«زنار نار» يلف لبنان... والأمطار تنقذ السلطة

• أكثر من 100 حريق أكل «الأخضر واليابس» وقبرص تتدخل بعد «صدمة السيكورسكي»
• وزير ونائب من «التيار الوطني» يتحدثان عن «مؤامرة» و«استهداف» للمناطق المسيحية

نشر في 16-10-2019
آخر تحديث 16-10-2019 | 00:13
مروحية لبنانية تحاول إطفاء النيران فوق بلدة مشرف في قضاء الشوف جنوب بيروت أمس            (أ ف ب)
مروحية لبنانية تحاول إطفاء النيران فوق بلدة مشرف في قضاء الشوف جنوب بيروت أمس (أ ف ب)
اندلعت حرائق في مناطق لبنانية عدة، والتهمت النيران مساحات واسعة من الأراضي. وبدت السلطات عاجزة عن السيطرة على الحرائق قبل هطول الأمطار، في حين تركزت السجالات حول جدوى شراء ثلاث طوافات «سيكورسكي»، وعدم القدرة على صيانتها وعجزها عن القيام بمكافحة الحرائق.
زنرّت نيران الحرائق أكثر من منطقة لبنانية وأكلت "الأخضر واليابس"، في مشهد يمكن وصفه بالكارثي وسط عجز ملحوظ للسلطات التي انقذتها أمطار غزيرة انهمرت مساءً. وأدت الموجة الحارة، التي تضرب لبنان، إلى اندلاع حرائق في مناطق مختلفة من البلاد، كذلك لعبت الرياح القوية دوراً كبيراً بامتداد النيران والقضاء على مساحات واسعة من الأراضي.

وبدا لبنان كله مستنفراً، أمس، بأجهزته الأمنية والإغاثية، والمجتمع المدني، وقد وضعت كل الإمكانات المتاحة في تصرف عناصر الدفاع المدني وفوج الإطفائية، الذين بذلوا مجهوداً استثنائياً، على رغم عدم توافر الأجهزة والمعدات والآليات المطلوبة لمواجهة هذه الكارثة الكبيرة.

وشهد لبنان أكثر من 104 حرائق توزّعت على كلّ الأراضي اللبنانية، إذ اندلعت سلسلة حرائق ليل أمس الأول، أكبرها كان في منطقة الدبيّة والمشرف والدامور (الشوف)، مما أدى إلى مغادرة الأهالي منازلهم بعد تمدد النيران. وعمل الدفاع المدني ساعات إلى جانب الاهالي لاخماد الحريق، كما تدخلت طوافات وطائرات قبرصية للمساعدة في اخماد النيران، نتيجة الرياح والمناخ الحار. كما اندلع حريق كبير في أحراج القرنة الحمرا - مزرعة يشوع - زكريت في المتن. وعملت فرق الدفاع المدني على السيطرة عليه، في حين أن سحب الدخان ارتفعت في المنطقة، مما اضطر بعض الاهالي الى إخلاء منازلهم، كذلك ساهمت طوافات الجيش اللبناني للمساعدة في إخماد النيران.

وكان للبلدات العكارية حصة في هذا المسلسل "الناري"، حيث اندلع حريق كبير في بساتين بلدة دير دلوم في قضاء عكار أتى على أشجار، كما اندلعت 4 حرائق في بلدة كروم عرب، حيث طاولت النيران مساحات كبيرة من الأراضي وكادت تلامس المنازل. كما اندلع حريق في خراج وادي خالد، حيث التهمت النيران مساحة من الأرض العشبية اليابسة. وشهدت مدينة النبطية (جنوب لبنان) ومنطقتها موجة حرائق ساهمت حرارة الطقس المرتفعة بتوسعها وامتدادها، وتمكن الدفاع المدني اللبناني في النبطية والدوير وجباع من إخمادها بالكامل.

الحرائق مفتعلة

وحصلت الكارثة على وقع الكلام عن افتعال مقصود لها، مع تأكيد وزير البيئة فادي جريصاتي من الشوف، أن "الحرائق مفتعلة"، داعيا إلى "إنزال عقوبة الإعدام بحق كل من يعمد إلى إحراق الأحراج". كما كان صادما تساؤل عضو كتلة "لبنان القوي" ماريو عون عن أسباب اندلاع الحرائق في "المناطق المسيحية حصرا".

