ترامب يُحَضّر الولايات المتحدة لخوض المنافسة بين القوى العظمى

نشر في 31-10-2019
آخر تحديث 31-10-2019 | 00:00
 ناشيونال إنترست لا تحتاج الولايات المتحدة إلى ركيزة صلبة، بل إلى دستور قوي يناسب عصر المنافسة الراهن بين القوى العظمى، لم يكن كولين دويك يوماً من مناصري ترامب في السابق لكنه يبدأ كتابه Age of Iron (عصر الحديد) وينهيه بتأكيد غير متوقع حول الآباء المؤسسين للولايات المتحدة: كان واشنطن وجيفرسون وبقية المجموعة سيُسَرّون حتماً بالسياسات الخارجية للرئيس دونالد ترامب، كذلك تساعد سياساته الولايات المتحدة في القرن الحادي العشرين على التعامل بفاعلية مع التهديدات المعاصرة التي تطرحها بلدان مثل الصين، وروسيا، وإيران، وكوريا الشمالية.

بحسب رأي دويك، كانت "القومية المحافِظة" مرادفة للسياسة الخارجية الأميركية حين بدأت الولايات المتحدة مسيرتها، وهي مجموعة من القناعات الجوهرية المشتركة. في تلك الفترة حمل هذا المفهوم بكل بساطة اسم "القومية".

شملت القومية عقيدة مدنية مشتركة، فقد كان الآباء المؤسسون يؤمنون بحكم القانون، والحرية الفردية، والمشاريع الحرة، والمساواة، والحكم المحدود، وكانوا يؤمنون بالسيادة الشعبية، وتوقعوا أن تخدم السياسة الخارجية المصالح الوطنية للدولة، واعتبروا هذه المنظومة من المبادئ والسياسات استثنائية وفريدة من نوعها، ورحبوا بشعار "الوطن الاستثنائي" لوصف الولايات المتحدة.

لا يظن دويك أن المعتقدات الأميركية التقليدية تتطلب سياسة خارجية موحدة ومناسبة للجميع. خاض جورج واشنطن حملته الانتخابية على أساس "التحالفات غير المتشابكة"، ولم يفعل ذلك لأنه كان تحررياً أو انعزالياً، بل لأنه اعترف بمخاطر تورط جمهورية حديثة العهد في صراعات القوة المتواصلة في أوروبا.

لكن بعد الحرب الإسبانية الأميركية، أصبح ويليام ماكينلي إمبريالياً متردداً، فضمّ الفلبين لأن المسؤولين الأميركيين ظنوا أنهم يحتاجون إلى موطئ قدم في منطقة المحيط الهادئ للدفاع عن مصالحهم الآسيوية ضد اليابانيين والأوروبيين في الصين.

على مر السنين، تحارب بعض الرؤساء، وانسحب آخرون من الساحة العالمية، لكنهم طبقوا جميعاً سياسات خارجية مبنية على مفهوم القومية الذي طرحه الآباء المؤسسون.

بدأت المرحلة المفصلية برأي دويك في عهد وودرو ويلسون، وحين لاحظ هذا الأخير أن مفهوم الدولة القومية بدأ ينهار غداة الحرب العالمية الأولى، تبنى سياسة التعاون الدولي كحبل نجاة. هذا ما أطلق الصراع العظيم وثنائي القطب في السياسة الخارجية الأميركية، فأصبح مؤيدو العولمة والشعبويون في وجه القوميين المحافظين، أي المعسكر الذي يتمسك بالسياسة الخارجية الأميركية التقليدية.

يخصص كتاب Age of Iron صفحات كثيرة لتحليل ولاية ترامب الأولى، ويستنتج أن خطاب الرئيس قد يكون شعبوياً، لكنّ سياسته تتماشى مع نطاق السياسة الخارجية المحافِظة التقليدية.

دونالد ترامب ليس داعياً للحرب ولا انعزالياً، بل تقضي خطته بتكثيف الضغوط ونزع فتيل الأزمات بناءً على شروط مؤاتية، فهو يثبت للطرف الآخر أن الولايات المتحدة تأخذ المجازفات لتحقيق أهدافها وتبدي استعدادها لحماية مصالحها، ثم يعقد الصفقة المناسبة إذا اعترف الطرف الآخر بمبادئنا، في حال وجود صفقات جيدة.

عملياً، يظن دويك أن ترامب يقوم بما يريده معظم المحافظين الأميركيين، لذا من المستبعد أن ينشقوا عن رئيسهم.

على صعيد آخر، لا شيء يضمن المسار الذي ستتخذه الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة. قد يبتعد البلد عن السياسة الانعزالية أو يتجه نحو العولمة، لكن يستنتج الكتاب في النهاية أن البلد سيتمسك بمساره الراهن.

يعتبر دويك هذا المسار إيجابياً، لأن نهج ترامب المبني على درجة حذرة من الضغط والالتزام هو الخليط المناسب لخوض المنافسة القائمة بين القوى العظمى.

* جيمس جاي كارافانو

* «ناشيونال إنترست»

back to top