اللبنانيون يحتلون الشوارع... ومسلحون يرهبون الجنوب

• حركة أمل تتنصل من اعتداءات صور
• الحريري يقترح ورقة إصلاحية من 6 بنود
• نصرالله: لا يمكن إسقاط العهد أو الحكومة... و«التكنوقراط» لن تصمد أسبوعين

نشر في 20-10-2019
آخر تحديث 20-10-2019 | 00:05
نزل آلاف اللبنانيين أمس إلى الشوارع ليعطوا زخماً غير مسبوق لاحتجاجات مطلبية اجتماعية أربكت المشهد السياسي، وأجبرت الأحزاب التي تشارك غالبيتها في حكومة وحدة وطنية على تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن تدهور الوضع.
ارتفعت حدة الاحتجاجات المتواصلة في لبنان لليوم الثالث، خصوصا في وسط العاصمة بيروت، وتحديدا في ساحة رياض الصلح قرب السراي الحكومية، امتدادا الى ساحة الشهداء، وإضافة إلى مدينتي صور في الجنوب وطرابلس في الشمال، ومنطقة زوق مكايل شمال بيروت والنبطية جنوباً، بعدما فشل الفض الأمني العنيف لتجمعاتهم، ليل أمس الأول، في إرهابهم.

وغطّى آلاف المتظاهرين السلميين ساحة رياض الصلح ومحيطها وسط بيروت التي بدت أقرب إلى ساحة حرب، بعد الاشتباكات التي جرت أمس الأول، وتخللتها أعمال تحطيم لواجهات محالّ تجارية وإحراق لوحات ضخمة.

وبدأ توافد المتظاهرين بقوة بعد الظهر، وقُطعت من جديد الطرق في معظم المدن والبلدات، في وقت حاول محتجون قطع الطرق المؤدية إلى مطار بيروت بالإطارات المطاطية المشتعلة ومستوعبات النفايات، إلا أن الجيش اللبناني منعهم من ذلك.

صور

وتخلل التظاهرات إشكالات متفرقة، كان أبرزها إقدام مسلحين يعتقد أنهم تابعون لـ «حركة أمل» في مدينة صور على إطلاق النار وضرب المحتجين بعنف، مما أدى إلى سقوط جريح.

كما سجل ظهور مسلح وإطلاق نار في الهواء في معظم مناطق صور، في محاولة لترهيب المتظاهرين وإجبارهم على العودة الى منازلهم.

وشهدت صور تظاهرة مؤيدة لبرّي شارك فيها عدد من أنصاره، وبينهم مسلحون، رداً على تظاهرات شهدتها المدينة واتهم مشاركون فيها بري بالسرقة والفساد.

وتعرّض مؤيدو بري للمتظاهرين ضد السلطة بالضرب والشتائم. وقال إن أحدهم اعتدى بالضرب على سيدة محجبة. وقالت شابة مخاطبة بري في فيديو نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي إثر التظاهرة: «ضربونا ولحقوا بنا بالسلاح والعصي». وفي وقت لاحق، أكدت حركة أمل في بيان أصدرته «رفضها للمظاهر المسلحة» في شوارع صور، مؤكدة أنها «بصدد إجراء تحقيق لتحديد المسؤوليات واتخاذ التدابير اللازمة»، مضيفة أنها تؤيد مطالب المحتجين. وأظهرت اشرطة مصورة قيام مسلحين بإجبار المتظاهرين في أكثر من منطقة في جنوب لبنان الذي تسكنه غالبية شيعية على فض تظاهراتهم.

وشهدت التظاهرات المستمرة منذ الخميس الماضي في الجنوب اللبناني هتافات ضد رئيس مجلس النواب رئيس حركة أمل نبيه بري وزوجته رندا، التي يردد ناشطون انها تسيطر على نسبة كبيرة من المشاريع التجارية والسياحية في المنطقة.

وفي مدينة بنت جبيل الحدودية جنوب لبنان التي يطلق عليها حزب الله لقب «عاصمة التحرير» اقتحم محتجون مكتب النائب في حركة أمل علي بزي، وفي مدينة النبطية، الشيعية جنوب لبنان، هاجم المتظاهرون مكتبي النائبين محمد رعد (حزب الله) وهاني قبيسي (أمل)، كما تظاهروا أمام منزل النائب ياسين جابر، الذي أطلق عناصره النار في اتجاه المحتجين. ويبقى الحدث الأضخم، إحراق المتظاهرين «الريست هاوس» التي تملكها بواسطة شركات مموهة زوجة بري.

بيان الجيش

وأكدت قيادة الجيش اللبناني أمس، تضامنها مع المطالب المحقة للمتظاهرين، داعية إلى التعبير عن الرأي بشكل سلمي. وأوضحت مديرية التوجيه، في بيان: «تدعو قيادة الجيش جميع المواطنين المتظاهرين والمطالبين بحقوقهم المرتبطة مباشرة بمعيشتهم وكرامتهم إلى التعبير في شكل سلمي، وعدم السماح بالتعدي على الأملاك العامة والخاصة». وأضافت: «وإذ تؤكد قيادة الجيش تضامنها الكامل مع مطالبهم المحقة، تدعوهم إلى التجاوب مع القوى الأمنية لتسهيل أمور المواطنين».