ودفعت الحرائق الدولة اللبنانية إلى الاستعانة بطائرتين قبرصيتين متخصصتين للمساعدة في إخماد النيران، على أن تصل مروحيات أخرى من اليونان والأردن خلال الساعات المقبلة. وكشفت "النيران" فضيحة تمثلت في إهمال صيانة طوافات الإطفاء الثلاث من نوع "سيكورسكي"، بقيمة نحو 13 مليون دولار، تمّ شراؤها عام 2009 (فترة تولي زياد بارود وزارة الداخلية) بمسعى من جمعية "أخضر دايم"، التي ضمّت عدداً من الهيئات الاقتصادية وأركان القطاع الخاص ورجال أعمال وعدداً من الجمعيّات البيئية، وتقديمها كهبة الى الدولة. وتضمّنت الهبة 3 سنوات صيانة، إضافةً إلى مليون دولار كبدل عن قطع غيار، وبعد انقضاء السنوات الثلاث لم تكمل الدولة صيانتها، ما تسبّب بإيقافها عن العمل. غياب هذه الطوافات عن إخماد الحرائق، أمس، وضع هذه المبادرة التي أطلقت في الأساس من أجل هدف نبيل، في دائرة الاستهداف، وبدأت منذ الصباح التساؤلات عن توقفها عن العمل.

وقال بارود، في تصريح أمس: "الطوافات استعملت على مدى 3 سنوات وشاركت حتى 2013 في مكافحة ما يزيد على 11 حريقاً وفعالية. هل المسألة تتعلق فعلا بالصيانة؟ أم ثمة قطبة مخفية؟ على أي حال، تبقى كلفة الصيانة متواضعة، مقارنةً مع غضب الناس وخوفهم والخسائر في الأرواح والممتلكات، وفي الأخضر القليل المتبقي".

وطلب رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس، "فتح تحقيق في الأسباب التي أدت إلى توقف السيكورسكي عن العمل منذ سنوات، وتحديد المسؤولية، كما طلب اجراء كشف سريع على الطائرات الثلاث والإسراع بتأمين قطع الغيار اللازمة لها". وأوعز إلى المعنيين "وجوب تقديم مساعدات عاجلة إلى المواطنين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم المحاصرة بالنار، وتقديم الإسعافات اللازمة ومعالجة المصابين من السكان أو من الذين يكافحون النار".

وشهد السراي الحكومي استنفارا، أمس، لمكافحة موجة الحرائق والحد من انتشارها، وطمأن رئيس الحكومة سعد الحريري بعد ترؤسه جانبا من اجتماع الهيئة الوطنية لادارة الطوارئ والأزمات والكوارث إلى أنّه "تم التواصل مع دول عدة لإرسال طوافات تكون قادرة على إخماد الحرائق في الليل في حال تجددها"، موضحاً أنّ "المساعدة التي طلبها لبنان من إيطاليا والاتحاد الأوروبي ستصل خلال 4 ساعات".

وقال الحريري: "نشهد حرائق متكررة، هذا الأمر يحصل في العالم كله، ونحن نبذل كل الجهود الممكنة مع غرفة العمليات وكل الاجهزة المعنية من جيش وقوى أمن ودفاع مدني والمحافظين والبلديات والدفاع المدني والصليب الاحمر لإخمادها في اسرع وقت".

وأشار وزير الدفاع إلياس بوصعب من قبرص، أمس، الى أن "موضوع الحرائق أولوية، وهذه الزيارة الى قبرص مبرمجة قبل حصول الحرائق، ونحن طلبنا من قبرص المساعدة لإخماد الحرائق في لبنان، وقد حصلت تلبية سريعة عبر طائرتين قبرصيتين، كما ان هناك 4 طوافات للجيش اللبناني تعمل بشكل دائم"، مضيفاً: "الحرائق اكبر من توقعاتنا، فلا عامل الطقس يساعد ولا الحرارة والهواء يساعدان، وهي من اخطر المراحل التي مررنا بها من ناحية الحرائق في لبنان".

وقالت وزيرة الداخلية ريا الحسن، إن قبرص أرسلت حتى الآن طائرات هليكوبتر، ووافقت اليونان على إرسال طائرتين، مضيفة "لقد اتصلنا بجميع الدول التي يمكنها مساعدتنا".

«حزب الله»: لم يحن أوان الشارع

أكد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم أن حزبه لم يقرر النزول الى الشارع "حتى الآن" رغم أنه يتابع الملف المالي الاقتصادي. وجاء تصريح قاسم بعد نشر صحيفة "الاخبار" المحسوبة عليه، امس الاول، معلومات منقولة عن مصادر في الحزب تفيد بأن الأخير قرر "القيام بخطوات عملية لمواجهة العقوبات الأميركية والمتحمّسين لها، وأن قيادة الحزب تدرس خيارات عديدة، بينها اللجوء إلى الشارع لمواجهة المصارف".

قتيل واحد بنوبة قلبية

سقط الضحية الأولى "للنكبة البيئية"، أمس، إذ توفي الشاب سليم أبومجاهد إثر نوبة قلبية ألمت به بعدما كان قد ساعد في إطفاء الحرائق في بتاتر (الشوف).

وغرد رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط عبر "تويتر"، قائلاً: "تحية اجلال واكبار لشهيد الواجب شهيد الدفاع المدني سليم أبومجاهد، والتحية لجميع المتطوعين والمواطنين وعناصر الجيش الذين يواجهون النيران في أقسى الظروف، وشكرا لقبرص على تضامنها مع لبنان".

back to top