«قوى الحرية والتغيير».. تحالف اسقط نظام البشير ويسعى لإقامة دولة مدنية

نشر في 07-07-2019 | 13:10
آخر تحديث 07-07-2019 | 13:10
الحراك المدني في السودان
الحراك المدني في السودان
لم يتوقع أفضل المراقبين ان تتحول دعوة تجمع المهنيين السودانيين في ديسمبر الماضي لتسليم مذكرة للبرلمان للمطالبة بتحسين الاوضاع المعيشية ورفع الحد الادنى من الاجور الى موجة واسعة من الاحتجاجات تحت قيادة تحالف معارض تشكل لاحقا باسم (قوى اعلان الحرية والتغيير) ليطيح بنظام الرئيس عمر البشير بعد نحو 100 يوم.

وانطلقت الاحتجاجات التي تطورت بشكل اوسع في ديسمبر الماضي من مدن بشمال وشرق السودان بفعل تفاقم الاوضاع الاقتصادية والنقص في ثلاثية الخبز والوقود والسيولة المالية في ظل عجز بالموازنة يصل لنحو 7 مليارات دولار.

لكن الاحتجاجات تحولت إلى مطالب سياسية بعد ان قرر "تجمع المهنيين السودانيين" تغيير دفة موكب للبرلمان في الشهر ذاته للمطالبة بتحسين الاجور نحو القصر الجمهوري والمطالبة بتنحي الرئيس السوداني عمر البشير.

وتحول بعد ذلك مسار الحراك في جميع ولايات البلاد من مظهر احتجاجي على الاوضاع الاقتصادية الى مطلب سياسي بسقف واحد هو رحيل النظام.

ومثل تجمع المهنيين جسرا لتواصل القوى السياسية المعارضة لتجاوز انقساماتها وقيادة العمل الاحتجاجي تحت راية الحرية والسلام والعدالة ليتم التوقيع على ميثاق إعلان الحرية والتغيير في الاول من يناير من العام الجاري عبر خمس كتل رئيسية بينها "تجمع المهنيين السودانيين" و"نداء السودان" و"قوى الاجماع الوطني" و"تجمع الاتحاديين" و"تجمع القوى المدنية".

ومن جانبه قال المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين محمد المصطفى ان المشهد السوداني كان يفتقد سياسيا واقتصاديا وامنيا واجتماعيا الى قائد خاصة في ظل انقسام المعارضة السياسية مشيرا الى ان التجمع قرر ان يكون مركز العمل و"ينظم ما يقوله الناس ويضفي عليه معنى معينا لكن القائد هو الشعب".

وتشكلت بعد ذلك ملامح المعارضة باسم "الاعلان" الذي نص على التنحي الفوري للبشير ونظامه من حكم البلاد دون شرط وتشكيل حكومة انتقالية قومية من كفاءات وطنية بتوافق جميع اطياف الشعب السوداني تحكم لأربع سنوات وتضطلع بمهام السلام ووقف الحرب والتدهور الاقتصادي.

وتأسس تجمع المهنيين عام 2013 بعد الاحتجاجات التي عمت البلاد بشكل سري من نقابات لا يعترف بها نظام البشير حيث استخدم التجمع وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة كوسيلة لتحقيق غاياته وأنشأ حسابات انضم اليها عشرات الالاف وظلت محل ثقة المحتجين ويضم التجمع العديد من الأكاديميين من مهندسين واطباء واساتذة جامعات.

ونتيجة لتحركات ومطالبة سابقة للمعارضة دخل السودان مرحلة جديدة اعتبارا من يوم الجمعة الماضي بعد توصل المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير المعارضة وبوساطة افريقية - اثيوبية الى اتفاق بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية ومنها ما يتعلق بالمجلس السيادي.

وخرج المواطنون السودانيون في مسيرات حاشدة للاحتفال باتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى اعلان الحرية والتغيير.

ويأتي هذا الاتفاق بعد انهيار المحادثات المباشرة بين الطرفين بعدما فضت قوات نظامية اعتصاما في وسط الخرطوم في الثالث من يونيو ما اسفر عن مقتل العشرات.

