سورية جزء من الإمبراطورية الرومانية عام 64 قبل الميلاد

مرّ عليها بومبيوس وكاسيوس ودوبللا وأوكتافيان

نشر في 22-10-2019
آخر تحديث 22-10-2019 | 00:00
جعلت الامبراطورية الرومانية من سورية مكاناً خاصاً في حضارتها رغم الصراع فيها على السلطة، إضافة إلى تاريخها الثقافي والأثري المهم.
أصبحت سورية بداية من عام 64 قبل الميلاد جزءاً من الإمبراطورية الرومانية، بعدما فتحها القائد الروماني بومبيوس الكبير مفوضاً من يوليوس قيصر الذي منحها عام 47 قبل الميلاد بضعة امتيازات خاصة؛ لكن اندلاع النزاع بين قادة القيصر بعد مقتله وتنافسهم على السلطة أثر على المدينة بشكل سلبي، ففي عام 44 قبل الميلاد اندلع القتال بين كاسيوس ومنافسه دوبللا، ووقفت المدينة إلى جانب دوبللا، فحاصرها كاسيوس عام 43 قبل الميلاد، واستطاع احتلالها فدمر عدداً من مبانيها وأحرق أحياءً كاملة انتقاماً.

مارك أنطونيو

لكن كاسيوس فقد المدينة بعد ثلاث سنوات فقط، حين استطاع القائد مارك أنطونيو السيطرة عليها، ثم أعلنها مدينة معفاة من الضرائب، نظراً لأوضاعها الاقتصادية السيئة، وعندما أعجبه مناخها أقام فيها مدة من الزمن للاستجمام.

وزارها عام 20 قبل الميلاد الإمبراطور أوكتافيان وأقام بها أيضاً، ومع مطلع القرن الأول كانت المدينة قد عادت إلى سابق عهدها، من حيث كونها مركزاً تجارياً مزدهراً وميناءً نشيطاً للاستيراد والتصدير، وفي أواسط القرن الأول دخلتها المسيحية، وكان "لوقيوس" أو "لوقا" المذكور في سفر أعمال الرسل في الكتاب المقدس أول أساقفتها وهو أحد تلامذة بولس الرسول.

الآثار المسيحية

وتدل الآثار المسيحية، التي تعود للحقبة الرومانية ومن ثم الحقبة البيزنطية، كدير الفاروس مثلاً، على أن المدينة كانت معقلاً قوياً للمسيحية في العهود المبكرة، وإلى جانب المسيحية وبقايا الوثنية، سكنت اللاذقية جالية يهودية كبيرة في القرنين الأول والثاني.

الفضة والبرونز

وخلال القرن الثاني كانت المدينة تصدر الفضة والبرونز وتربطها علاقات تجارية قويّة مع أغلب مراكز حوض المتوسط التجارية، بيد أنه مع نهاية هذه المرحلة في عام 193 استعر الخلاف بين سبتيموس سيفيروس وبيسينيوس نيجر حول عرش روما؛ استطاع نيجر احتلال اللاذقية وتخريبها، لكن سيفيروس الذي سيغدو الإمبراطور الروماني، هزم نيجر في معركة إيسوس، وأمر بإعادة بنائها، وأمر أن يخلد انتصاره فيها من خلال بناء قوس النصر الذي لا يزال ماثلاً حتى الآن، جاعلاً إياه مركز المدينة، إذ تفرع من القوس شارعان متصالبان كمحورين للمدينة، كما قام بتوسعة المرفأ، ومنحها لقب "متروبوليت" أي "مدينة رئيسية"، ثم أمر بتقديم هبة سنوية من الحنطة لها، وأمر كذلك بتوسعة شوارعها.

ويعود للفترة ذاتها بناء المدرج الروماني في جبلة القريبة منها، وفي القرن الثالث دخلت اللاذقية ضمن حدود مملكة تدمر في عهد ملكتها زنوبيا، غير أن عهد الاستقلال هذا سرعان ما تبدد مع عودة الرومان عام 297 وتدميرهم المملكة خلال عهد الإمبراطور تراجان. وفي عام 395 قسمت الإمبراطورية الرومانية، وكانت اللاذقية من نصيب الإمبراطورية البيزنطية أو "الإمبراطورية الرومانية الشرقية"، وأدمجت ضمن مقاطعة إدارية أطلق عليها اسم "سورية الكبرى" كانت عاصمتها أنطاكية.

الكوارث الطبيعية

وسيكون للمدينة تاريخ سيئ خلال هذه المرحلة مع الكوارث الطبيعية، وخصوصاً الزلازل، إذ أصابتها ثلاثة زلازل مدمرة أعوام 494 ثم 529 و555، كان أقساها الذي وقع في 2 يناير 529 وأدى إلى مقتل سبعة آلاف وخمسمائة من سكانها، وتدمير أجزاء كبيرة منها، مما اضطر الإمبراطور جستينان إلى إعفائها من الضرائب لمدة ثلاث سنوات وتقديم مساعدات من روما لإعادة إعمار ما تهدم منها وإرسال معونة "حنطة" سنوية لسكانها، كما استحدث ولاية جديدة أسماها تيودوريارس، كان مركزها اللاذقية وألحق بها كل من جبلة وبانياس وسائر الساحل السوري.

الكنائس الأثرية

ويعود للفترة البيزنطية تأسيس عدد من الكنائس الأثرية في المدينة ككنيسة القديس نيقولاوس للروم الأرثوذكس وكنيسة السيّدة العذراء في ساحة أوغاريت وكنيسة مار موسى التي اتبعت الطقس السرياني؛ وأما على صعيد الجدال الديني الذي اندلع في المسيحية وأفضى لعقد المجامع المسكونية، فاشتهر في المدينة أسقفها أبوليناروس اللاذقي، الذي حُرم وطرد من الكنيسة بسبب آرائه حول طبيعتي المسيح؛ وكذلك الأمر في أعقاب مجمع خلقيدونية انقسمت المدينة كسائر بلاد الشام إلى أسقفيتين الأولى تتبع من قبل المجمع أي الملكيين أو الروم الأرثوذكس، والأخرى للذين رفضوه أي السريان الأرثوذكس، إلا أن الغلبة كانت للقسم الخلقيدوني أي إلى الملكيين.

الإمبراطور جستينان اضطر إلى إعفائها من الضرائب ثلاث سنوات
back to top