التحديات التي تواجه دول الخليج العربية

نشر في 28-08-2019
آخر تحديث 28-08-2019 | 00:09
 د. عبدالمالك خلف التميمي التحدي هو الفعل أو رد الفعل إما إلى نجاح أو إلى فشل، يمارس على مستوى الدول والقوى والأفراد، وتواجه دول الخليج العربية منذ تحولها من إمارات إلى دول تحديات أساسية خاصة في عصر الوفرة النفطية أهمها:

الخلل في التركيبة السكانية

هناك ثلاث دول خليجية فيها وفرة مادية، وتعيش حياة الرفاهية، ودولتان أقل منها دخلاً ورفاهية، ودولة كبيرة مسؤولياتها كثيرة وتتفاوت التنمية فيها، وثلاث دول خليجية يبلغ عدد المواطنين فيها ثلث السكان، ورابعة المواطنون فيها 25% فقط، ودولة فيها 8 ملايين وافد، ودولتان تعيشان توازناً سكانياً نسبياً، وإن مجموع الوافدين بدول الخليج العربية أكثر من خمسة عشر مليوناً بنسب مختلفة، والتركيبة السكانية في الكويت وقطر والإمارات على وجه الخصوص فيها خلل، وهي دول الرفاهية الاجتماعية، وأن العمالة الوطنية في دول الخليج مرفهة، وهناك نسبة كبيرة من شباب دول المنطقة يعيشون حالة من البطالة الطوعية والمقنعة، وهناك دولتان من دول المنطقة هما البحرين وعمان فيهما نسبة لا بأس بها من العمالة الوطنية الجيدة نسبياً قياساً بأوضاع دول الخليج العربية الأخرى.

ولما كانت وما زالت العمالة الوافدة كبيرة ومؤثرة، وتشكل غالبية السكان في معظم دول المنطقة فإن الخلل في التركيبة السكانية قائم لأن السياسة السكانية غير مدركة للآثار الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، والحل في وضع حد لصرف الأموال على الناس بدون مقابل، والحد من الاستقدام والاستيراد للعمالة، وإعادة النظر في التعليم التطبيقي والتدريب الفني ومخرجاته، وإلغاء سياسة المحاصصة في استيراد عمالة الدول الأخرى، وكذلك إعادة النظر في عدد العمالة المنزلية لكل أسرة.

ومع زيادة عدد السكان والمواطنين ومخرجات التعليم يزداد عدد الوافدين، كيف ولماذا؟ هذا إذاً هو التحدي الأول المهم في دول المنطقة.

ترشيد العائدات النفطية

الدولة الغنية تقدر بمشاريعها وإنجازاتها التنموية لا بتوزيع الأموال على من يستحق ومن لا يستحق، فألمانيا واليابان دولتان غنيتان ولكن لا تفعلان ما نفعله نحن، وإن المجتمعات التي تعيش حالة من الرفاهية لا يعني أنها سعيدة، ودائماً نقول هل من مزيد، فدخل الفرد لدينا يكفي عائلة ويزيد.

صحيح أن عائدات النفط كبيرة وأكثر من حاجتنا بيد أن هدرها بالطريقة المعمول بها لا يعني أن ذلك صحي وصحيح، علينا أن نفكر بالمستقبل يوم ينخفض سعر برميل النفط أو يوجد بديل له، أو ينتهي من باطن الأرض والبحر، فماذا أعددنا من مشاريع إنتاجية تعيش عليها الأجيال القادمة غير التحديث الكونكريتي، والسيارات الفارهة والبطالة المقنعة والعمالة السائبة؟!

الحروب والنزاعات الداخلية والبينية

لا تخلو دول العالم من مشكلة الحروب والنزاعات، ويفترض في دولنا التي تجمعنا مشتركات كثيرة أن تكون أقلها مشكلات ونزاعات، فكل المشتركات الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية متوافرة ما عدا الجانب السياسي، والمنطقة يجب أن تنأى بنفسها عن الحروب والنزاعات البينية، وأن تساهم منفردة ومجتمعة لإنجاح مشروع مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي مر على إنشائه أربعة عقود.

اتحاد دول الخليج العربية

عندما قام مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان الهدف أن يتطور إلى كيان اتحادي بين دوله، وهذا ما نص عليه قانونه الأساسي، ولكن بعد مرور أربعة عقود حالت النزاعات السياسية السيادية ومشكلات الحدود بين دوله لتحقيق ذلك الهدف وقضية ملء الفراغ، وقد تم قيام الدول ومجلس التعاون، وهذا لا يكفي، إذ إن ملء الفراغ الحقيقي هو بقيام كيان اتحادي في المنطقة تحيط به كيانات يسود فيها الأمن والتنمية وسياسة حسن الجوار.

هذه التحديات التى تواجه دول ومجتمعات الخليج العربي نريدها أماني بل معالجات جادة توضع أساساتها خلال سنوات قليلة من الآن بوضع حد لدولة الرفاهية، وتحويل المجتمع المواطن إلى فاعل في وطنه لا عالة على الدولة، والدولة لا يكون همها محاربة الفساد فقط بل بناء جيل عامل منتج ضمن رؤية استراتيجية.

back to top