النوم... كيف يعزِّز رد فعل الجسم المناعي؟

نشر في 25-07-2019
آخر تحديث 25-07-2019 | 00:00
No Image Caption
برهن الباحثون على أهمية النوم العميق العالي الجودة مراراً، مؤكدين أنه يسهم في أوجه كثيرة من عافيتنا الجسدية والنفسية. وتوضح دراسة جديدة كيفية إسهامه في عمل جهاز المناعة السليم.
يُعتبر نيل قسط وافٍ من النوم كل ليلة أمراً بالغ الأهمية إن كنت ترغب في الحفاظ على صحتك والعمل بفاعلية في اليوم التالي.

تُظهر الدراسات أن الحرمان من النوم يماثل الإفراط في الشرب في تأثيراته في الدماغ. ويكشف أيضاً بحث جديد أن قلة النوم تزيد الألم حدة، وأنها قد ترفع احتمال الإصابة بمشاكل قلبية وعائية. كذلك توصلت أخيراً دراسة أجراها فريق من جامعة توبنغين في ألمانيا إلى آلية تربط النوم بوظائف جهاز المناعة.

اكتشف الباحثون، الذين قادوا الدراسة أن ليلة نوم جيدة تعزز فاعلية خلايا مناعية متخصصة محددة تُدعى الخلايا التائية.

وفي تقرير الدراسة، الذي نُشر أخيراً في مجلة "الطب الاختباري"، يوضح الباحثون ما يكمن في لب العلاقة بين النوم ودفاعات الجسم ضد العدوى.

خلل في الخلايا التائية

تسهم الخلايا التائية في رد فعل الجسم المناعي عندما يدخل جسم غريب قد يكون مؤذياً جهازنا.

ترصد الخلايا المناعية هذه الممرضات، فتنشط الإنتغرينات، وهي نوع من البروتين يسمح للخلايا التائية بالالتصاق بهذه الأهداف ومهاجمتها.

يشير الباحثون إلى أننا لا نعلم الكثير عن كيفية تنشيط الخلايا التائية الإنتغرينات، فضلاً عما قد يمنع هذه الخلايا من الالتصاق بأهداف قد تكون مؤذية.

بغية التعمق أكثر في هذه الآليات، ركّز الفريق على ناهضات المستقبل المقترن ببروتين Gs-ألفا. وتشكّل هذه جزيئات إشارات يتمتع كثير منها بالقدرة على عرقلة عمل جهاز المناعة.

من خلال التحاليل في المختبر، اكتشف الباحثون أن بعض ناهضات المستقبل المقترن ببروتين Gs-ألفا منع الخلايا التائية من تنشيط الإنتغرينات، ما حال بالتالي دون التصاقها بأهدافها.

شملت ناهضات المستقبل التي عثروا عليها هرمونَين (يُدعيان الأدرينالين والنورادرينالين)، جزيئين يعززان الالتهاب (يُدعيان البروستاغلاندين E2 وD2)، والأدينوسين (وهي مادة كيماوية تؤدي دوراً أساسياً في الإشارات الخلوية ونقل الطاقة).

يذكر ستويان ديميتروف، باحث شارك في وضع تقرير الدراسة: "من اللافت أن معدلات هذه الجزيئات اللازمة لوقف تنشيط الإنتغرين تُرى في كثير من الحالات المرضية، مثل نمو الأورام، وعدوى الملاريا، ونقص التأكسج، والإجهاد".

يضيف: "يسهم هذا المسار بالتالي في كبت جهاز المناعة المرتبط بهذه الأمراض".

ردود فعل الخلايا التائية

لما كانت معدلات الأدرينالين والبروستاغلاندين تميل إلى الانخفاض خلال النوم، قرر الباحثون التعمق أكثر في المسألة بدراسة هذه الظاهرة بتفاصيل أكبر في مشاركين بشر.

أخذ الفريق خلايا تائية من متطوعين ناموا ومن آخرين ظلوا مستيقظين. وبعد تحليل العينات، لاحظ ديميتروف وفريقه أن الخلايا التائية لدى مَن ناموا تمتعت بمعدلات أعلى من تنشيط الإنترغرين، مقارنة بالخلايا ذاتها المستخرجة من مشاركين ظلوا مستيقظين.

يشير هذا الأمر إذاً، وفق الباحثين، إلى أن للنوم تأثيراً إيجابياً في الوظائف السليمة للخلايا التائية التي تشكّل جزءاً من رد فعل الجسم المناعي. ويعود ذلك إلى واقع أن ناهضات المستقبل المقترن ببروتين Gs-ألفا جاءت أقل نشاطاً هذه المرة.

توضح د. لوتشيانا بيسيدوفسكي، باحثة شاركت في إعداد تقرير الدراسة: "تُظهر اكتشافاتنا أن للنوم قدرة على تحسين فاعلية ردود فعل الخلايا التائية، ما يُعتبر مهماً خصوصاً مع الانتشار الواسع لاضطرابات النوم والحالات المعوقة له، كالكآبة، والإجهاد المزمن، والشيخوخة، والعمل ليلاً".

يأمل الباحثون بأن تؤدي نتائجهم هذه في المستقبل إلى تطوير علاجات جديدة تعزِّز عمل الخلايا التائية، ما قد يكون له انعكاسات عدة، خصوصاً على علاجات السرطان المناعية.

الخلايا التائية لدى مَن ناموا جيداً تتمتع بمعدلات أعلى من تنشيط الإنترغرين

الباحثون يأملون من خلال نتائج دراستين لاضطرابات النوم تطوير علاجات جديدة لا سيما علاجات السرطان المناعية

قلة النوم تزيد الألم حدة وترفع احتمال الإصابة بمشاكل قلبية وعائية
back to top