدّم المحتجون في العاصمة العراقية بغداد على حساب القوات الأمنية، صباح أمس، واتجهوا نحو محاصرة المنطقة الخضراء الشديدة التحصين التي تضمّ مقار حكومية ودبلوماسية، في حين عادت وزارة الداخلية إلى الحديث عن وجود "طرف ثالث" يسعى إلى حرف التظاهرات ضد الحكومة والفساد عن مسارها، بهدف جرّ البلاد إلى الفوضى.
غداة تظاهرات حاشدة شهدت تعاملاً أمنياً حذراً تفادى إسقاط قتلى مع تواصل الاحتجاجات ضد الحكومة والطبقة السياسية والفساد التي انطلقت مطلع أكتوبر الماضي، سيطر المحتجون العراقيون على ساحة الخلاني الاستراتيجية وجزء من جسر السنك المؤدي إلى المنطقة الخضراء، التي تضم مقر البرلمان والحكومة والعديد من السفارات الأجنبية، بعد تقهقر القوات الأمنية.

واتجه المحتجون، صباح أمس، نحو محاصرة المنطقة الخضراء عقب تراجع القوات الأمنية، إثر ليلة من الاشتباكات العنيفة التي وقعت بعد مشاركة الآلاف في "جمعة الصمود".

وقررت قيادة عمليات بغداد سحب وحداتها من المنطقة التي كانت تفصل بينها وبين المتظاهرين كتل إسمنتية، مما سمح للمتظاهرين بالتقدم والاعتصام عند بداية السنك.

وتسلّق العشرات من المتظاهرين جدران مرآب كبير للسيارات يطل على نهر دجلة إلى جانب جسر السنك، ورفعوا لافتات مساندة للتظاهرات.

وجاء تراجع القوات الأمنية بعد تمكّنها، قبل أسبوعين، من منع المتظاهرين من التقدم إلى الجسر و"الخلاني"، وحصرها الاحتجاجات في ساحة التحرير القريبة. وكان المتظاهرون قد تمكنوا سابقا من السيطرة على 4 جسور حيوية تربط ضفتي نهر دجلة، وتصل شرق بغداد بغربها، حيث "المنطقة الخضراء".

لكنّ قوات مكافحة الشغب تمكنت قبل نحو أسبوعين من استعادة السيطرة على ثلاثة جسور والأحياء المجاورة لها، وإعادة المتظاهرين إلى ساحة التحرير وجسر الجمهورية بوابل من القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي.

انفجار وتفتيش

وشهدت ساحة التحرير مقتل شخص وإصابة العشرات بجروح ليل الجمعة - السبت ضمن تظاهرات "جمعة الصمود"، نتيجة انفجار غامض.

وبدأ المتظاهرون، أمس، بتفتيش جميع الداخلين إلى ساحة التحرير، تخوفاً من وقوع حادث مماثل. وكثّف المتظاهرون من وضع حواجز للتفتيش.

الطرف الثالث

في المقابل، عاد حديث السلطات العراقية عن وجود "طرف ثالث" يقوم بمؤامرات. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد المحنا، إن "هناك طرفاً ثالثاً يحاول تحريف مسار المظاهرات من السلمية إلى العنف".

وأوضحت خلية الإعلام الأمني، في بيان نقلا عن المتحدث باسم وزارة الداخلية، أن هناك مجموعات تسعى إلى جر البلاد نحو الفوضى.

وقالت الخلية، في بيان، إن تفجير ساحة التحرير وقع جراء "عبوة وضعت أسفل سيارة"، مشيرة إلى أن القوات الأمنية تجري تحقيقا لمعرفة ملابسات الحادث.

وناشدت المتظاهرين في ساحة التحرير وامتداداتها بالمحافظة على سلمية التظاهر في مناطق الخلاني والسنك وبالمحافظة على الأموال العامة والخاصة. وأعلنت فتح طريق ساحة الطيران الخلاني باتجاه شارع الجمهورية في العاصمة.

