محمد رشيد الشمسي: كتاباتي فانتازية لا غرائبية

صدر له حديثا «الأبله الذي اسمه ن» بعد «طائر التلاشي»

نشر في 03-11-2019
آخر تحديث 03-11-2019 | 00:01
الأديب العراقي محمد رشيد الشمسي
الأديب العراقي محمد رشيد الشمسي
بالرؤية الصافية وحدها، ينكشف لك قاع النهر رغم عكار المياه... هذا ما يجده القارئ لكتابات الأديب العراقي محمد رشيد الشمسي، ففي روايته "طائر التلاشي"، نجح في سبر أغوار سكان الجزيرة "المتخيلة"، وهم يسيرون نحو نهايتهم المحتومة، لإصرارهم على التهام الطائر الوحيد.
وفي مجموعته القصصية "الأبله الذي اسمه ن"، الصادرة حديثا، يدرك الجميع كنه هذا الأبله، رغم تجهيل الاسم، ولكونه يمتلك لغة شفافة ومهارة سردية، استطاع بلوغ ما يرمي إليه من كتاباته.
وفي حواره مع "الجريدة"، من القاهرة، يقول: "لغتي بسيطة، وأتناول موضوعاتي بشيء من الفانتازيا، وقد يرى البعض فيها غرائبية، لكنها ليست كذلك"، وفيما يلي نص الحوار:

● تكتب الرواية والقصة والشعر، ما هي محدداتك الأولى في الكتابة؟

- لا توجد محددات خاصة، وانطلاقتي في مضمار الأدب كانت عبر بوابة الشعر، وبالتحديد شعر التفعيلة، وكان ذلك في تسعينيات القرن الماضي، وعند بداية القرن الحالي اتجهت الى كتابة الرواية، وكانت روايتي الأولى "طائر التلاشي"، التي صدرت من دار نشر الورشة الثقافية بغداد 2018، ثم مجموعتي القصصية "الأبله الذي اسمه ن"، التي صدرت من دار السكرية للنشر والتوزيع/ مصر 2019، ورغم بدايتي الشعرية فإنني صرت كاتبا للرواية والقصة، لتتحقق نبوءة مدرس اللغة العربية أستاذي عبدالإله، الذي كثيرا ما كان يستمع إلى قصائدي خلال تسعينيات القرن الماضي، وكان يقول لي: أنت نهايتك تصبح كاتب قصة ورواية؛ لأن قصائدك فيها حدث؛ وفعلا كما قال أصبحت.

موضع واحد

● وماذا عن الفروق النوعية بين هذه الأجناس الأدبية حين الاشتغال عليها؟

- التخصص في جنس معيّن مطلوب لكي يكون التوجّه منصبا في موضع واحد؛ لكن تشابك الأجناس في دماغ الكاتب يخلق منه كاتبا متمرسا، ويستطيع أن يوجه بوصلته الإبداعية كما يريد ويرغب، ويمكن القول إن كل إنسان يملك إبداعا أيا كان ذلك الانسان؛ متعلما كان أو غير متعلم، في المدينة أو في الريف أو في الصحراء، وسواء كان ذكرا أم أنثى، وهذه هي عدالة رب العالمين، ولكن السؤال الكبير: كيف يستطيع ذلك الإنسان أن يخرج ذلك الإبداع؟! هنا تكمن القضية، والتي نستطيع أن نميز المبدع من غير المبدع، وأنا كتبت الشعر والقصة والرواية، ورغم صعوبة كتابة القصة القصيرة، فهي تبقى لي استراحة ومتعة؛ كي أكمل مشواري في كتابة الرواية التي تحتاج إلى جهد مضاعف وتركيز ووقت طويل.

«طائر التلاشي»

● ماذا عن روايتك "طائر التلاشي"؟

- كتبت الرواية في مدة زمنية تقارب 3 سنوات، وتدور أحداثها حول سكان جزيرة يأكلون طيرا لحمه لذيذ اعتادوا عليه منذ زمن أجدادهم، لكن هذا الطير ظل يتناقص ويصغر ويتلاشى إذ استمروا في أكله، شخص من القبيلة يسمى "تخاخا"، ذو شعر أجعد وبشرة حالكة السواد ينذرهم بالشؤم في المستقبل، ويأمرهم أن يأكلوا السمك والطيور الأخرى، وبلّغهم أن هذا الطير هو هلاك للجميع، لكن دون آذان صاغية، مجتمع بدائي تفتك به الأمراض والجوع، وبعد فترة يحدث صراع بين القبائل، ويعم الدمار والقتل حتى الأطفال لم يسلموا منه.

