السويد والتحول عن النقد تجربة لا تخلو من مخاطر

نشر في 18-10-2019
آخر تحديث 18-10-2019 | 00:00
No Image Caption
أصبح الاعتماد على بطاقات الخصم وتراجع استخدام النقد سمة مجتمعية واضحة ومتنامية خلال السنوات العشر الماضية، ولعل السويد أبرز الدول التي شهدت تحولاً إلى مجتمع لا نقدي، فما الذي يمكن تعلمه من هذه التجربة؟

بدأ النقد يتلاشى من أيدي السويديين فعلياً، إذ انخفض حجم النقد الذي يتم تداوله من 80 مليار كرونة (نحو ثمانية مليارات دولار) إلى 58 مليار كرونة (حوالي ستة مليارات دولار) خلال السنوات الأربع الماضية، كما انخفضت عمليات السحب من ماكينات الصراف الآلي بأكثر من النصف خلال نفس الفترة.

ثقة اقتصادية

- من أول الدروس المستفادة من تجربة السويد في التحول إلى مجتمع لا نقدي هي أن المواطنين أنفسهم تولدت لديهم ثقة كبيرة في الحكومة والاقتصاد والتكنولوجيا الرقمية، بحيث أن متاجر «إيكيا» ووسائل المواصلات العامة والمتاحف لا تتعامل بالنقود السائلة.

- أظهرت استطلاعات رأي أن نحو 25 في المئة من الشعب السويدي أصبح يفتقد النقد السائل نظراً إلى اختفائه من أيدي الكثيرين في البلاد، لكن هذا التحول لن يمر مرور الكرام، بل إن له ثمناً.

- الثمن الذي يمكن دفعه سيأتي عندما تتعرض السويد لأزمة طاحنة أو حرب أو معارك دموية في الشوارع، واعتمدت الحكومة إرشادات وخطوات يمكن للمواطنين اتباعها حال تأزم حياتهم اليومية.

- مع ذلك، لن تخلو الخطط من الأخطاء والعيوب، فماذا لو انهارت الأنظمة الرقمية في البلاد أو تعطلت شبكات الجوال والإنترنت؟ يمكن حدوث ذلك بشكل عادي سواء بهجمات إلكترونية أو اختراق سيبراني.

- تعتمد الخطة الحكومية وقت الحروب والأزمات على إطلاق تطبيق يسمى «Swish» يتيح تحويل أموال بشكل فوري لأرقام الجوال أو عن طريق تكنولوجيا «iZettle» للدفع، أو التعامل برقاقات إلكترونية تم زرعها تحت الجلد لدى البعض من أجل الدفع بعد تمرير الرقاقة على أجهزة معينة.

- تراجعت النقود السائلة من أيدي المواطنين كما أن العديد من البنوك في السويد لم تعد تقبل الودائع السائلة أو السحب، وفي ظل ذلك، تعمل الجهات المصرفية على تدشين بنية تحتية قوية للمجتمع الرقمي.

عملة رقمية سيادية

- في ظل تحدي التحول بعيداً عن النقود السائلة وتراجعها من أيدي المواطنين، تدرس السلطات المصرفية إطلاق عملة رقمية سيادية بواسطة البنك المركزي تحت اسم «إي – كرونة».

- ليست السويد فقط، بل إن نحو أربعين دولة حول العالم تدرس إطلاق عملة رقمية سيادية، وتحدث أحد أعضاء الكونغرس الأميركي أخيراً عن ضرورة إطلاق «إي – دولار» رقمي.

- تعد هذه الخطوة أيضاً محفوفة بالمخاطر نظراً إلى تعاون البنوك المركزية مع القطاع الخاص في تطوير عملات رقمية سيادية، ومن بين المخاطر فقدان السيطرة على السياسة النقدية والتنافس مع عملات أخرى مثل «ليبرا» التي تعتزم «فيسبوك» طرحها.

- كان المقترح وراء إطلاق عملة رقمية سيادية يهدف إلى تيسير المعاملات المالية، لكنه أصبح لاحقاً تعبيراً عن القوة والخوف من وقوع هذه القوة في أيدي جهات غسل أموال أو تمويل إرهاب.

- مع ذلك، يرجع الأمر في نهاية المطاف إلى ثقة العامة في الحكومة والسلطات المصرفية في التعامل رقمياً بعملة افتراضية سيادية.

- تشجع العديد من البنوك حول العالم على تبني فكرة اللانقد في التعاملات المالية من خلال حث المواطنين على استخدام بطاقات الخصم والائتمان في الدفع للخدمات والمنتجات المختلفة.

- قررت البنوك السويدية خفض الاعتماد على النقود السائلة لمخاوف أمنية في أعقاب سلسلة من حوادث السرقة الكبيرة أوائل الألفية الثالثة، لكن عام 2017، لم تقع سوى جريمتي سرقة بنوك فقط مقارنة بـ210 جرائم عام 2008.

- قلصت البنوك أعداد ماكينات الصراف الآلي في السويد من أجل تقليل استخدام النقود السائلة بالإضافة إلى أن تكلفتها أصبحت باهظة من حيث التطوير والاستخدام والصيانة.

- يخطط البنك المركزي السويدي لتجربة الكرونة الرقمية قريباً، وهو ما يعني المزيد من الاختفاء في السيولة من أيدي المواطنين لتمتلك السويد الرياد في ثورة اللانقد.

- قال البنك المركزي إن هذه الإجراءات ليست حرباً على النقود، لكنها ثورة رقمية وتكنولوجية من الصعب وقف التحول إليها.

back to top