سدانيات: ما لم يقله رئيس المجلس!

نشر في 01-11-2019
آخر تحديث 01-11-2019 | 00:10
 محمد السداني كعادته في كل افتتاح دور انعقاد تبدو خطب رئيس مجلس الأمة رنانة ذات جرس موسيقي جميل، فضلا عما تتضمنه من تشخيص لواقع لا يُرى إلا من جانب واحد ومن زاوية واحدة، لكنه هذه المرة اختلف عما قيل سابقا، وكأني لم أصدق أذني وأنا أسمع رئيس السلطة التشريعية وهو ينتقد من يريد أن يصور الكويت على أنها بلد غارق في الفساد– والعياذ بالله– وكأننا نعيش في إحدى الدول الإسكندنافية!

كنت أتصور أن الجميع في هذا الوطن مؤمن إيمانا تاما بأنَّ البلد يغرق في بحر من فساد إداري وتشريعي وسياسي وهذا ما يراه الأعمى! ولكن أن ننكر هذا الأمر لنبدأ أغنية "أنشودة الحياة"، ونصور البلد على أنه بلد الأحلام والمستقبل الباهر، فهذا أمر يستحق أن نقف عنده طويلا، لم يعلم رئيس المجلس أو غيره من النواب أو الشخصيات الذين يحذون حذوه في الخطاب السياسي الوردي الذي يضع الكويت أمام القيادة السياسية كبلد من بلدان العالم الأول أننا صرنا أضحوكة للخليج في جميع الخدمات، سواء في البنية التحتية مثل الشوارع التي انكشفت عورتها مع هطول أو نقطة مطر عليها! فضلا عن ارتفاع في معدل التلوث سواء في البحر أو البر! ولم يعلم أصحاب الأحلام الوردية أن الدولة تبتعث شبابنا في تخصصات لدول مثل أميركا وأوروبا ليعودوا إلى الكويت طالبين وظائف حكومية تضمن لهم الاستقرار والأمان الوظيفي أو ما يسمى في فقه الواقع الرعاية الاجتماعية! ولم يعلم أيضا من اتهم الناس أنهم يصورون الكويت ببلد غارق بالفساد أن الكويت تنفق على التعليم بكل أفرعه قرابة ثلاثة مليارات دينار مع مخرجات لا تكاد تنافس نفسها في سوق عمل متشبع أصلا!

فهل اختفت الممارسات السياسية الفاسدة التي تحاك أمام أعين الكثير من مدعي المثالية في مجلس الأمة ومجلس الوزراء في الصفقات السياسية، مع كل تلويح باستجواب وزير لا يستحق أن يدير الكرسي الذي يجلس عليه، ليأتي في غلفة من الزمن ويصبح وزيراً، وهو كما يقول المصريون "خلِّ الطابق مستور"؟.

كيف يجرؤ الإنسان أن يجمل قبيحا أو أن يصنع من الرماد جسراً من أمل ليوهم الآخرين أننا نعيش في مدينة حالمة ذات اقتصاد متين؟ من المخجل أن الحكومة عندما تحدثت أمام صاحب السمو ذكرت مشاريعها التنفيذية لكنها تغافلت أهم مشروع تنتظره الكويت (مشروع الحرير) الذي قد يكون بصيص الأمل للاقتصاد الكويتي أحادي النوع!

كنت أتمنى أن يتضمن خطاب الحكومة موجودات صندوق الاحتياطي العام للدولة، وقدرة الدولة على الاقتراض لسد العجز في السنوات القادمة بعد نفاد صندوق الاحتياطي العام للدولة، وكنت أتمنى أن نرى خطوات حقيقية للتقشف الذي ادعت الحكومة أنها تمارسه، لكنها في الحقيقة تمارس عكسه، تقول العرب: "صديقك من صدَقك لا من صدَّقك"، وأعتقد أنَّنا بحاجة إلى أصدقاء حقيقيين يصدقوننا الواقع ولا يجملونه.

خارج النص:

- حكومة مثل هذه الحكومة لا تستحق إلا مجلسا مثل هذا المجلس.

back to top