تطورات أسواق النفط تضغط على توازن الأسعار

مشاريع الطاقة المتجددة تحتاج إلى 16 تريليون دولار والمنتجون يتراجعون عن دعمها

نشر في 10-09-2019
آخر تحديث 10-09-2019 | 00:03
No Image Caption
ستواجه أسواق النفط عجزاً في الإمدادات على المديين القريب والمتوسط، على الرغم من تزايد هشاشة الاقتصاد العالمي، وركود الطلب على النفط، في وقت تستعد الأسواق لمواجهة فائض كبير العام المقبل.
قريبا تواجه أسواق النفط عجزا في الإمدادات، على الرغم من تزايد هشاشة الاقتصاد العالمي وركود الطلب على النفط، وفي الوقت نفسه تستعد الأسواق لمواجهة فائض كبير العام المقبل.

وأشار خبراء نفطيون الى أن خفض انتاج النفط من خلال اتفاق منظمة أوبك وحلفائها الى جانب تدهور إمدادات إيران وفنزويلا، وتباطؤ نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة عوامل ساهمت في تشدد الأسواق؛ مما يوحي بإمكانية أن يشهد ما تبقى من العام الحالي سحبا كبيرا وسريعا من المخزون، يؤدي إلى التخلص من بعض الوفرة في الإمدادات.

إمدادات النفط

ويبدو أن درجة عدم اليقين والمخاطر التي تهدد إمدادات النفط العالمية كبيرة، لأن هذا الكم الهائل من انقطاعات الإنتاج في العالم من شأنه أن يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع إلى مستويات قياسية، إذ مازالت "أوبك" تبقي على 1.2 مليون برميل يوميا خارج السوق، بالاضافة الى ان فنزويلا فقدت نحو مليون برميل في اليوم مقارنة بمستويات عام 2017 كما تراجعت صادرات إيران بأكثر من مليوني برميل يوميا منذ إعادة تطبيق العقوبات عليها ؛ إلى جانب الهجمات على الناقلات، والتوترات العالية في منطقة الخليج العربي التي تعرض مزيدا من الإمدادات للخطر.

وقد انخفضت صادرات النفط الإيرانية إلى 450 ألف برميل في اليوم، وفقا لأرقام شهر يوليو الماضي ؛ ومع ذلك وحسب تصريحات المعنيين بالشأن الإيراني فإن حجم الصادرات من المرجح أن يتراجع إلى نحو 100 ألف برميل في اليوم فقط، بالقرب من مستوى الصفر الذي كانت تستهدفه الولايات المتحدة.

وتختلف الأرقام الدقيقة لتصدير النفط التي قدمها ممثل الولايات المتحدة الخاص بإيران عن مصادر أخرى، لكن في كلتا الحالتين، انخفضت الصادرات بشكل كبير عن 2.5 مليون برميل في اليوم منذ أوائل عام 2018

توازن الأسواق

وفي السياق، قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها لأسواق النفط لشهر أغسطس الماضي إنه تم تشديد توازن الأسواق بشكل طفيف على المدى القصير بسبب انخفاض المعروض من دول "أوبك" وذلك مشروط بمحافظة المنظمة على مستوى إنتاجها لشهر يوليو عند 29.7 مليون برميل في اليوم حتى نهاية 2019، حيث ان السحب المتوقع من المخزون خلال تلك المدة سيبلغ 0.7 مليون برميل في اليوم وسيسهم تباطؤ معدل نمو الإنتاج خارج "أوبك" في ذلك أيضا.

وبنظرة واقعية، فوضع العرض السوق في حالة عجز، والمخاطر الجيوسياسية تعرض مزيدا من الإمدادات للخطر، ولكن الغموض يكمن في أن أسعار النفط مازالت تعد ضعيفة.

النفط الصخري

في الوقت نفسه، يبدو ان هناك تباطؤا في نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة؛ حيث يرجع الخبراء ذلك التباطؤ إلى أسباب مختلفة، منها انخفاض أسعار النفط، والضغوط المالية، وتشكيك المستثمرين الذي ادى إلى خفض الإنفاق، وبدأ هذا يترجم إلى نمو أبطأ، مما أسهم في تشدد أسواق النفط أو على الأقل، أصبحت أكثر تشددا مما كان يمكن أن يكون عليه الأمر خلاف ذلك، ففي ولاية تكساس على سبيل المثال انخفضت عمليات استكمال الآبار بنسبة 12 في المئة في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق وتباطأ نمو الإنتاج على أساس سنوي إلى 1.65 مليون برميل في اليوم في مايو منخفضا عن ذروته البالغة 2.1 مليون برميل في اليوم في أغسطس 2018.

ويتوقع المحللون في المتوسط نمو الإنتاج من خارج "أوبك" بمقدار 1.8 مليون برميل في اليوم للعام الحالي و1.9 مليون برميل في اليوم لعام 2020 ؛ معتبرين هذه معدلات نمو مرتفعة جدا من خارج "أوبك"، لكنها أقل بكثير من مستوى معدل النمو القياسي البالغ 2.8 مليون برميل في اليوم عام 2018.

