المسار السريع للطاقة النظيفة

نشر في 18-09-2019
آخر تحديث 18-09-2019 | 00:00
 بروجيكت سنديكيت أصبح التحول الشامل من الوقود الأحفوري الكثيف الكربون إلى مصادر متجددة أكثر نظافة وموثوقية مثل الرياح والطاقة الشمسية، قيد التنفيذ، لكن السؤال المطروح الآن- بالنسبة إلى عقد 2020 وما بعده- هو: ما مدى سرعة تحقيق ذلك؟

الانتقال البطيء يعني استمرار شركات قطاع الطاقة في الازدهار، وقد يؤدي ذلك إلى الفشل في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات المنصوص عليها في اتفاقية باريس المناخية لعام 2015، ولكن إذا كان الانتقال سريعا، فستواجه الشركات القائمة تحديات كبيرة، ثمن تحقيق أهداف باريس. في الوضع الراهن، كلا السيناريوهات ممكنة، وتمثل طريقين مختلفين.

في تقرير جديد لمجلس المستقبل العالمي للطاقة في المنتدى الاقتصادي العالمي حددنا نحن والمؤلفون المشاركون أربعة مجالات رئيسة ستحدد المسار الذي نتخذه، تقدم سرعة تحول الطاقة دليلا واضحا على أن التحول سيكون سريعا للغاية، وأن على جميع أصحاب المصلحة في نظام الطاقة العالمي أن يكونوا على أتم استعداد.

يتمثل أحد المجالات التي تختلف فيها السيناريوهات التدريجية والسريعة في اعتماد الطاقة المتجددة. متى ستبدأ مصادر الطاقة المتجددة بإزاحة الموظفين الحاليين؟ بالنسبة إلى الأسواق فإن اللحظة الأساسية هي عندما تحقق مصادر الطاقة المتجددة كل النمو في إمدادات الطاقة، وكذلك النمو في إمدادات الكهرباء، سيحدث ذلك على الأرجح في أوائل عام 2020، قبل أن يفقد الوقود الأحفوري حصته المهيمنة من إجمالي إمدادات الطاقة. ومع تحول مصادر الطاقة المتجددة إلى الصناعات الرائدة في قطاع الطاقة، ستعيد الأسواق المالية تخصيص رأس المال وفقا لذلك.

يتعلق المجال الثاني بالابتكار في تكنولوجيا الطاقة، وما إذا كان النمو في التطبيقات الجديدة خطيا (السيناريو التدريجي) أو أُسيا (السيناريو السريع). تُعد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أرخص بالفعل من الوقود الأحفوري عندما يتعلق الأمر بتوليد الكهرباء، قد تنافس السيارات الكهربائية السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي في السعر، إذ تُشير الدلائل إلى أن الحواجز التي تحول دون انتشار السيارات الكهربائية في المستقبل المنظور يمكن القضاء عليها، وعلاوة على ذلك هناك موجات جديدة من الابتكار، في شكل تكنولوجيات ناشئة ولكن قابلة للتطبيق بالفعل مثل الطاقة الهيدروجينية الخضراء، ومن المرجح أن تنخفض أسعار مصادر الطاقة المتجددة أقل بكثير من أسعار مصادر الطاقة الحالية، وسرعان ما ستؤدي إلى نمو هائل في الطاقة الخضراء.

يتمثل المجال الرئيس الثالث في السياسة العامة، فهل ستبقى عملية صنع السياسات متحفظة أم ستصبح أكثر ديناميكية وطموحا لأن التقنيات الحديثة تخلق فرصا لتحسين تصميم الأسواق وعملها؟ بسبب القصور الحاصل في هذا الجانب، أضحت السياسات الحالية محدودة النطاق، لكن التاريخ يعلمنا أن هناك نقاط تحول: بمجرد حدوث تغيير حقيقي، يتم تبنيه سريعا في جميع المجالات، كما في حالة القوانين التي تحظر التدخين داخل المباني.

نظر إلى أن التكنولوجيات الجديدة توفر بالفعل حلولا أفضل لاحتياجات الطاقة للمستهلكين، فإن صناع السياسات سيستجيبون حتما لمطالب ناخبيهم، وبمجرد أن يدرك عدد كاف من السياسيين أن تحول الطاقة ليس مُكلفا، وسيؤدي بالفعل إلى زيادة القدرة التنافسية (وبالتالي خفض الأسعار)، فسيقومون بتحديث القواعد التي تحكم أسواق الطاقة لإفساح المجال أمام التغيير الجاري بالفعل.

المجال الرئيس الأخير هو الأسواق الناشئة، التي يمكن أن تتبع إما مسار الوقود الأحفوري في البلدان المتقدمة، وإما التحول إلى تقنيات الطاقة الحديثة، حيث تحتاج دول مثل الصين والهند بلا شك إلى توليد المزيد من الطاقة لمواطنيها، فلا يزال ما يقرب من مليار شخص في جميع أنحاء العالم يفتقرون إلى الكهرباء، لكن هذا لا يعني أن على البلدان الناشئة والنامية اختيار أنواع الوقود الأحفوري العالية الانبعاثات. مثلما أصبحت الهواتف الثابتة عديمة الجدوى بعد ظهور الهواتف المحمولة في معظم العالم النامي، يمكن أن تصبح مصادر الطاقة المتجددة بأسعار معقولة الخيار الأول الواضح لتوليد الطاقة.

من وجهة نظرنا تُشير الأدلة بشكل واضح إلى تحول سريع للطاقة في السنوات المقبلة، إذ يكمن الخطر في أن أصحاب المصلحة الرئيسيين سيفشلون في تحديد المسار الذي نتبعه، وسيقومون باتخاذ قرارات سيئة، إذا حدث ذلك فيتعين علينا جميعا تحمل تكاليف الأصول العالية الكربون العالقة والاستثمارات السيئة في التقنيات القديمة، والأسوأ من ذلك أننا سنضيع فرصة مبكرة لتحقيق الاستدامة وتقليل مخاطر التغيرات المناخية الكارثية.

الجميع له دور يؤديه في تحديد المسار الذي ينبغي اتباعه، إذا أدرك أصحاب المصلحة الوتيرة السريعة لتحول الطاقة الشامل الجاري بالفعل وتبنوا التغيير، فسنتمكن من الوصول إلى أهداف باريس والحصول على كوكب يسمح للجميع بتحقيق الازدهار.

* كينجسميل بوند وأنجوس ماكرون

* كينجسميل بوند استراتيجي الطاقة الجديد لشركة Carbon Tracker، وأنجوس ماكرون رئيس تحرير بلومبرغ إن إي إف،

«بروجيكت سنديكيت، 2019» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top