أنت مثقف... أنت مواطن درجة ثانية

نشر في 01-10-2019
آخر تحديث 01-10-2019 | 00:05
 حمود الشايجي عندما يراك أحدهم تقرأ وتكتب أو تقرأ الصحف أو حتى لك رأي في موضوع ما، دائماً ما ينظر لك نظرة ريبة، ومن بعدها يبدلها إلى نظرة ساخرة، ويقول: "يعني مثقف؟!"، وبهذا السؤال يكون قد حدد موقعك وطريقة التعامل معك، وهذا التعامل في الأغلب يكون قائماً على عدم الجدية.

بيني وبينك معه حق، هذا الشخص الذي يعاملك بهذه الطريقة، فمن أنت؟ الجواب: أنت لا شيء، أنت لا قيمة لك، فلقد تم سحب كل صلاحياتك، فصوتك لا يُسمع، ورأيك لا يؤخذ على محمل الجد، وليس لك بُعد انتخابي على طريقة أهل السياسة، ولا تُدخل الناس الجنة والنار على طريقة رجال الدين، أنت كائن مُفَرَّغ من كل شيء والكتب التي قرأتها، والآراء التي تعبت في تكوينها لا أحد يرغب فيها.

حتى حقوقك التي كفلها الدستور لك كمواطن مثل باقي المواطنين لا يتم التعامل معها على هذا الأساس، فأنت لا رجل دين ولا سياسي، كما قلت لك سابقاً، لتستجيب لصوتك العالي السلطة، أنت مواطن من الدرجة الثانية، حقوقك مسلوبة، كتبك التي كتبتها أو تريد قراءتها ممنوعة، وكذلك أعمالك المسرحية والتشكيلية، ومنصاتك التي تريد الخروج بها إلى قلة قليلة من الناس ممنوع أنت منها، لذلك كل ما عليك فعله هو أن تعيش كما أرادوك أن تعيش، منعزلاً عمَّا حولك، عن مجتمعك، وهذا ما تعاونت كل الجهات ليبعدوك ويعزلوك، لكن ما نشهده من حراك ثقافي جديد في الكويت يقول غير ذلك.

يقول إنه رغم كل هذا العزل وهذه الصورة القاتمة للمثقف فإنه بات محركاً في قضايا المجتمع، وله صوته الذي ابتكره ليخترق حواجز العزل الذي وضعوه فيها، وهذا ما شهدناه في قضايا عدة، فالرُؤى الشبابية الثقافية التي أخذت تكبر في المجتمع بدأت تأخذ حيزها وتحقق أهدافها في بعض القضايا التي يهملها الجانب الرسمي في الدولة، من مثل قضية تعليم الأطفال المعسرين، هذه القضية التي باتت موسمية في الكويت، ومع الأسف لا يراد أن تعالج بشكل حاسم، لذلك تأتي هذه المبادرات القائمة على "قوة القراءة" لتعلي من قيم كثيرة، من أهمها قيمة أن يكون حق الطفل في التعليم حقاً أصيلاً لا يُساوم عليه.

لهذا السبب لا تصدق ما قرأته في أول هذا المقال، بأنه تم عزلك وأن لا صوت لك في المجتمع، لكن لأنك مختلف عليك أن تبتكر لصوتك نبرة مختلفة حتى لا يختلط بزحام الأصوات العالية ويضيع.

back to top