غرس الخير

نشر في 22-10-2019
آخر تحديث 22-10-2019 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي أثناء عملي الدبلوماسي كنت أحرص على المشاركة في الأعمال الخيرية، وذلك لإيماني بأن العمل الخيري جزء من العمل الدبلوماسي، ومن خلاله يمكن الدخول إلى المجتمع الذي يمارس الدبلوماسي العمل فيه؛ مما يسهل عليه عمله ويزيد دائرة علاقاته وعلى كل المستويات.

وقد هيأ الله لي نخبة طيبة من رجالات الكويت ممن غرس الله حب عمل الخير في قلوبهم، وقد عادت إلي بعض تلك الذكريات في الأسبوع الماضي حيث سعدت بلقاء الأخ والصديق العزيز "دعيج الشمري" عضو مجلس الأمة السابق، كان لقاء وحديثاً ذا شجون، أعدنا فيه بعض الذكريات الطيبة.

في أثناء عملي في اليمن العزيز سعدت باستقبال الأخ "بوسليمان" مع نخبة من رجالات الكويت، وقد تم إنشاء دار للأيتام والتي قسمت إلى قسم للأولاد وآخر للبنات مع مشغل للحياكة، وعمل بعض السجاد، وقد أبلغني الأخ "بوسليمان" بأنه ما زال على اتصال مع الدكتور "حميد زياد" المشرف على الدار، والذي أفاد بأن بعض من كانوا أطفالا قد غدوا رجالا يمارسون هندسة تحويل الطاقة الشمسية إلى الطاقة الكهربائية، وقاموا بمساعدة بعض سكان الأحياء المحيطة بهم.

أما البنات فقد وفق الله بعضهن بالزواج، ولكم سعدت بهذه الأخبار السارة، وكم أثلجت صدري، فهذا غرس الخير يؤتي ثماره، وهذه الكويت، وهذا ديدن أهلها، إنها بحق وطن الإنسانية، وقائدها، حفظه الله ورعاه، أمير للإنسانية عن جدارة واستحقاق.

من ناحية أخرى وأثناء البحث بين أوراقي القديمة لفت نظري رسالة مكتوبة بخط اليد، واردة لي من إحدى العائلات الجزائرية، جاء في الرسالة هذه العبارات الصادرة من القلب: "سعادة السفير... في هذه اللحظات وأنا أقف وعائلتي أمام بيت الله العتيق في مكة المكرمة رافعين أيدينا بالدعاء لكم شخصياً ولدولة الكويت وقيادتها وأهلها، فبمساعدتكم الكريمة نقف في هذا المكان المقدس لأداء مناسك الحج، فلكم الشكر، وأدام الله على الكويت الحبيبة الأمن والأمان". فخلال عملي برئاسة البعثة الدبلوماسية في جمهورية الجزائر الشقيقة قامت السفارة بتقديم بعض المساعدة لبعض العائلات لأداء فريضة الحج، وهذه رسالة من إحدى تلك العائلات الكريمة.

وقد واصلت المشاركة في العمل الخيري في الدول التي عملت بها، ففي مدينة "لاهاي" العاصمة السياسية لمملكة هولندا الصديقة سعدت بالمشاركة بإقامة مركز "عبد المحسن الخرافي الإسلامي"، وبجهد مميز لفضيلة الشيخ أحمد الفلاح "بويوسف" جزاه الله خيراً، وبتبرع كريم من المغفور له "جاسم الخرافي" رحمه الله وجعل الجنة مثواه.

وفي جمهورية البوسنة والهرسك سعدت أيضا بالمشاركة بإعادة فرش بعض المساجد، وتوزيع آلاف النسخ من المصحف الكريم، أما في الأردن الشقيق فلهذا الموضوع مقال قادم بإذن الله، وحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

دمعة شايب

خلال الأسبوع الماضي راجعت أحد المستشفيات الخاصة، وذلك لتعرضي للزكام المنتشر الآن في البلاد بسبب التغيرات الجوية، بعد أن أجريت الفحص المعتاد وأخذت وصفة الأدوية وأثناء وقوفي في الانتظار رأيت أحد رجال الرعيل الأول ممن اصطبغت لحيته بلون الزمن الأبيض مع بعض ألوان "الحنا"، وقد وقف أمام سيدة من جنسية عربية وهي تصرخ في وجهه "يا حاج كم مرة أقولك أوراقك عند الراجل هناك"، تراجع الشايب متوجهاً مرة أخرى إلى الرجل الآخر الذي صرخ بوجهه قبل أن يصل إليه "أنا مش حعملك أي حاجة إلا لما الستّ هناك توقع الأوراق"، ثم وقف الشايب في وسط الصالة، وبدأ سيلا من التحلطم: "والله دوختوني رفعتوا عندي الضغط والسكر ما أدري شسوي". نظرت إليه وأحسست بأن هناك دمعة تحاول أن تفر من عين ذلك الرجل الذي على أكتافه وأكتاف ربعه من الرعيل الأول بُني هذا الوطن.

لم أستطع إكمال المشهد فانسحبت أكتب هذا المشهد لعل هناك من تحرك مشاعره تلك الدمعة التي سالت من عين أحد رجال الرعيل الأول ممن تعرض للإذلال و"المرمطة".

back to top