قصر محمد علي يستعيد رونقه في «شُبرا» يونيو 2020

شيده مؤسس مصر الحديثة قبل 200 عام على مساحة 50 فداناً

نشر في 03-10-2019
آخر تحديث 03-10-2019 | 00:03
محمد علي باشا
محمد علي باشا
تواصل وزارة الآثار المصرية خطتها لترميم مجموعة من أهم القصور التاريخية في البلاد، ووصلت محطة العمل في هذا الإطار إلى قصر محمد علي باشا في ضاحية "شبرا الخيمة" شمال القاهرة، حيث يخضع القصر الأثري لعملية ترميم لإعادة رونقه التاريخي بعد تأثره عام 2015، حين سقط جزء من سقفه، نتيجة تفجير إرهابي استهدف مبنى الأمن الوطني المجاور له.
يعتبر قصر محمد علي باشا من القصور التاريخية المهمة في مصر، إذ تفقد وزير الآثار المصري، خالد العناني، قبل أيام، مبنى الفسقية في قصر محمد علي بضاحية شبرا الخيمة التابعة لمحافظة القليوبية (شمال القاهرة) للوقوف على مستجدات الأعمال بمشروع ترميم القصر التاريخي، والذي بدأته الوزارة في مارس 2018 بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية، بعد إعداد الدراسات اللازمة بواسطة مركز هندسة الآثار والبيئة جامعة القاهرة مع قطاع الآثار الإسلامية والقبطية التابع للوزارة.

وقال العناني، إن القصر أخضع لعملية ترميم عام 2005، لكن بدأت تظهر تصدعات في الجدران، وكان من الضروري إعادة الترميم، خصوصاً بعد انفجار مبنى أمن الدولة المجاور للقصر، لافتاً إلى أن الحكومة وفرت لوزارة الآثار أكثر من مليار جنيه لترميم منشآت أثرية من بينها قصر محمد على في شبرا.

جودة الترميم

وتابع الوزير خلال جولته التفقدية: "الوزارة تستهدف 30 يونيو 2020 لافتتاح القصر"، مشيراً إلى أنه أعطى تعليماته بالاهتمام بجودة الترميم والحفاظ على الصبغة الأصلية للقصر، كما أن الوزارة تعد خطة خاصة لحديقة القصر، لإقامة أنشطة ثقافية وفنية ومنطقة مطاعم، وإقامة مرسم للفنانين.

من جانبه، قال رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية جمال مصطفى، إن القصر يقع على مساحة ٥٠ فداناً شيده محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة في منطقة شبرا قبل 200 عام، والذي شهدت مصر في عهده نهضة غير مسبوقة في المجالات كافة، وتم إسناد بناء القصر إلى مشيد العمائر "ذو الفقار كتخذا"، وزخرف القصر بواسطة المهندس يوسف حكيكيان، بينما بدأت أعمال البناء عام 1808م وحتى عام 1836م.

وتابع: هذا القصر شهد إدخال أول نُظم الإضاءة الحديثة في مصر، فقد عرفت إنكلترا هذا النظام عام 1820 علي يد "م. جالوي"، فأمر محمد علي باستدعائه لعمل التجهيزات الخاصة بذلك في قصره بشبرا.

ويتفرد القصر بالجمع بين الأسلوب الأوروبي في الزخارف وروح تخطيط العمارة الإسلامية، حيث ساعدت المساحة الشاسعة لموقع القصر على اختيار طراز معماري فريد، والذي يعتمد على الحديقة الشاسعة المحاطة بسور ضخم تتخلله أبواب قليلة العدد.

صفات معمارية

وتوجد في الحديقة مجموعة من المباني، كل منها يحمل صفات معمارية مميزة، كانت سرايا الإقامة أول وأهم منشآت القصر وكان ملحق بها عدة مبانٍ خشبية لموظفي القصر والحراسة، بخلاف سرايا الفسقية، وسرايا الجبلاية التي شهدت إدخال نظام الإضاءة الحديثة ومبنى الفسقية.

إلى ذلك، قال محافظ القليوبية، علاء عبدالحليم مرزوق، إن المحاولات السابقة لترميم القصر كانت على عجلة مما أثر على جودة الترميم، مضيفاً، خلال جولة لمتابعة آخر مستجدات مشروع الترميم، أنه وجه بضرورة الالتزام بالمعايير الأثرية للحفاظ على صبغة الأثر الأصلية، والدقة في أعمال الترميم.

ولفت إلى أن المحافظة تجري خططاً لتطوير المنطقة المحيطة، بجانب عمل طرق مرورية تسهل الوصول إلى القصر، كما أن هناك خطة لتشييد جسر من أعلى النيل يصل مباشرة إلى القصر، بالإضافة إلى مرسى للمراكب النيلية أمام القصر.

يشار إلى أن محمد علي اختار مكاناً قصياً ليشيد لنفسه قصراً، وكانت تلك بداية منطقة "شبرا الخيمة" كما تُسمى اليوم، ففي يناير 1809 ـ أي قبل مذبحة القلعة الشهيرة اختار موقعاً على شاطئ نهر النيل في منطقة شبرا مساحته 50 فداناً وبدأ تشييد القصر، وغرس البساتين والأشجار، ولكن سقط سقف القصر بعد انتهاء بنائه في مايو 1809 فأعيد بناؤه، وفي 1812 أنشأ محمد علي عدداً من السواقي لتوفير المياه للقصر والحدائق.

طابق واحد

وشُيد القصر على مراحل استمرت نحو 13 عاماً، بداية من عام 1808 وحتى عام 1821 ويتكون من طابق واحد ويفتح بأواسط أضلاعه أربعة أبواب محورية يتقدم كل باب سقيفة ويشغل كل ركن من البناء حجرة تبرز من الواجهة كأنها برج ويتوسط البناء حوض تتوسطه نافورة تنخفض عن أرضية البناء.

واشتهر القصر باسم "قصر الفسقية" لوجود نافورة كبيرة به، وللوصول إلى القصر أمر محمد علي بإنشاء شارع شبرا وفي عام 1847 كانت بداية شارع شبرا، وكان هدفه أن يحوِّل هذا الشارع إلى مكان للنزهة والترويح خارج العاصمة، وحتى يتحقق ذلك جاء القرار بأن يكون الشارع أعرض شوارع مصر وقتذاك، وأكثرها استقامة.

افتتاح القصر

وفي عام 2005، قام الرئيس الأسبق حسني مبارك بافتتاح القصر، بعد الانتهاء من مشروع ترميم نفّذته وزارة الثقافة وقتذاك، بتكلفة 50 مليون جنيه، وتضمن إزالة 52 مبنى لوزارة الزراعة كانت تحتل جزءاً من حديقة القصر، بخلاف إجراء أعمال ترميم إنشائي ومعماري، وترميم للزخارف الموجودة في القصر، واستُخدِم القصر بعد ذلك في حفلات رسمية وخاصة، وتعرض لسرقة 9 من لوحاته عام 2009، تم استردادها لاحقاً، قبل أن يُغلق أعام 2011، في أعقاب أحداث ثورة 25 يناير، وفي عام 2015 سقط جزء من سقفه، نتيجة تأثره بانفجار في مبنى الأمن الوطني المجاور له بشبرا الخيمة.

شهد أول نُظم الإضاءة الحديثة في مصر بعد إنكلترا
back to top