«التمييز»: لا يصح الحكم في المعارضات المرفوعة على الأحكام الغيابية دون إعلان المتهم

• في حكم من شأنه إبطال مئات أحكام المعارضة في «الجنح» و«الجنايات»
• إصدار الأحكام في غيبة المتهم حجب لحقه في الدفاع

نشر في 10-09-2019
آخر تحديث 10-09-2019 | 00:05
No Image Caption
في حكم قضائي بارز من شأنه أن يبطل المئات من الأحكام القضائية الصادرة من محاكم الجنايات والجنح لخلوها من إعلان المتهمين في المعارضات التي يقيمون على الأحكام الجنائية الغيابية الصادرة بحقهم، قضت محكمة التمييز الجزائية برئاسة المستشار صالح المريشد بإبطال محاكمة متهمين اثنين في قضية سرقة بالإكراه، وإعادتها إلى محكمة الجنايات أول درجة لنظر معارضتهما وذلك لأن المعارضة التي قضت بها محكمة المعارضة باعتبارها كأن لم تكن لم يتم إعلان المتهمين بتلك الجلسة.

وقالت التمييز في حيثيات حكمها، إنه «لا يصح الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابي الصادر بإدانته باعتبارها كأن لم تكن أو بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً بغير سماع المعارض إلا إذا كان قد أعلن إعلاناً صحيحاً بتاريخ الجلسة التي حددت لنظر المعارضة وتخلف عن الحضور بدون عذر مقبول.

وشددت المحكمة في حكمها على أن إصدار الحكم في غيبة المتهم فيه حرمانه من تقديم الدفاع واستعمال حقه فيه وقد حجبت تلك الإجراءات محكمة أول درجة، بذلك القضاء، عن نظر موضوع المعارضة.

الطعن

وكانت محكمة أول درجة قضت غيابياً بحبس المتهمين ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وإبعادهما عن البلاد وعقب تنفيذ العقوبة بعد إدانتهما بجريمة سرقة بالقوة والكسر لأحد الأكشاك لكنهما قدما على ذلك الحكم معارضة إلا أن المحكمة قررت فيها باعتبارها كأن لم تكن فطعنا بالاستئناف فقُضي بتأييد حكم محكمة أول درجة فطعن على الحكم أمام محكمة التمييز على إجراءات المحاكمة التي تمت قبلها.

وقالت محكمة التمييز لدى نظرها الطعن أن البين من الاطلاع على الأوراق ومحضر جلسة محكمة أول درجة أن المحامية الحاضرة عن الطاعن قدمت مذكرة بدفاعه أمام المحكمة أبدت فيها عذره عن تخلفه عن حضور جلسة المعارضة الصادر فيها الحكم المستأنف ومن ثم عدم علمه بصدوره ذلك الحكم مما حال دون تقريره بالاستيقاف في الميعاد لما كان ذلك وكانت المادة (190) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية قد نصت على أنه (على رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم أن يأمر بتحديد جلسة لنظر المعارضة ويعلن قلم الكتاب من تلقاء نفسه للمحكوم عليه وسائر الخصوم بميعاد هذه الجلسة كما يعلن من تلقاء نفسه عريضة المعارضة لسائر الخصوم).

اعلان

وأضافت المحكمة أن المشرع قد نص في المواد (16، 17، 18، 19) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على الإجراءات الواجب اتباعها لإعلانه أوامر التكليف بالحضور ومن بينها ورقة التكليف بالحضور لجلسة المحاكمة - فأوجب أن يحرر الإعلان من نسختين يوقع عليه من رئيس المحكمة أو المحقق ويعلن من موظفي المحكمة أو رجال الشرطة أو أي موظف آخر يمنحه رئيس العدل هذا الحق- كما أوجب أن يتم الإعلان لشخص المكلف بالحضور إذا أمكن وإذا لم يوجد يسلم الإعلان إلى أحد اقاربه من الذكور البالغين القاطنين معه- وإذا تعذر تسليم الإعلان في الحالتين لعدم وجود أحد منهم أو لرفضهم التسلم سلمت الصورة في اليوم ذاته لمسؤول مخفر الشرطة أو من يقوم مقامه- الذي يقع في دائرته موطن المكلف بالحضور- على أن يرسل القائم بالإعلان إلى المكلف بالحضور كتاباً مسجلاً خلال 24 ساعة يخطره أن الصورة سلمت لمخفر الشرطة - موضحاً به ما تم من إجراءات وإذا لم يكن موطن المكلف بالحضور معلوماً سلمت الإعلان للنيابة العامة أو الادعاء بحسب الأحوال ورتب المشرع البطلان كجزاء لمخالفة إجراءات الإعلان السالف بيانها- كما أوجب المشرع على القائم بالإعلان أن يرد صورته موقعاً عليه ممن تسلم الإعلان وموضحاً بها ما تم من إجراءات وما قام به وموقعاً منه ويعد ذلك شهادة منه وحجة في الإثبات إلى أن يثبت ما يخالفه.