في موازاة ذلك، أوضح مصدر أمني أن 4 عبوات صوتية انفجرت شرق "التحرير"، 3 منها قرب محطة وقود الكيلاني، والرابعة في ساحة الطيران تحت خزان وقود إحدى السيارات، مما أدى إلى احتراقها.

من جهتها، دعت لجنة حقوق الإنسان النيابية إلى حماية المتظاهرين. وقالت إن "التفجيرات التي هزت بغداد ليلا تثبت وجود الطرف الثالث الذي يسعى إلى زعزعة الأمن ونشر الفوضى".

وطالبت الأجهزة الأمنية بكشف الجهات التي نفّذت التفجير الإرهابي الذي استهدف المتظاهرين السلميين.

ولاحقا، أفادت تقارير نقلا عن المتظاهرين في ساحة التحرير باغتيال الناشط المدني عدنان رستم على يد مسلّحين مجهولين في منطقة الحرية شمال بغداد، في وقت أعيد تشغيل ميناء أم قصر الاستراتيجي في البصرة، بعد أن أغلقه محتجون أمس الأول.

انحياز السيستاني

وتأتي تلك التطورات في وقت صعّدت المرجعية الدينية العليا من نبرتها الجمعة، مؤكدة دعمها للاحتجاجات التي تشهدها البلاد، ومشددة على أنها ستشكل انعطافة كبيرة في الوضع العام.

وجاءت خطبة الجمعة الأخيرة أكثر وضوحا للمرجعية منذ انطلاق موجة الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل 335 شخصا، وتخللها إحراق مقار لأحزاب وميليشيات مقربة من إيران.

وقال ممثل عن السيد علي السيستاني في خطبة الجمعة بكربلاء: "إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أنّ بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون".

وأضاف: "لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك".

وأكد السيستاني أن "المواطنين لم يخرجوا إلى التظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلا لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد". واعتبر أن الفساد في البلاد يتفاقم بـ "توافق القوى الحاكمة على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها في ما بينهم وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر".

وهذه المرة الأولى التي تقول فيها المرجعية إنها تدعم الاحتجاجات لا مطالبها فقط، فيما يعد انعطافة كاملة في الخطاب لمصلحة الشارع.

من جانب آخر، اتهم "الحشد الشعبي" مؤسسات دولية بتبني حملات لتشويه صورته، نافياً صحة وثيقة تفيد بمسؤوليته عن استيراد قنابل الغاز المسيل للدموع، واستخدامها ضد المتظاهرين.

وقال إعلام "الحشد"، في بيان "تناولت بعض وسائل التواصل المعادية، وثيقة مزورة عن أن الحشد استورد قنابل مسيلة للدموع، رغم خلوها من أي ختم أو اسم مسؤول في الحشد، أو أي إثبات رسمي آخر، وفق ما هو متداول في الكتب الرسمية".

وكانت منظمة العفو الدولية، قالت في وقت سابق، إن السلطات العراقية استخدمت قنابل مسيلة للدموع لقتل المحتجين بدل تفريقهم.

كما اتهمت "عصائب أهل الحق" قناتين فضائيتين باستهداف الحشد والمرجعية الدينية.

رسالة من «التحرير» إلى شعب إيران

بعث المتظاهرون العراقيون في ساحة التحرير ببغداد، رسالة كتبت باللغات العربية والإنكليزية والفارسية، إلى الشعب الإيراني، بشأن الشعارات المتعلقة بإيران التي يرددها بعض المحتجين أحياناً.

وجاء في الرسالة: "تشاهدون في هذه الأيام الانتفاضة العراقية، وتستمعون لهتافات الشباب العراقي المحتج ضد حكومته، وكثير من هذه الهتافات يرد فيها ذكر إيران".

وأضافت: "يهمنا أن تعلموا أننا لا نضمر للشعب الإيراني إلا المودة، وأن مشكلتنا مع النظام الإيراني الذي يدعم الفاسدين والمجرمين والقتلة في وطننا".

وتابعت: "نتطلع للتخلص من حكامنا اللصوص، كما نتطلع لعلاقات قوية وراسخة مع أشقائنا الإيرانيين الذين يستحقون نظام حكم عادلاً ومتحضراً".

back to top