وبفضل وساطة اثيوبيا والاتحاد الافريقي استأنف الجانبان المفاوضات الحاسمة لرسم الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية القادمة.

وقال مبعوث الاتحاد الافريقي الحسن ولد لبات في مؤتمر صحفي عقب جلسة تفاوض بين الجانبين "المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير اتفقا على مجلس سيادة برئاسة دورية وتشكيل حكومة كفاءات مدنية لإدارة البلاد لثلاث سنوات وقد تزيد قليلا".

وأوضح لبات ان المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير اتفقا كذلك على فتح "تحقيق دقيق شفاف وطني مستقل" لمختلف الاحداث العنيفة التي عاشتها البلاد في الاسابيع الأخيرة.

واضاف ان الطرفين اتفقا أيضا على "اقامة مجلس للسيادة بالتناوب بين العسكريين والمدنيين ولمدة ثلاث سنوات او تزيد قليلا".

وأشار الى ان الاتفاق نص على ان تكون الفترة الانتقالية لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر تبدأ من "خلع" نظام الرئيس السابق عمر البشير في 11 ابريل الماضي على ان يترأس فيها المجلس السيادي الفترة الاولى بواقع 21 شهرا مضت منها ثلاثة أشهر فيما تترأس قوى الحرية والتغيير الفترة الثانية.

وذكر انه بموجب الاتفاق سيتكون المجلس السيادي من 11 عضوا منهم خمسة عسكريين ومثلهم من المدنيين بالاضافة لعضو مدني ذي خلفية عسكرية يتوافق عليه الطرفان.

وبموجب الاتفاق ستقوم قوى الحرية والتغيير بتسمية رئيس وزراء من اصحاب الكفاءة لتشكيل حكومة من 18 وزيرا وستسعى الحكومة الانتقالية خلال الأشهر الستة الأولى للتوصل لاتفاق سلام دائم ومستدام مع الحركات المتمردة.

وستقوم لجنة فنية مشتركة من قانونيين بمشاركة إفريقية بصياغة الاتفاق خلال 48 ساعة ليتم التوقيع عليه بشكله النهائي.

في المقابل تأجل تشكيل المجلس التشريعي لوقت لاحق ولمدة لا تتجاوز 90 يوما وسبق ان اتفق الطرفان على ان تحالف قوى الحرية والتغيير سيحصل على ثلثي مقاعد المجلس التشريعي قبل ان تفض قوات الامن اعتصاما في الثالث من يونيو الماضي ما ادى الى مقتل العشرات وانهيار المحادثات وتراجع المجلس العسكري عن هذه المحاصصة.

وقال عضو فريق التفاوض من قوى الحرية والتغيير ابراهيم الامين في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان الهياكل الانتقالية التي تم الاتفاق حولها تشابه هياكل النظام البرلماني حيث يحظى مجلس الوزراء بصلاحيات واسعة اما المجلس التشريعي فقد تم ارجاؤه لفترة تتراوح بين 45 و90 يوما لضم احزاب وجماعات سياسية ملتزمة بخط التغيير من خارج قوى الحرية "ما سيخلق حيوية في المجلس".

ومن جانبه علق نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو على الاتفاق قائلا انه سيكون شاملا ولن يقصي أحدا.

كما قال القيادي في قوى الحرية والتغيير عمر الدقير ان الاتفاق سيشكل بداية عهد جديد ستكون اولويته تحسين الاوضاع الاقتصادية وتشكيل لجنة لاجراء تحقيق شفاف للكشف عن قتلة المتظاهرين ومحاسبتهم.

وأعلنت قوى الحرية والتغيير في السودان اليوم الجمعة انها ستسمي في الاسبوع القادم ممثليها في مجلس السيادة فضلا عن تسمية رئيس الوزراء الذي سيتولى تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة.

وقال المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير خالد عمر في مؤتمر صحفي إن المرحلة الانتقالية تستهدف إحداث عملية مصالحة وطنية شاملة دون إقصاء لأحد مشيرا الى ان الاتفاق سيمهد لانتقال السودان من حقبة الحرب الى فترة السلم داعيا الحركات المسلحة للانخراط في العملية السياسية.

back to top