الشعب يقترح

نشر في 25-08-2019
آخر تحديث 25-08-2019 | 00:10
قد يختصر الكثير من المتابعين الموقف تجاه مقترح فريق تلقي مقترحات المواطنين بالتهكم أو التسطيح، وهذا ما حدث فعلياً في وسائل التواصل الاجتماعي، لكن يبدو أن المسألة بحاجة إلى مناقشة تقترب من كون هذا المقترح يعكس أزمة حقيقية في الجهاز الإداري للدولة.
 مظفّر عبدالله أول العمود: 1.54 مليار دينار تعجز الحكومة عن تحصيلها منذ ٩ سنوات... هذه ضربة للنظام المالي للدولة.

***

قرأت كغيري خبر الزميلة «القبس» نية مجلس الوزراء تشكيل فريق تلقي اقتراحات الناس لتكون ضمن خطط التنمية الشاملة، بمعنى ألا يكون هناك حاجز بين المواطنين (دون الوافدين وعددهم 3.500 ملايين!) وبين المؤسسات الحكومية.

قد يختصر الكثير من المتابعين الموقف تجاه المقترح بالتهكم أو التسطيح، وهذا ما حدث فعلياً في وسائل التواصل الاجتماعي، لكن يبدو أن المسألة بحاجة إلى مناقشة تقترب من كون هذا المقترح يعكس أزمة حقيقية في الجهاز الإداري للدولة.

أولاً، تعكس الفكرة أن برلمان الشعب يُغرد في جزيرة بعيدة عن طموحات الشعب، وهو الممثل الحقيقي لهم أو هكذا يُفترض.

ثانياً، يعزز الاقتراح نهج قيام الديوان الأميري بعمل مشاريع تنموية بسبب عدم قدرة أجهزة الحكومة على إنجازها، لذا يهدف الاقتراح كما جاء إلى تنفيذ مقترحات المواطنين فقط– دون باقي سكان الكويت– بعيدا عن الروتين والبيروقراطية. السؤال هنا: إلى من ستلجأ الحكومة للتنفيذ؟

ثالثاً، قد يفوت على أصحاب الفكرة أن المجتمع الكويتي منفتح بطبيعته، فيه مؤسسات يلجأ لها الناس، عكس بعض المجتمعات القبلية، ففي الكويت ديوانيات، وصحف، وكُتاب، ومدونون، وأصحاب فكر ورأي عرضوا أفكارهم ومعاناتهم خلال السنوات العشر الأخيرة كمثال، وهي مرصودة وموثقة! فلماذا هذه الفكرة الآن؟

رابعاً، يسبب هذا المقترح حرجاً لمئات القياديين في المؤسسات الحكومية من أنهم لم يتلمسوا رغبات المواطنين من خلال الخدمات التي يقدمها الجهاز الإداري، ليأتي فريق مصغر يقفز فوقهم ويلبي رغباتهم. هنا الحكومة تدين نفسها.

خامساً، حينما قرر الديوان الأميري تشييد بعض المشاريع لم يعتمد على حكومة البلد، فمن سيقوم بتنفيذ مقترحات المواطنين التي سيتلقاها الفريق؟ هل أجهزة الدولة ستقوم بذلك؟ نحن أمام لغز!

سادساً، هل هذا المقترح يفسر عدم وجود خطة تنمية حقيقية كما أعلن أحد آمناء المجلس الأعلى للتخطيط واستقال بعدها؟ لأن خطط التنمية إن كانت حقيقية تكفي ولا حاجة لمثل هذه الفكرة.

سابعاً، هل البرلمان الذي تحضره الحكومة بأعضائها في قاعته، ومجلس الوزراء بكل أجهزته باتا بعيدين عن الناس وأحاديثهم حتى يكون هناك رسول جديد وهو «الفريق» المستحدث!

يبدو أن صناديق المقترحات والشكاوى الصدئة المعلقة على جدران مؤسسات الدولة لم تُفتح منذ عشرات السنين، لأنها كانت تهين مقترحات الناس بالتجاهل، ولو كان هناك موظفون داخل كل مؤسسة يتابعون تلك الصناديق لما وصلنا إلى فكرة «الفريق».

قلت في بداية الكلام إن التهكم على المقترح ليس هو الهدف، لكن لا نستطيع حقيقة إلا أن نقول تعليقاً عليه: كفانا استهانة بعقول الناس!

back to top