العراق يستكمل حكومته قبل تظاهرات الصيف

هل قفز المعتدلون من سفينة عبدالمهدي أم خففوا عنها الحمل لإنقاذها؟

نشر في 25-06-2019
آخر تحديث 25-06-2019 | 00:11
 رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي
رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي
منذ أن ظهرت حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي وسط حرائق تظاهرات البصرة العنيفة الخريف الماضي، والمراقبون يتوقعون انهيارها سريعاً، لأنها أول حكومة، منذ سقوط صدام حسين، لا تنبثق من كتلة مذهبية موحدة، بل جاءت بقبول قلق من كتل متنوعة ومتعددة، لكن مع تجدد احتجاجات جدية في جنوب البلاد ذاته نجح عبدالمهدي أخيراً، أمس، في تسمية وزراء تكنوقراط لحقائب مهمة هي الدفاع والداخلية، والعدل، مستفيداً من تناقضات نيابية حادة، وضغوط مرجعية النجف العليا، وانتقادات شعبية واسعة لصفقات الأحزاب.

وبهذا يكون عبدالمهدي استكمل، تقريباً، حكومته باستثناء وزارة التربية التي يدور حولها صراع مالي كبير، ولم يكن للحكومة أن تُستكمَل لولا صراع آخر في الخلفية يدور حول 500 منصب تنفيذي رفيع، يجري التفاوض حول إعادة توزيعها بما يعرف بقسمة الغرماء بين الأحزاب، والتي تقدم الولاء الحزبي على الكفاءة المهنية في الغالب.

ورتبت الكتل المطالِبة بالإصلاح علاقتها مع الجمهور على أساس المطالبة بتعيين الخبراء المستقلين وفق التدرج الوظيفي بالوظائف العليا من وزير نزولاً إلى وكلائه ومديريه التنفيذيين، في محاولة لإنقاذ البلد من أزمة الفساد والفشل الإداري، التي أجبرت المحتجين وتظاهراتهم طوال أعوام على اقتحام مقار الحكومة في بغداد مراراً، وإحراق الأحزاب والقنصليات أحياناً، مثلما حصل في البصرة العام الماضي.

لكن التسريبات فضحت، أخيراً، خريطةً لتقاسم الأحزاب مئات المناصب التنفيذية العليا، في ما وصفه الاحتجاج الشعبي بتكريس الفساد الحزبي والفشل الإداري في الدولة، ولم يكن الأمر مجرد اعتراض بل موجة غضب شجّعت مرجعية النجف على اتخاذ موقف رافض ومحذر ومتضامن مع المتظاهرين.

وكان أبرز المتضررين من هذا هو تحالف الإصلاح، الذي يتبنى تصحيح السياسات الإدارية، لكنه بقي جزءاً من صفقات التقاسم الحزبي، حسب الوثائق المسربة، الأمر الذي جعل أطرافاً مهمة بهذا التكتل تذهب رسمياً نحو المعارضة، وتتبرأ من صفقات التقاسم، مثل تيار عمار الحكيم، وكتلة رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، وجعل أيضاً مقتدى الصدر يفصح، بنحوٍ ما، عن شعوره بالحرج من هذه الصفقات، وهو الراعي الأساسي، طوال أعوام، لموجات التظاهر الشعبي.

ووصف المراقبون الأمر بأنه محاولة للقفز من سفينة عبدالمهدي تزامناً مع بدء موسم الاحتجاجات الشعبية العنيفة، التي تتصاعد مع حرارة كل صيف، لكن آخرين قالوا إن هذا القفز «سيخفف حمل السفينة وينقذها» بسبب التوتر الأمني في المنطقة الذي يُعقّد أي سيناريو لاختيار حكومة جديدة.

ومن الناحية العملية لم تبق في البرلمان كتلة توحد الجناح المعتدل بعد الانسحابات والاعتراضات، لكن المقربين إلى التيار الإصلاحي يخففون من تداعيات ذلك، قائلين، إن الأمر هو تعبير عن منح رئيس الحكومة صلاحيات إدارية أكبر من المعتاد، أما على المستوى السياسي فالمواقف لاتزال موحدة أمام عبدالمهدي وأمام الجناح المتشدد، داخلياً أو في مواجهة الأزمة الدولية بمنطقة الخليج.

back to top