تركيا تحشدت آلاف السوريين الموالين لها استعداداً للهجوم.. والأكراد يعلنون النفير العام

نشر في 09-10-2019 | 16:29
آخر تحديث 09-10-2019 | 16:29
No Image Caption
أعلنت الإدارة الذاتية الكردية الأربعاء «النفير العام» في مناطق سيطرتها في شمال سوريا رداً على تهديد تركيا بشن هجوم وشيك ضدها، داعية في الوقت ذاته روسيا إلى التدخل لتسهيل «الحوار» مع دمشق.

وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من تأكيد أنقرة عزمها بدء عملية «قريباً» في شمال سوريا، في وقت شدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أن بلاده لم تتخل عن حلفائها الأكراد، بعد قراره المفاجئ بسحب قوات من الشريط الحدودي مع تركيا.

وندّدت دمشق، التي تأخذ على الأكراد تحالفهم مع واشنطن وتتهم تركيا بدعم مجموعات «إرهابية»، بـ «النوايا العدوانية» لأنقرة، متعهدة بالتصدي لها.

وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية في بيان صباح الأربعاء «حالة النفير العام لمدة ثلاثة أيام على مستوى شمال وشرق سوريا»، ودعت مواطنيها «للقيام بواجبهم الأخلاقي وإبداء المقاومة في هذه اللحظات التاريخية الحساسة».

وفي بلدة رأس العين الحدودية التي انسحبت منها القوات الأميركية قبل يومين ويرجح أن تبدأ العملية التركية فيها، شاهد مراسل فرانس برس خيماً منصوبة قرب الحدود رفعت عليها أعلام وحدات حماية الشعب الكردية مقابل العلم التركي في الجهة الأخرى، وتجمع فيها متظاهرون منددون بالتهديدات التركية.

وقال كاوى سليم (32 عاماً) من سكان رأس العين لفرانس برس «تلاحقنا الحرب منذ سنوات وفي كل يوم يهددنا إردوغان بالهجوم»، مضيفاً «لن نترك هذه الأرض وليس لدينا خيارات أخرى».

حشد

وحشدت تركيا عشرات الآلاف من المقاتلين السوريين الموالين لها قرب الحدود مع سوريا للمشاركة في العملية العسكرية المرتقبة، وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن «استعداداتنا في ما يتعلق بالعملية مستمرة، نقل الجنود والتحضيرات لا تزال جارية».

وكتب مدير الاتصالات في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون في صحيفة واشنطن بوست أن وحدات الجيش «ستعبر الحدود التركية-السورية قريباً».

وأثار سحب واشنطن بين 50 ومئة جنديّ من الحدود الشمالية الاثنين، مخاوف الأكراد، بعدما بدا ذلك بمثابة ضوء أخضر لتركيا بشن هجومها.

روسيا

ودعت الإدارة الذاتية الأربعاء روسيا إلى لعب دور «الضامن» في محادثاتها مع دمشق، بعد إعلان وزير الخارجية سيرغي لافروف أجراء بلاده اتصالات مع الأكراد والحكومة السورية و«حثهم على بدء الحوار لتسوية المشاكل في هذا الجزء من سوريا، بما يتضمن مشاكل ضمان أمن الحدود السورية التركية».

ورحّبت الإدارة الذاتية في بيان بتصريحات لافروف «حول موضوع الحوار بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية»، وأكدت تطلعها إلى أن «يكون لروسيا دور في هذا الجانب داعم وضامن وأن تكون هناك نتائج عملية حقيقية».

ولم تحرز مفاوضات سابقة قادتها الحكومة السورية مع الأكراد حول مصير مناطقهم أي تقدّم، مع إصرار دمشق على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع النزاع في 2011، وتمسّك الأكراد بإدارتهم الذاتية ومؤسساتها.

وأثار قرار ترامب سحب قواته من الحدود الشمالية انتقادات واسعة من سياسيين أميركيين وحتى كبار الجمهوريين، إذ اعتُبر بمثابة تخلٍ عن القوات الكردية التي شكلت حليفاً رئيسياً لواشنطن في معركتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن ترامب نفى ذلك وقال في تغريدة الثلاثاء «قد نكون في طور مغادرة سوريا، لكننا لم نتخل بأي شكل من الأشكال عن الأكراد».

وهدّد بـ «القضاء» على الاقتصاد التركي إذا قامت أنقرة بأي أمر يعتبره غير مناسب، لكنه في الوقت ذاته أشاد بتركيا كونها «شريك تجاري كبيرة» لبلاده، معلناً أن إردوغان سيزور واشنطن في 13 نوفمبر المقبل.

وقلّلت أنقرة من أهمية تحذيرات ترامب، وقال نائب الرئيس فؤاد أقطاي إن «تركيا ليست دولة تتحرّك بناءً على التهديدات».

ونددت أنقرة مراراً بالدعم الأميركي للوحدات الكردية، التي تصنّفها «إرهابية» وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها على أراضيها منذ عقود.

تنديد

ويثير الدعم الأميركي لقوات سوريا الديموقراطية التي تسيطر على نحو ثلاثين في المئة من مساحة البلاد، غضب دمشق أيضاً، والتي نددت الأربعاء بنوايا أنقرة «العداونية»، متعهدة بالتصدي لأي هجوم تركي.

كما حملت الأكراد مسؤولية ما يحصل نتيجة تحالفهم مع الأميركيين، مشددة في الوقت ذاته على «أنها على استعداد لاحتضان أبنائها الضالين إذا عادوا إلى جادة العقل والصواب».

وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، حليف دمشق والذي يقود إلى جانب روسيا وتركيا مساعي للعملية السياسية، حق تركيا في «القلق» على حدودها الجنوبية، لكنه قال في الوقت ذاته إن الحل يكمن «في وجود الجيش السوري» في المنطقة الحدودية، داعياً الأميركيين إلى «مغادرة المنطقة وأن يقف الأكراد إلى جانب الجيش السوري».

وأبدت دول أوروبية عدة بينها فرنسا قلقها البالغ من تداعيات أي هجوم تركي محتمل على مواصلة المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ومن احتمال أن يُسهم في انتعاشه مجدداً مع انصراف المقاتلين الأكراد إلى مواجهة تركيا.

وشنّ التنظيم هجوماً انتحارياً ليل الثلاثاء في مدينة الرقة، معقله السابق الأبرز في سوريا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان والتنظيم المتطرف الأربعاء.

وعادة ما تشن خلايا التنظيم النائمة هجمات في مناطق سيطرة الأكراد ومنها مدينة الرقة (شمال).

وترغب أنقرة بإقامة «منطقة آمنة» في شمال سوريا تفصل مناطق سيطرة الأكراد عن حدودها، بما يسمح بإعادة نحو 3,6 ملايين لاجئ سوري توجهوا إليها هرباً من النزاع المستمر منذ ثماني سنوات.

وتسيطر تركيا مع فصائل سورية موالية لها على مدن حدودية عدة بعد هجومين شنتهما في سوريا في العامين 2016 و2018.

back to top