محاكاة الواقع

● وصف البعض الرواية بالغرائبية، هل تتفق مع ذلك؟

- الرواية تميل إلى الفانتازيا، لكن الرواية الغرائبية، وفق النقاد، هي نوع من الرواية التي يعزف فيها المؤلف عن محاكاة الواقع، وما فيه من حياة يومية الى نوع من التأليف والسرد الذي يتجاوز قوانين الواقع الى قوانين الفن الخيالي، فقد يجمع في الرواية الواحدة بين شخصيات من بني الناس، وأخرى من العوالم الخفية كالمردة أو الجان أو الأساطير أو الطير أو الحيوان، وقد يتخطى بحوادثها المرورية قواعد الزمان وإمكانات الفضاء والمكان، وروايتي قد تجد بها شئيا من هذا، ولكن ليست كلها.

● ماذا عن مجموعتك الأخيرة "الأبله الذي اسمه ن"، وهل تقصد غموض الاسم وتجهيله في العنوان؟

- المجموعة تتكون من 54 قصة، وتحاكي تلك القصص الواقع العراقي خصوصا والعربي والعالمي عموما، وبصورة فانتازية، وحاولت في هذه القصص أن أحاكي هذه الأوضاع المربكة من خلال شخصيات تميل الى الرمزية، ومن هذه الشخصيات: الأبله، والإنسان المظلوم، والكاتب والناقد، والهبل والعاقل، وحتى الحيوان (الكلب والعنزة والحصان والحمار)، وكذلك الطيور.

تقاليد بالية

● من هو الأبله "ن"؟

- الأبله "ن"، هو الذي ينخرط من سلالة متمسكة بتقاليد بالية، يحمل في طياتها العزوف عن التعلم وعدم الاستفادة من تجارب الآخرين، وهذة السلالة دائما ما تثير الضوضاء واللغو خلال تنقّلها وحركتها بين الحارات والأزقة، لا لطلب المساعدة والاستفادة من معلومة هنا أو هناك، بل للفوضى، إذ لا يمر أسبوع أو أكثر إلا وكانت هذة السلالة قد أطلقت صوتا عاليا يثير سخط كل من جاورها، حيث رقصهم وأهازيجهم مزعجة إلى درجة لا تطاق ، وهذا الصخب الصوتي يعتبرونه نوعا من أنواع التعليم الذي ينمّي قدراتهم وقدرات النشء الجديد على الانخراط مع العالم المتحضر.

● ماذا عن مشروعاتك الأدبية القادمة؟

- أعمل على وضع اللمسات الأخيرة لروايتي الثانية بعنوان" قبور تعود إلى أوطانها".

سيرة الشمسي وتاريخه في الأدب والحياة

يكتب محمد رشيد الشمسي، القصة والرواية، وهو من مواليد عام 1965، حاصل على شهادة الماجستير في الأدب الإنكليزي، نشر له العديد من القصص القصيرة بعدد من المجلات والصحف العربية، وبجانب إصداره رواية "طائر التلاشي"، ومجموعته "الأبله الذي اسمه ن"، لديه مخطوط رواية "قبور تعود إلى أوطانها"، وهي جاهزة للطبع، ومخطوط لمسرحية "كلام مستورد"، في حين نشر مسرحية باللغة الإنكليزية بعنوان "Graver return to their native".

ولد الشمسي في مدينة الشطرة جنوب العراق، ويقول عنها "هي مدينة مشهورة بالأدب بمختلف أنواعه، وهي صاحبة حضارة عريقة، وتغفو على نهر الغراف، وتجد في كل بيت تقريبا شاعرا أو كاتب قصة ورواية، ورساما وخطاطا ومطربا وتشكيليا، وفيها أيضا المقاهي الأدبية، حيث حديثها الأول والأخير عن الأدب، ومن أشهر المقاهي مقهى عبيد، فهو برلمان ثقافي مفتوح.

مدرس اللغة العربية تنبأ لي بكتابة القصة والرواية
back to top