اعتزلت الغرام

نشر في 28-06-2019
آخر تحديث 28-06-2019 | 00:08
 ناصر بدر ناصر أطربتنا الفنانة ماجدة الرومي بأغنيتها "اعتزلت الغرام" وانطلاقاً من هذا الاسم يخيل لي أن المسائل والعلاقات الغرامية جميلة ولها طريقها في الإبداع الفني مثل أبيات الشعر والرسم والموسيقى، لكنها لا تتماشى مع من يريد تطوير ذاته علمياً أو أدبياً وغيرها من التطور والتميز الفكري. فطريق العاطفة يعتمد على المشاعر والإحساسات بالدرجة الأولى، على عكس العقل الذي يعتمد على العلم والمنطق والتحليل، فالقرارات التي تنشأ من العاطفة غالباً ما تكون غير ناجحة، ويقول الفيلسوف الفرنسي بليز باسكال في هذا الصدد: "للقلب أسبابه التي لا يدري بها المنطق"، وهو بهذا يعلي من قيمة العاطفة- هذا صحيح- لكن ماذا عن النتائج المترتبة عليه؟ أعتقد على الأغلب أنها ستنتهي بالفشل، ثم يلجأ الإنسان إلى التفكير العقلي والمنطقي حتى يعالج هذا الفشل. أما القرارات الناشئة من العقل فغالباً ما تنتهي بالنجاح، ذلك لأنها اعتمدت على التأني والتأمل في النتائج المترتبة على الموضوع حتى قبل البدء به، ويقول الفيلسوف الفرنسي ديكارت: "العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس"، فالتأمل بهذه العبارة وقياسها على المعاملات بين الناس تجدها منطقية وسليمة وناجحة وأكثرها عدلا. فمن الصعب جداً الجمع بين العاطفة والعقل في آن واحد، وإن افترضنا أنه تم الجمع بينهما فلابد أن تجد تقصيراً في أحد الجانبين، أو تفوق أحدهما على الآخر، وهنا قد يتساءل البعض: هل الإنسان لديه مشاعر وحب بالفطرة؟! أقول نعم بالفطرة، كحب الأسرة والزوجة والأصدقاء وحب الخير للناس، إنما ليس الحب الذي يكون عادةً بين رجلٍ وزوجته مثلاً لدرجة العشق والغرام، لأن المشاعر إذا أخذت كامل قواها فإنها لن تترك للعقل مساحة يفكر فيه، ونستدل من هذا على سبيل المثال نسبة الطلاق المتزايدة اليوم في الوسط الشبابي، وليس المعنى هنا أن يتم إلغاء دور العاطفة نهائياً، إنما هو الفصل بين العقل والعاطفة، بحيث يكون للعقل الدور النهائي في إصدار القرار.

فإن أردت اتباع طريق العقل والمنطق فعليك أن تعتزل الغرام- عزل العاطفة- وعدم الخلط بينهما حتى يتسنى للعقل التفرغ التام في التفكير المنطقي والتحليل والاستنتاج لمجريات الحياة، وفي عدالة التعامل مع الآخرين.
back to top