حمور زيادة: أعمل حكّاء بمهنة الجدات والعجائز وسائقي التاكسي

قدم محاضرة «على شاطئ الغرق» في «حديث الاثنين» بمركز جابر الثقافي

نشر في 16-10-2019
آخر تحديث 16-10-2019 | 00:13
مع إقراره بأنها مهنة غريبة بعض الشيء، قال الروائي حمور زيادة إنه يعمل حكاء، في مهنة الجدات، والعجائز، وسائقي التاكسي، إلى جانب الحلاقين القدامى، على اعتبار أن هؤلاء هم الذين يقصون علينا القصص دائماً.
ضمن الموسم الثقافي لمركز جابر الأحمد الثقافي، شهدت قاعته المستديرة إقامة فعالية "حديث الاثنين"، التي استضافت الروائي حمّور زيادة، حيث قدَّم محاضرة بعنوان "على شاطئ الغرق"، بحضور جمع غفير من الأدباء والمهتمين.

في البداية، قدمت الروائية بثينة العيسى نبذة عن زيادة، قالت فيها إنه ولد في الخرطوم في مدينة أم درمان، في معين أبدي للكتابة، انشغل واشتغل بالعمل المدني، والشأن العام، وكتب في الصحف السودانية، وبعد سنة واحدة من انتقاله إلى القاهرة، صدرت له رواية "الكونج"، وبعد سنوات قليلة، أصدر "النوم عند قدمي الجبل"، وفي 2015، صدرت له "شوق الدرويش" في 2014، وتأهلت هذه الرواية إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2015، وفازت بشعبية بين القراء إلى حد ضاهت فيه كتبا حصدت الجائزة في مرحلتها الأخيرة، وترجمت إلى الإنكليزية والفارسية.

وأضافت العيسى أنه صدرت مؤخرا لحمود زيادة رواية "الغرق، حكايات القهر والونس"، التي تلقاها النقاد والقراء بغبطة بصفتها برهانا آخر على تجربة كتابية مغايرة بصفتها "خلطة الحكايا المبهرة"، والكتابة عن "دائرة القهرة التي لا تبقي ولا تذر"، والاقتراب من المرأة كثيرا، ومن متحف المآسي الكامن في عظامها.

من جانبه، قال زيادة: "أنا من بلاد السودان وأعمل حكاء، أعرف أنها مهنة غريبة،إنها مهنة الجدات، والعجائز، وسائقي التاكسي، وربما الحلاقين القدامى، هؤلاء من يقصون عليك القصص دائما، وفي أي وقت، لكنها مهنتي التي أحبها، وقد جاءت بي إلى هنا في هذه الأمسية لأقص عليكم حكاية عن حكاية".

وتحدث عن روايته "الغرق... حكايات القهر والونس" وقال إنها تدور حول "جثة فتاة في نهر النيل، وحولها احتشدت شخوص وحكايات، عندما قررت أن أحكي وجدت أن جثة الفتاة ترمز للنساء، ونهر النيل، القاتل الفاتن بجماله، هو مجتمعاتنا التي تضطهد النساء بأعراف تحسن تجميلها وتزيينها، فالمرأة درة مصونة، لذلك تحبس في البيوت، وهي أميرة وملكة... لذلك تمنع من العمل، وهي مكرمة، لذلك تحجب عن مخاطبة الرجال، الغول يجيد تبرير فظائعه فيبدو كأنه الشاطر حسن، وأحيانا – بل ربما غالبا- لا تصدق الأميرة الأسيرة هذا الادعاء، وبعض الأميرات قد يقتلن الأمير الوسيم حين يأتي لإنقاذهن، ليعشن في كنف الغول".

جثة الغريقة

ومن مقتطفات له قرأ: "ليس من حقي ككاتب أن أشرح الحكاية، وليس لي أن أقدم تأويلا للقارئ، لكن ما يمكنني أن اعترف به هو أنني حين جلست لأحكي قصة الغريقة في نهر النيل كتبت عن كل النساء، وأنا أحب الكتابة عن النساء بذات قدر حبي لهن".

