ما هذا يا أساتذتنا؟!

نشر في 20-10-2019
آخر تحديث 20-10-2019 | 00:18
 حسن العيسى لو كانت مبادئ الديمقراطية تدرس في رياض الأطفال، لكان أول درس لهم أنه لا توجد ديمقراطية دون أحزاب سياسية. ولو جاء سؤال لطلبة القانون سنة أولى ماذا إذا كان يتصور أن تكون ديمقراطية، تقوم على مبدأ المحاسبة ومراقبة كل سلطة من السلطات الثلاث للأخرى، حتى لا تستبد أي منها وتتغول في صلاحياتها على الأخرى، لكانت الإجابة البديهية أنه لا توجد هذه الديمقراطية دون أحزاب متنافسة.

الحديث عن الديمقراطية الكويتية والتفاخر بها أمام شقيقاتها الخليجيات هو "كلام مأخوذة زبدته" خصوصاً في السنوات الأخيرة، وبعد نحر الربيع العربي، وما تبعه من قمع استبدادي موغل في الوحشية، هللت له معظم دول الخلافة العربية عدا تونس ولبنان، فليتواضع قليلاً "عناترة الديمقراطية" الكويتية، فليست ديمقراطيتكم غير "أعور بين عميان" فارحموا أنفسكم وارحمونا.

لم نكن بحاجة إلى ذكر مثل تلك الأبجديات في معنى الديمقراطية وحرية الأحزاب لولا العناد وإصرار السلطة الحاكمة على رفض الحديث عن أي موضوع لحرية العمل الحزبي.

كانت النتيجة أن ظل هذا المسخ الكويتي شبه الديمقراطي يتراجع سنة بعد سنة، حتى أضحى دستور الدولة مجرد كلمات مصفوفة في كتيب ليس لها ظل من الحقيقة، وهو بداية لم يكن دستوراً تقدمياً، لربما كان نسبياً كذلك وقت ولادته فقط، لكنه حقيقة كان تلفيقاً بين أسرة تريد احتكار الحكم وقوى تجارية حملت تراثاً كبيراً في أسس بناء كويت الماضي، وكانت ولادة الدستور جاءت لظروف خارجية بالدرجة الأولى رافقتها رؤية وحكمة الكبير عبدالله السالم، أما تداول السلطة، والمشاركة الحقيقية في سلطة الحكم، فكان كلاماً للرياء السياسي لا أكثر.

مناسبة الحديث السابق أنه لا توجد مناسبة غير المزيد من اليأس واللامبالاة في حالة تدهور الحريات والديمقراطية وتسيّد الفساد بكل صوره التي وصلت إليها الدولة اليوم، المناسبة المحزنة الآن، هي رد المجلس الأعلى للقضاء على سؤال عدد من النواب الداعين إلى تشريع يدعو لحرية العمل الحزبي! لماذا يبدي هذا المجلس رأيه في أمر لا يخصه أساساً؟ مهمتكم أن تفصلوا بين الخصومات كمبدأ، وأن تضعوا المعايير العامة لوضع حدود كل سلطة دستورياً حين يدب الخلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أما أن تتفضلوا برأي سياسي يتوقع أن نسمعه بحكم العادة التاريخية من السلطة التنفيذية، أي الحكومة التي تهيمن عليها الأسرة الحاكمة دون منازع، فهذا لا يمكن فهمه....؟؟

back to top