سدانيات: حضارة الأسمنت

نشر في 27-09-2019
آخر تحديث 27-09-2019 | 00:10
 محمد السداني في لقاء تلفزيوني سابق كنت أتحدث مع مسؤولي البرنامج الإنشائي لمشروع جامعة الكويت وموقعها الجديد في الشدادية، وكان السؤال الذي لم يخرج على لساني لضيفي الكريمين هو: ماذا أعددنا لهذه الصروح الكبيرة؟ هل كانت الحاجة فقط إلى مبانٍ كبيرة وفخمة أم الحاجة لإنسان حقيقي يشغل هذه المباني فينتج عنه تطوير وازدهار وتغيير في سلوك الإنسان؟!

لم تكن الإجابة تحتاج شرحا حتى انهالت وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطع الفيديو والصور التي نقلت ما نقلت من كوارث حدثت في هذا المبنى الذي لم يلفظ أنفاس تشغيله حتى الآن، إنَّ المشاهد للسلوكيات التي تمارس في الجامعة يدرك تماما أن شيئا لم يتغير في الجامعة التي كانت صغيرة ضيقة على طلابها، والتي كبرت وصارت كبيرة واسعة تتسع لممارسات لم ولن تتغير بعوامل البناء والأسمنت!

إنَّ المجتمعات المتطورة لم تعتمد على البناء والحجارة لكي تكون فردا صالحا للعيش والتعايش وفقا للنظم الإنسانية التي تحتم عليه أن يحافظ على نظافة مكانه، ويحترم الآخرين، وأن يعتاد النظام واحترام النظام المروري، إن الدولة ومن يعزف عزفها لم يع ما تحتاجه الدولة حقيقة من عملية التعليم سواء كان أوليا أو جامعيا، إنَّ المباني الأسمنتية والمشاريع الضخمة لم ولن تكون سببا في نهضة أي أمة لأنها لا تشكل فارقا حقيقيا للشعوب في نهضتها، ولكنها حقيقة تشكل نوعا من الخداع الذي لا ينطلي إلا على السذج.

لا أقول إنَّ هذه المباني عديمة القيمة– أستغفر الله- فهي مجهود يشكر عليه من قاموا وسهروا على إنجازه، ولكن العتب على الدولة التي لم تلتفت لنشأة الأجيال الفكرية والسلوكية التفاتا حقيقيا– وهو الأهم– فأهملت المضمون، واهتمت بالشكل، وتركت الأهم لتتمسك بالأمور الثانوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

إن عوامل النهضة التي تؤصلها السلوكيات المجتمعية الطامحة للتغير تأتي عن طريق رغبة حقيقية في التغيير إلى الأفضل، وهذا ما لم نشاهده في كل المجتمع، فعلى سبيل المثال لا الحصر ما رأيناه من مشاهد في انتخابات جامعة الكويت يعطينا مؤشرا حقيقيا على فوضى الممارسة الفكرية وانقضاء المعارك الفكرية والتدافع الأيديولوجي إلى معركة من معارك الغابة التي تكون الغلبة فيها للأقوى وليس لصاحب الحجة.

back to top