خفض الإنتاج

ويرى بعض المعنيين بالسوق النفطي أنه بالفعل كانت هناك حاجة إلى خفض الإنتاج من قبل "أوبك" وحلفائها لمنع أسواق النفط من الانهيار التام، بما في ذلك التخفيضات الأعمق التي قامت بها السعودية، والعقوبات الأميركية القاسية على فنزويلا وإيران.

وقد تشهد الأسواق انخفاضات مؤقتة في المخزونات في الأشهر المقبلة بسبب انقطاع العرض الاستثنائي، لكن نمو الطلب الضعيف والعرض من خارج أوبك يعنيان أن الفائض سيعود في العام المقبل.

الطاقة المتجددة

وعلى العكس من قضية ازمة اسعار الخام الحالية فإن هناك تقريراً حديثا يكشف عن حاجة العالم لأكثر من 16 تريليون دولار لاستثمارها في قطاع الطاقة المتجددة خلال السنوات المقبلة.

ولفت التقرير إلى أن الأنظار تتجه في الوقت الحالي نحو تمويل مشاريع الطاقة المتجددة (النظيفة) من خلال أسواق رأس المال والتي يمكن لها توفير مصادر التمويل المناسبة على مستوى القيمة والمدة الزمنية والتكلفة أيضا، وذلك في الوقت الذي تندرج فيه جدوى الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة ضمن المشاريع التي تدعم التطوير المستدام لمصادر الطاقة على المستوى العالمي.

وأشار إلى أن كافة التطورات السلبية التي سجلها الاقتصاد العالمي والدورات والأزمات المالية لم تتمكن من فك الارتباط بين مشاريع الطاقة التقليدية والمتجددة، ولم تستطع تلك التطورات ضخ المزيد من الاستثمارات لدى قطاع الطاقة التقليدية دون النظر إلى جدوى مشاريع الطاقة المتجددة والحاجة إليها في المحصلة النهائية.

وأوضح أن الصورة أكثر وضوحا عند الحديث عن الحاجة إلى عوائد النفط، للإنفاق على مشاريع التنمية، ومن ثم الانتقال إلى تطوير القدرات الإنتاجية من الطاقة المتجددة.

تخفيف الأعباء

وعزا التقرير تراجع أسعار النفط الى المؤشرات السلبية التي تحيط بالاستثمار في الطاقة المتجددة مما ساهم في تأجيل الكثير من المشاريع الاستراتيجية طويلة المدى، وفقا لأولويات الإنفاق التي تنتهجها الدول المنتجة للنفط، وذلك في إطار سعيها للتخفيف من الأعباء المالية والاقتصادية خلال الفترة الحالية والمقبلة.

وتبدو قنوات التمويل المباشرة وغير المباشرة أمام خيارات استثمارية ذات جدوى استثمارية وعوائد لا مثيل لها في الأساس، إلا أن التطورات المتسارعة وعدم قدرة الدول المنتجة للنفط على السيطرة على مسارات الأسواق، إضافة إلى عدم القدرة على اتخاذ قرارات مصيرية من شأنها أن تنعكس إيجابا على أسعار النفط، كل ذلك ساهم في اتساع الفجوة بين طالبي التمويل والجهات الممولة.

وبالتالي، فإن ارتفاع مخاطر الاستثمار لدى قطاعي الطاقة بشقيها المتجددة والتقليدية ساهم وسيساهم في تراجع حجم وقيم القروض الممنوحة للقطاع خلال السنوات المقبلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مخاطر الاستثمار في الطاقة المتجددة تعد أعلى في الوقت الحالي، كون حكومات الدول المنتجة للنفط حول العالم تواجه عجزا متراكما على موازناتها، وبالتالي فإن إمكانية تقديم الدعم وتنفيذ المزيد من المشاريع لدى قطاع الطاقة المتجددة والتقليدية تتراجع وتيرتها مع استمرار ظروف السوق على حاله.

عقبات وتحديات

وعند المستوى الحالي من العقبات والتحديات، بات من الصعب تجاهل الإيجابيات التي تحملها الاستثمارات لدى قطاع الطاقة المتجددة على مستوى البيئة والمناخ وعلى مستوى قدرتها على المساهمة في رفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتعزيز نمو الاقتصاد العالمي وتوفير المزيد من فرص العمل.

وفي المقابل، فإن حجم الفرص الاستثمارية التي يوفرها قطاع الطاقة المتجددة أقل من الفرص التي تتوفر لدى قطاع الطاقة غير المتجددة كما ونوعا، وبشكل خاص مع استمرار تقلبات أسواق الطاقة، في حين تضيف التقلبات التي تسجلها أسواق رأس المال المزيد من العقبات على فرص التمويل التي يمكن لقطاع الطاقة الحصول عليها من مصادر التمويل المختلفة.

الجدير ذكره أن تشجيع الاستثمار لدى قطاع الطاقة المتجددة تنقصه التشريعات المناسبة حتى اللحظة، والتي يمكن لها أن تشكل حافزا للقطاع الخاص للقيام بدور فعال في هذا المجال، مع الأخذ بعين الاعتبار أن نمو مصادر تمويل قطاع الطاقة المتجددة ما زال يصطدم بعوائق توفير المواقع المناسبة والتسعيرة العادلة والتكلفة المنخفضة.

الفرص الاستثمارية في قطاع الطاقة المتجددة أقل من مثيلاتها التقليدية كماً ونوعاً
back to top