نصرالله

في السياق، دخل الأمين العام لـ «حزب الله»، السيد حسن نصرالله، على خط أزمة الشارع وحسم موقف حزبه تجاه كل ما يحصل، فأكد أنه «ممنوع استقالة الحكومة، وعلى الجميع تحمّل مسؤولياته، ومن يخوض معركة إسقاط العهد أقول له إنك لا تستطيع ذلك».

وقال في كلمة بمناسبة أربعين الإمام الحسين، أمس، إنه «على الجميع في لبنان ومن هم في السلطة وخارجها أن يتحمّلوا المسؤولية إزاء الوضع الخطير الذي يواجهه البلد»، مشيرا إلى أن «بعض القيادات والقوى السياسية في لبنان تتصرّف وتقف على التلّ وتتنصل من أي مسؤولية عن الماضي والحاضر وتُلقي التبعات على الآخرين».

ودعا إلى أن «تواصل هذه الحكومة عملها، لكن بمنهجية جديدة وأخذ العبرة مما جرى خلال اليومين الماضيين»، مشيرا إلى أن «طرح الانتخابات النيابية المبكرة وحكومة جديدة أو حكومة تكنوقراط مضيعة للوقت، فلن يكون في مقدورها الصمود أسبوعين». وختم: «يصعب العثور على حكومة جديدة تستطيع أن تعالج الوضع».

بيت الوسط «خلية نحل»

من جانبه، أجرى رئيس الحكومة سعد الحريري سلسلة اتصالات واجتماعات مكثفة في مقره ببيت الوسط، للتشاور مع مختلف القوى بشأن الاحتجاجات الشعبية والأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسبل الممكنة لمعالجتها، بعد الكلمة التي وجهها الحريري الى اللبنانيين أمس الأول، ومنح خلالها مهلة 72 ساعة لحل الأزمة الحالية بين «شركاء التسوية»، ملوحاً بالاستقالة.

والتقى الحريري كلا من وزير الصناعة وائل أبوفاعور، الذي ينتمي الى الحزب التقدمي الاشتراكي، ووزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، الذي ينتمي الى «تيار المردة»، ووزير المال علي حسن خليل، الذي ينتمي الى حركة أمل.

وكشفت مصادر وزارية أن الحكومة تعد ورقة إصلاح اقتصادي خالية كليا من الضرائب.

وأوضحت المصادر أن خطة الإصلاح الاقتصادي تقشفية في الإنفاق، ولا تطال الفئات الشعبية. وأضافت أن الحريري، سيعرض الخطة على كل الكتل السياسية المشاركة في الحكومة، مؤكدة أنه ملتزم جديا بالمهلة الزمنية التي حددها بـ 72 ساعة، لحل الأزمة في البلاد. وقالت مصادر سياسية متابعة أن «الحريري شرع فور انتهاء كلمته مساء الجمعة بجلسات عمل لإعداد سلّة قرارات إنقاذية تحاكي الوضع المالي والاقتصادي والمطالب الشعبية».

وأضافت: «الحريري ينتظر رد كل الأفرقاء السياسيين على الورقة الاقتصادية التي قدمها لهم، على أن تعقد جلسة لمجلس الوزراء خلال ساعات لإقرار الموازنة بناء على هذه الورقة».

وتابعت: «مهلة الـ72 ساعة ليست لكسب الوقت، بل لإنجاز عمل انقاذي محدد، وسيتم استكمال هذا العمل مع جميع القوى والمكونات السياسية، وفي ضوئها يقرر الحريري الخطوة المقبلة».

وقالت: «تهدف المبادرة الى: استقرار الوضع وتعزيز الحماية الاجتماعية وتقديمات لذوي الدخل المحدود. وخفض خدمة الدين وتصفير العجز، وستكون مساهمة أساسية للقطاع المصرفي في هذا المجال العام المقبل. وإلغاء كل الضرائب والرسوم التي جرى الحديث عنها قبل التحركات الشعبية. واقتراحات للحد من الفساد في مختلف المجالات وإدارات الدولة. وتأمين الكهرباء في العام المقبل. وتسريع تنفيذ مشاريع سيدر». وختمت: «المبادرة مطلوب القبول بها كما هي والبدء فورا بتطبيقها».

«التيار» ينتقد

وكانت الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر» أعلنت، بعد اجتماعها برئاسة رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل تأييدها لـ «الحركة المطلبية»، وأكدت «ضرورة انعقاد مجلس الوزراء بأسرع وقت واتخاذ قرارات ملموسة تستجيب لمطالب الناس التي هي في الأساس مطالب التيار».

وقررت الهيئة السياسية، وهي تضم نواب الرئيس والنواب والوزراء الحاليين، رفع السرية المصرفية عن حسابات أعضائها، ونبهت إلى أن «الحركة المطلبية تتعرض لاستغلال لحرفها عن أهدافها من جانب طرفين أساسيين في الحكومة اللبنانية، هما حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي اللذان يتمسكان بالسلطة لتحقيق مكاسب خاصة بهم، وقد عمدا إلى ركوب موجة المعارضة، لا بل الإيحاء بقيادتها فيما هما أكثر من عرقل عمل الحكومة بمواقفهم وفسادهم السياسي والمالي». وأضافت: «نذكّر الرأي العام أن هؤلاء كانوا ميليشيا ترهيب وتشبيح أثناء الحرب، وهم اليوم ميليشيا بلباس مدنية».

قيادة الجيش تتضامن مع «المطالب المحقة» وتدعو إلى السلمية وتمنع قطع طريق المطار
back to top