التصلّب المتعدّد... الأرجيات الغذائية تفاقمه

نشر في 13-09-2019
آخر تحديث 13-09-2019 | 00:00
No Image Caption
يُعتبر مرضى التصلّب المتعدد عرضة لمعدلات أعلى من نشاط هذا الداء إذا كانوا يعانون أرجية غذائية، وفق بحث أُجري أخيراً.
أظهرت دراسات سابقة أن الأرجية تؤدي دوراً في التصلب المتعدد، ومذنبين محتملين، كغبار الطلع، والعشب، والحيوانات الأليفة، والأدوية، وأنواع عدة من الطعام، إلا أنها لم تقدّم عموماً خلاصة حاسمة.

أجرى أخيراً باحثون من مركز بارتنرز للتصلب المتعدد في مستشفىBrigham and Women’s في بوسطن بماساشوستس دراسة تناولت عن كثب الروابط بين الأرجية وبين نشاط مرض التصلب المتعدد.

استند الباحثون إلى بيانات 1349 مريضاً عانوا التصلب المتعدد من دراسة تُدعى «التحقيق الطولي الشامل في التصلب المتعدد في مستشفىBrigham and Women’s».

زودتهم الدراسة ببيانات مسح عن «أرجيات البيئة، والطعام، والدواء» وعن نشاط المرض استناداً إلى استبانات سريرية وصور التُقطت بالرنين المغناطيسي. غطت هذه البيانات فترة امتدت بين 2011 و2015.

فصّل الفريق نتائجه في تقرير نُشر في مجلة «علم الأعصاب، وجراحة الأعصاب، وعلم النفس».

مرض التهابي كثير التقلبات

التصلب المتعدد داء طويل الأمد كثير التقلبات يصيب الجهاز العصبي المركزي، الذي يشمل الدماغ، والحبل الشوكي، والأعصاب البصرية.

يعتقد الخبراء أن التصلب المتعدد من أمراض المناعة الذاتية، أي مرض يطلق معه جهاز المناعة هجمات التهابية على الأنسجة السليمة كما لو أنها تشكّل خطراً.

في حالة التصلّب المتعدد، تلحق الاعتداءات الالتهابية الضرر بغلاف الميالين الدهني الذي يحمي الألياف العصبية والإشارات الكهربائية التي تحملها.

من الممكن أيضاً أن تتلف الهجمات الألياف العصبية بحد ذاتها والخلايا التي يتشكل منها الميالين.قد تستمر أعراض التصلب المتعدد وتزداد سوءاً تدريجياً، أو قد تظهر وتخفّ مراراً. صحيح أن هذا المرض يصيب الإنسان في أي عمر كان، إلا أن معظم مَن يعانونه يكونون بين سن العشرين والخمسين حين يشخّص الأطباء إصابتهم به.

تختلف الأعراض وفق حجم الضرر وموضعه في الجهاز العصبي المركزي، وتشمل مثلاً، تشوشاً في البصر، وتعباً مفرطاً، وصعوبة في الحركة، ومشاكل في الذاكرة والتركيز، ورعشة، وتلعثماً في الكلام، وخدراً، وعمى، وشللاً، وغيرها.

صحيح أن الأطباء لا يستطيعون تحديد المسار الذي سيتبعه المرض تحديداً في حالة كل مريض، إلا أنهم يحددون أربعة أنواع رئيسة من التصلب المتعدد، تختلف وفق نمط الأعراض وحدتها.تشير المؤسسات المعنية بالتصلب المتعدد إلى أن 2.3 مليون شخص حول العالم يعيشون مع هذا المرض.