اخلال

ولفتت المحكمة إلى أن المشرع بما نص عليه في المادة (122) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، أوجب على المحكمة عند نظر الدعوى إذا تخلف المتهم أو وكيله عن الحضور- وقبل أن تحكم في غيبته أن تتاكد من أنه تم إعلانه إعلاناً- قانوناً صحيحاً بالجلسة التي حددت لمحاكمته، ولها أن تؤجل الدعوى إلى جلسة أخرى وتأمر بإعادة إعلانه- وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول استئناف الطاعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد دون أن يعرض لما أثاره الطاعن من عذر حال دون تقريره بالاستئناف في الميعاد على الرغم من أنه أبدى عذره في ذلك على نحو ما سلف بيانه- مما كان يوجب على الحكم بسطة والرد عليه أما وأنه التفت عنه دون رد فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب تمييزه.

الحكم الغيابي

وقالت المحكمة، إن الدعوى بحالتها هذه تكون صالحة للفصل فيها وذلك أن البين من الأوارق ـنه قد تحدد لنظر معارضة الطاعن في الحكم الغيابي الصادر ضده ولم يحضر المتهم فقررت المحكمة التأجيل لجلسة أخرى لإعلانه وبتلك الجلسة تبين أنه أعلن في مواجهة النيابة العامة وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة أخرى وفيها قضت باعتبار المعارضة كأن لم تكن، وكان إعلان الطاعن في مواجهة النيابة العامة قد تم دون إثبات أنه قد تم اتخاذ ثمة إجراء لإعلانه لشخصه أو في محل إقامته مع أحد الذكور البالغين القاطنين او إعلانه مع جهة الشرطة والإخطار عنه بمسجل خلال 24 ساعة في حالة تعذر إعلانه وفق الحالتين السابقتين أو رفضهم الاستلام ومن ثم فإن إعلانه في مواجهة النيابة العامة دون بذل أي جهد مفعول للتحري عن موطن الطاعن وإثبات عدم الطاعن بالجلسة التي حددت لنظر معارضته. ومن ثم علمه بالحكم الصادر فيها فإن ميعاد الاستئناف لا يبدأ سريانه في حقه إلا من تاريخ علمه بصدور هذا الحكم وهو تاريخ القبض عليه وكان الطاعن قد قرر بالاستئناف أي خلال الميعاد المحدد بالمادة (201) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية فإن استئنافه يكون قد قرر به في الميعاد ومن ثم تعين قبوله شكلاً.

إجراءات الإعلان... معيبة

بينت المحكمة أن المقرر أنه لا يصح الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابي الصادر بإدانته- باعتبارها كأن لم تكن أو بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً بغير سماع المعارض إلا إذا كان قد أعلن إعلاناً صحيحاً بتاريخ الجلسة التي حددت لنظر المعارضة وتخلف عن الحضور بدون عذر مقبول- فإذا كان الحكم المستأنف بقضائه في المعارضة باعتبارها كأن لم تكن على الرغم من أن تخلف المعارض عن حضور تلك الجلسة يرجع إلى إجراءات معيبة- وهي عدم إعلانه إعلاناً قانونياً صحيحاً وكان من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع وقد حجبت تلك الإجراءات محكمة أول درجة بذلك القضاء نفسها عن نظر موضوع المعارضة مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المستانف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لنظر معارضة الطاعن مع تكليف قلم الكتاب بالمحكمة الكلية تحديد جلسة لنظرها وإعلان الطاعن بها.

لا يجوز للمحاكم الجزائية الأخذ بإعلان النيابة دون أن تسبقه إجراءات التحري عن عنوان المتهم

على المحاكم التأجيل إذا وجد عذر مقبول لم يمكن المتهم من الحضور أو لم يصح إعلانه

إبطال حبس المتهمين وإعادة القضية لنظر معارضتها مجدداً 3 سنوات
back to top