متى يستحق المقاول التمديد في الوقت والتعويض المالي؟

نشر في 27-08-2019
آخر تحديث 27-08-2019 | 00:25
 د.  عبدالعزيز سلطان العيسى الكتابة عن القضايا الهندسية (الفنية) في الصحافة صعب فهمها على الأغلبية العامة من الناس، لأنها أحياناً تتطلب إدراك وفهم بعض الآليات المتبعة للوصول بطريقة علمية صحيحة على أجوبة لبعض الأسئلة المطروحة في صناعة الإنشاءات.

وفي هذه المقالة أهدف إلى إيصال رسالة متواضعة إلى وزارات ومؤسسات الدولة وديوان المحاسبة، والتي تدير أو تراقب مشاريع الدولة، وفحوى الرسالة أن الإجابة عن السؤال «متى يستحق المقاول التمديد في الوقت والتعويض المالي الإضافي»؟ ليست قضية قانونية، وإنما قضية هندسية فنية يمكن حسابها بدقة متناهية باتباع طريقة المسار الحرج.

والإجابة عن هذا السؤال، لو تمت بأي طريقة أخرى، ستؤدي لا محالة إما إلى هضم حقوق الدولة، أو هضم حقوق المقاولين، وهذا إخلال واضح بميزان العدالة.

ولا يمكن اتباع طريقة المسار الحرج (Critical Path Method) لمعرفة متى يستحق المقاول التمديد والتعويض المالي الإضافي في أي مشروع إلّا بتوافر الآتي:

أولا: أن يكون ضمن شروط العقد بين المالك والمقاول إعداد برنامج زمني للإنشاءات (Construction Schedule) وتحديثه على فترات طول مدة المشروع، والاهتمام بحفظ جميع وثائق المشروع وجميع المراسلات والتعليمات الواردة من المالك أو من أي طرف آخر.

ثانيا: أن يعد مدير الإنشاءات تقريرا نهائياً بعد الانتهاء من المشروع، ومن التحديث الأخير للبرنامج الزمني التأخير الكلي للمشروع، كما يحدد التأخير الناتج عن كل من المالك أو المقاول أو أي طرف ثالث.

ويمكن تصنيف التأخيرات تبعاً للمصدر:

1 - التأخيرات الناتجة عن المالك:

1-1 الإخفاق في تسليم الموقع للمقاول بعد توقيع العقد.

1-2 تعليق العمل – أوامر إيقاف سير العمل جزئيا أو كليا.

1-3 الأوامر التغييرية الصادرة من المهندس/ المالك لتغيير نطاق الأعمال حسب العقد (أعمال معمارية – إنشائية أو خدمات) تؤثر على المسار الحرج للبرنامج الزمني.

1-4 التأخير الناتج عن (القوى القاهرة) الخارجة عن سيطرة المالك والمقاول، وليست ناتجة عن خطأ أو إهمال أي منهما (الكوارث مثل الحروب، الحرائق).

1-5 تأخير الجهات الحكومية (إيصال التيار الكهربائي – المياه – المجاري...) بعد إتمام المقاول لأعمال العقد حسب المدة التعاقدية.

أما التأثير الزمني والمالي للتأخيرات الناتجة من 1-1 إلى 1-3 أعلاه، فيحق للمقاول الحصول على تمديد في الوقت وتعويض عن التكاليف الإضافية والمصاريف الإدارية والمصاريف غير المباشرة – كلفة التأمين – كلفة ارتفاع الأسعار (العمالة والمعدات) خلال فترة التأخير.

والتأثير الزمني والمالي للتأخيرات الناتجة من 1-4 و 1-5 أعلاه، فيحق للمقاول تمديد الوقت، لكن من دون الحصول على أي تكاليف إضافية ومن دون تطبيق غرامات التأخير المنصوص عليها في العقد.

2 - التأخيرات الناتجة عن تقصير المقاول في الأداء

يحق للمالك في هذه الحالة طلب تعويض مالي (التعويض الاتفاقي في العقد عن كل يوم تأخير «غرامة التأخير»)، ويمكن تطبيق الغرامة دون الرجوع إلى التحكيم أو التقاضي فور إثبات التأخير في نهاية المدة التعاقدية.

3 - التأخيرات المتزامنة

3-1 نتيجة عدة تأخيرات بسبب المقاول، أو أحدهما بسبب المقاول والآخر بسبب المالك في التوقيت نفسه على نشاط واحد في المسار الحرج، مثل طلب المالك أمرا تغييريا من المقاول في نفس الوقت تأخير توريد معدات بسبب المقاول (التأخيرات في مسارات حرجة متوازية):

في هذه الحالة يحق للمقاول تمديد الوقت دون الحصول على تكاليف إضافية ومن دون تطبيق غرامة التأخير.

3-2 في حالة تزامن أسباب مصدرها المقاول: المقاول مسؤول عن خسائر التأخير، نتيجة عدم تشغيل المشروع طوال فترة التأخير وفقاً للعقد، ويتحمل المقاول تكاليف العمل الإضافي الناتج عن التعجيل (Acceleration).

3-3 في حالة تزامن تأخيرات مصدرها طرف ثالث (إيصال التيار الكهربائي ...)، يحق للمقاول الحصول على تمديد في الوقت، لكن من دون الحصول على أي تكاليف إضافية ومن دون تطبيق غرامات التأخير.

3-4 في حالة تزامن تأخيرات مصدرها المالك فقط: يحق للمقاول الحصول على تمديد في الوقت والتعويض عن المصاريف الإدارية وتكلفة التأمين خلال فترة التأخير.

هذا الأسلوب والطريقة الصحيحة فنيا لحساب ما يستحق المقاول من تمديد لمدة العقد أو للتعويض الإضافي ذكرناها بإيجاز ومن دون الدخول في تفاصيل كثيرة لا داعي لذكرها. ونأمل أي يتبع ديوان المحاسبة ووزارات ومؤسسات الدولة هذه الطريقة الفنية السليمة خدمة للعدالة.

back to top