بنية الدراسة

وزّع فريق مستشفى Brigham and Women’s، استناداً إلى البيانات التي قدمها المشاركون الـ1349 من دراسة «التحقيق الطولي الشامل في التصلب المتعدد في مستشفى Brigham and Women’s» على أربع مجموعات: أرجيات بيئية، أو أرجيات طعام، أو أرجيات أدوية، أو لا أرجيات معروفة.قيّم الباحثون بعد ذلك نشاط التصلب المتعدد في كل مجموعة. ولإجراء هذا التقييم، استخدموا عدداً من «المتغيرات السريرية والإشعاعية».شملت المتغيرات السريرية عدد نوبات التصلب المتعدد أو الانتكاسات والعلامات الواردة على استبانات الإعاقة التي ملأها المشاركون خلال زيارتهم الأحدث إلى عيادة الطبيب.أما المتغيرات السريرية، فاستمدها الباحثون من عمليات مسح للدماغ بالرنين المغناطيسي كان من الممكن عبرها اكتشاف وجود الآفات النشيطة وتحديد عددها.استعمل الفريق أيضاً بيانات من عمليات مسح خضع لها المرضى خلال زيارتهم الأخيرة إلى العيادة، أُجريت بنوع من التصوير بالرنين المغناطيسي يستخدم عامل تباين بغية إبراز مواضع الالتهاب النشيط في الدماغ والحبل الشوكي.يتألف عامل التباين من جزيء كبير يحتوي على عنصر الغادولينيوم، الذي يعجز عموماً عن تخطي حاجز الدم-الدماغ الذي يقع بين مجرى الدم وبين الجهاز العصبي المركزي. لكنه يستطيع عبور حاجز الدم-الدماغ خلال نشاط مرض التصلب المتعدد لأن الالتهاب يُضعفه.

نشاط مرضي مضاعف

كشف تحليل أولي أن امتلاك أي نوع من الأرجية يرتبط بمعدل أعلى بنسبة 22 % من نوبات التصلب المتعدد التراكمية، مقارنة بمن لا يعانون أية أرجية معروفة.ولكن عندما أعاد الباحثون التحليل، آخذين في الاعتبار هذه المرة عدداً من العوامل المؤثرة المحتملة، اختفى الرابط. وعندما ركّز الفريق على أرجيات محددة، اختلفت النتائج.مقارنةً بمن لا يعانون أية أرجية معروفة، تبين أن الإصابة بأرجية طعام ترتبط بارتفاع بنسبة 27 % في المعدل التراكمي لهجمات التصلب المتعدد، حتى بعد أخذ العوامل المؤثرة المحتملة في الاعتبار.بالإضافة إلى ذلك، ظهر الرابط بين المرض النشيط وبين الأرجية بوضوح أكبر. فقد جاء احتمال أن تعكس الصور التي التُقطت بالرنين المغناطيسي أدلة على المرض النشيط أعلى مع كل أنواع الأرجيات، مقارنةً بمن لم يعانوا أرجية معروفة.كذلك جاء احتمال أن تقدّم مجموعة أرجية الطعام بالتحديد أدلة على المرض النشيط من خلال التصوير البرنين المغناطيسي أعلى بنحو الضعف، مقارنة بمن لا يعانون أرجية معروفة.في المقابل، لم يتوصل الفريق إلى أي رابط بين علامات حدة المرض أو الإعاقة التي يسببها وأي شكل من أشكال الأرجيات.

الحاجة إلى دراسات إضافية

لما كانت الدراسة تأملت وضع المرض في نقطة محددة من الزمن، فلم يتناول هذا البحث أية علاقة سببية. لذلك لم يستطع الباحثون الاستنتاج أن الإصابة بأرجية قد تسبب التصلب المتعدد أو تزيده سوءاً. كذلك لم يتمكنوا من تحديد ما إذا كان التصلب المتعدد يسبب الأرجيات أو يزيدها سوءاً.لكن دراسات أخرى تشير إلى أن الأرجيات تفاقم الالتهاب في حالة التصلب المتعدد، وأن هذا الأمر قد يرتبط بعوامل جينية مشتركة بين التصلب المتعدد وأنواع أخرى من أمراض المناعة الذاتية.تشمل التفسيرات المحتملة الأخرى طرح أن أرجيات الطعام قد تبدّل، من خلال تأثيرها في بكتيريا الأمعاء، المواد الكيماوية التي تؤثر في الجهاز العصبي المركزي.من العوامل التي تحد هذا البحث الأخير واقع أن أكبر جزء من البيانات جاء من عمليات مسح أجراها المشاركون أنفسهم. ومن هنا تنشأ الحاجة إلى المزيد من الدراسات بغية التثبت من النتائج.

يختم الباحثون: «تشير نتائجنا إلى أن مرضى التصلب المتعدد الذين يعانون أرجيات يواجهون مرضاً أكثر نشاطاً ممن لا يعانون أرجية، وأن أرجيات الطعام تشكّل المحفز وراء هذا التأثير».

الإصابة بأرجية طعام ترتبط بارتفاع نسبة 27% في المعدل التراكمي لهجمات التصلب المتعدد
back to top