مرافعة : الباكيدج القضائي والحياة الكريمة!

نشر في 01-10-2019
آخر تحديث 01-10-2019 | 00:30
 حسين العبدالله ودّعنا الأسبوع الماضي الدفعة الأخيرة من خيرة المستشارين الكويتيين المحالين إلى التقاعد ضمن نظام الباكيدج القضائي الذي أعده المجلس الأعلى للقضاء، بالاتفاق مع مجلس الوزراء، لقاء منحهم رواتبهم الحالية ومكافأة تمثّل رواتب عامين من أجل إراحتهم، بعد بلوغ أغلبهم 32 عاما في خدمة القضاء.

ورغم محاولات الضغط القضائي خلال السنوات الماضية على السلطتين لإقرار قانون يحدد مطالب رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة، وتوفير أنظمة تحقق الاستقرار المعيشي لهم ولأبنائهم، وتعوّضهم عن حالات الحرمان التي يقضونها بسبب طبيعة الوظيفة القضائية، لم يكن أمام المقتربين من سنّ التقاعد والآخرين ممن يخشون عدم تكرار العرض، إلا قبوله، بعد أن أصبح حلم إقرار قانون يوفر الحياة الكريمة لأعضاء السلطة القضائية في عداد الماضي.

وبدلا من أن يأتي المشرّع ويضع حدا لقضية تسرّب عدد من الخبرات القضائية بسبب حالة عدم الاستقرار الوظيفي التي تسبب بها قانون تنظيم القضاء، من عدم منحه معاشا تقاعديا ملائما للقاضي، ولا مكافأة نهاية الخدمة، تجاهل مشروع الباكيدج القضائي الذي لو استمر سنوات أخرى، فسوف يفرّغ القضاء من أغلب طاقاته، بعد أن أصبحت وظيفة ثقيلة الأعباء وضخمة بالمسؤوليات، في ظل تزايد أعداد القضايا سنويا بمعدل يقترب من 30 بالمئة في كل عام، بما يجعلها أشبه بالوظيفة الطاردة.

أتمنى من المخلصين في مجلس الأمة النظر الى مشروع يوفر الحياة الكريمة للقضاة وأعضاء النيابة العامة، ويوفر الأمان لهم ولأسرهم، فمازال الوضع المالي للعديد منهم لا يمكّنهم من توفير التأمين التعليمي والصحي، وتوفير العلاج في الخارج لهم ولأبنائهم، وهناك أمثلة حيّة من القضاة ممن يحتاجون إلى السفر للعلاج في الخارج، بعد أن تعذّر علاجهم في البلاد، في حين مازالت وزارة الصحة تماطل لأشهر طويلة في الموافقة عليها، لأن القاضي لا يعرف طريق الواسطة، ولا يمكنه ذلك من أجل إنجاز معاملته، في حين توفر الدولة للعديد من الوظائف والمهن ممن هي أقل عبئا ومسؤولية العديد من الخدمات، وهو الأمر الذي يتعيّن التنبه إليه.

كما لا يستحق من يؤدون الوظيفة القضائية والمنشغلين بأعبائها والتفكير بمصائر الناس، والعمل على تحقيق العدالة أن تتعامل معهم وزارة العدل هذا التعامل الذي يؤديه مكتب خدمة رجال القضاء، والذي ينجز معاملاتهم في عدة أسابيع وربما أشهر، وهو أمر غير مقبول، ويتعين على وكيل وزارة العدل أن يوفر العدد المناسب من الموظفين، وأن يسخّر كل الإمكانيات المناسبة لإنجاز معاملات القضاة وأعضاء النيابة سريعاً، أم أن المسؤولين في الوزارة يرغبون في دفع القضاة لإنجاز معاملاتهم بأنفسهم وهو أمر الذي لا يتناسب مع الوظيفة التي يؤديها القاضي!

back to top