رأي : «الادعاء العام»... وشُبهة عدم الدستورية

الملاحظ من تلك الفقرة أن المُشرع جعل الحق بالطعن على الأحكام الصادرة من دائرة الجنح المستأنفة أمام دائرة تمييز الجنح بمحكمة الاستئناف للنيابة العامة - ولو لم تكن غير مختصة بالتحقيق والتصرف والادعاء في الجنحة - وسلب حق الادعاء العام بالطعن عليها مباشرةً وقصرها بتقديم طلب إلى النيابة العامة، وقد يخضع هذا الطلب لتقدير الأخيرة من حيث الأسباب ومدى جديتها، ألا يُعد ذلك انحرافاً تشريعياً؟ أخذاً في الاعتبار ما استقر عليه الفقه الجنائي بأن من له حق الادعاء يشمل بالضرورة الحق في الطعن، فكيف يكون للادعاء العام حق تمثيل جهة الادعاء أمام محكمة الجنح والطعن على أحكامها أمام الجنح المستأنفة والادعاء فيها، ويحرم حقه بالطعن مباشرةً أمام تمييز الجنح؟!إن الممايزة بممارسة حق التقاضي بين الخصوم والمساس بمبدأ التكافؤ حتماً سيؤديان إلى المساس والانتقاص بمراكزهم القانونية، سيما أن هذا التمييز لا يوجد ما يبرره موضوعاً ومنطقاً، علاوةً على أنه مفتقد للفلسفة التشريعية، يبدو أن المُشرع تعجّل حينما سلب حق الادعاء العام من الطعن مباشرةً أمام تمييز الجنح على الأحكام الصادرة من الجنح المستأنفة واشترط عليه أن يتقدم بطلبه للنيابة العامة بالطعن في جنحة لم تُحقق أو تتصرف أو تدعي فيها الأخيرة، لذلك يرى الكاتب ضرورة التدخل التشريعي لتصحيح الخلل الوارد في المادة 200 مكرر من قانون الإجراءات لمخالفتها حكم المادتين 29 و34 من الدستور، أو أن للادعاء العام التابع للإدارة العامة للتحقيقات كونه صاحب صفة ومصلحة برفع دعوى دستورية مباشرة بعدم دستورية تلك الفقرة، وبالتالي يتعين على المُشرع أن يعطي الأهمية لهذه الإدارة، بوصفها سلطة تحقيق وتصرف وادعاء في جرائم الجنح كأصل عام، لا أن يسلب حقوقها المقررة قانوناً.