وقرأ في ورقته: "الحكاية التي جئت لأحدثكم عنها هي حكاية النساء في عالم يقهر النساء وليست منشورا نسويا ولا خطابا تحرريا لكنها حكاية وأتمنى أن من قرأها وجدها ممتعة لأننا لهذا نحكي الحكايات حتى إن كانت عن القهر، نريدها أن تكون ونسا، وأن تكون ممتعة".

الحركة الأدبية

بعد ذلك، طرحت العيسى مجموعة من الأسئلة على زيادة، ومنها ما يتعلق بزيارته للخرطوم مؤخرا وكيف يشعر إزاءها؟ فقال: "زرت السودان بعد انقطاع دام عشر سنوات في أبريل الماضي"، مضيفاً: "إنها مسألة صعبة لتعود إلى الذكريات مرة أخرى، فالذكريات مسألة مخادعة جدا، أنت لديك خرطوم، وقرية، وسودان في ذهنك خلقته وحافظت عليه خلال عشر سنوات، لكن الحياة ليست كالنيل إنها تتغير، الناس يتغيرون، الشوارع تتغير".

وعند سؤاله: هل تتمنى العودة للعيش في السودان، أجاب: "أتمنى ذلك لكن هذا القرار لا بد أن أتخذه بشكل عملي وليس بشكل عاطفي، أنا ككاتب وجودي في القاهرة يساعدني على الكتابة والتواصل مع الحركة الأدبية في المنطقة عموما أكثر"، وإن كان عاطفيا يتمنى العودة.

مرة أولى

وعن كتاباته، قال: "مع كل كتاب جديد أعتبر أنها كتابة أولى كلما كتبت رواية أو مجموعة قصصية فكأنك تكتب للمرة الأولى وتبحث عن قراء للمرة الأولى"، لافتا إلى أنه كلما كتب رواية يدخل إليها بإحساس أن هذا عمله الأول، وأن هذا العمل تسويقي سيجد له قاعدة.

وحول روايته "شوق الدرويش"، قالت العيسى إنها استثنائية في النجاحات التي أحرزتها لأنها حازت "جائزة نجيب محفوظ للأدب" عام 2014، ودخلت في القائمة النهائية القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2015، مبينة أن هذه القصة فازت شعبيا وفي وجدان القراء ليعلق زيادة بأن "شوق الدرويش" كانت محظوظة.

كما تطرق زيادة في حديثه إلى الأدب، وقال إنه "عملية فنية تنشر الجمال، وليس مطلوبا أن يكون العمل منشورا سياسيا، وإنما ككاتب عليك أن تسهم في تغيير القبح الواقع في حياتنا، وأن تحاول أن تغير وجدان القارئ إلى شيء أجمل".

«النوم بين قدمي الجبل»

عن تحويل قصته "النوم بين قدمي الجبل"، إلى فيلم "ستموت في العشرين" الذي حصد جوائز في مهرجانات السينما، أعرب حمود زيادة عن قناعته بأن تحويل الأعمال الأدبية إلى نصوص درامية عملية موازية، لأن العمل الدرامي لا يؤخذ "كوبي بيست" إلى دراما.

وأشار زيادة إلى أن "المخرج أمجد أبو العلاء قدم رؤيته الفنية الخاصة، مضيفا أنه كتب النص ولديه محموله الشخصي الخاص به، وأن كل قارئ يقرأ النص بشكل مختلف، ومن حق المخرج أن يقدم رؤيته، فقد تناول النص من زاوية الموت والحياة"، معتبراً أن "من يقرأ النص الأصلي فسيجد أن هذه الفكرة عابرة، وليست الفكرة الرئيسية في النص، لكنها موجودة".

وأضاف أن هذا الفيلم فاز بجائزة النجمة الذهبية في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الجونة بمصر في سبتمبر الماضي، معقبا: "أنا سعيد بالنجاحات التي حصدها الفيلم، وسعيد بعودة السينما السودانية بعد انقطاع طويل".

الحياة ليست كالنيل... إنها تتغير مثل الناس والشوارع

الحكاية التي جئت لأحدثكم عنها هي حكاية النساء في عالم يقهر النساء
back to top