«الغزو في الزمن العابس... الكويت قبل الغزو وبعده» (الحلقة الثامنة)

الأحداث تُظهر قوة الترابط بين الشعب الكويتي وقيادته

نشر في 24-06-2019
آخر تحديث 24-06-2019 | 00:04
يحفل كتاب الغزو في الزمن العابس - وهو من منشورات ذات

السلاسل - لمؤلفه عبد الله بشارة بأحداث تاريخية مهمة عاشتها الكويت، منها ما يتعلق بتعاطي العراق مع الكويت منذ العهد الملكي حتى عهد صدام حسين، ومنها تعامل الكويتيين مع هذه الأحداث وتطاولات صدام المتكررة على الكويت، التي وصلت إلى ذروتها في قراره الجنوني بغزوها في أغسطس 1990، معتقداً أنه سيدخل أبواب التاريخ كزعيم حقق أحلامه في ضمّها واعتبارها المحافظة العراقية التاسعة عشرة.

ويسجل الكتاب الموقف الوطني الغاضب الذي تجسد في مؤتمر المبايعة التاريخية في جدة، أكتوبر 1990، الذي أكد فيه الشعب الكويتي تمسكه بالنظام السياسي والشرعي، ممثلاً بأميره الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.

جاء الكتاب في ثمانية فصول تشتمل على مادة تاريخية تبرز الادعاءات العراقية وأحداث الغزو، مسجلاً الافتراءات التوسعية التي تستهدف الدولة الوطنية الكويتية.

ويعرض الكاتب هذه الأحداث موثقة بالتواريخ الدقيقة، مستنداً إلى المصادر العربية والعالمية، إضافة إلى شهادات المسؤولين المعاصرين في وسائل الإعلام، وما نشرته الصحافة في هذا الشأن. وفيما يلي تفاصيل الحلقة الثامنة:



في يوم 17 يناير 1991م انطلقت «عاصفة الصحراء» بالصواريخ التي أنارت بغداد وأيقظت سكانها الذين عاشوا في قلق وحيرة وخوف، كما أضناهم الانتظار ومتاعب الهواجس، حيث كان لديهم بعض الأمل عندما وصل السكرتير العام للأمم المتحدة خافيير دي كويار في 13 يناير إلى بغداد، وكان يحمل معه الطلب بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، مع ضمانات بأن التحالف لن يهاجم العراق إذا انسحبت قواته، ولن تمسّ هذه القوات.

كان صدام حسين يريد أن يكسب شيئا ما قبل الانسحاب، وأكثر ما كان يزعجه هو عودة الشرعية الكويتية، بعد أن كرر هو ومساعدوه في جميع المنتديات واللقاءات استحالة عودة آل صباح إلى نظام الحكم، كان يريد إنقاذ ماء الوجه، خصوصا بعد أن وصله اليقين بالهزيمة وعودة الشرعية.

وسمعنا فجر يوم 17 يناير ببدء العملية، في تصريح للجنرال نورمان شوارتزكوف، قائد التحالف، وانطلاق عمليات تحرير الكويت.

كان صدام يأمل ظهور الضعف في متانة شعب الكويت، وكان يعيش على أمل أن تبرز فرصة من التباين في وجهات النظر بين أطراف التحالف، لعله يلتقطها، إما بسبب كيفية التعامل مع مواطنين أوروبيين احتجزهم، أو بسبب انشقاقات الحكومة البرلمانية في أوروبا، ولعله وجد في استقالة وزير الدفاع الفرنسي جان بيار شوفينمان، الذي عبّر فيها عن معارضته لمسار عملية تحرير الكويت، مؤشرا على انشقاقات في صفوف الدول الكبرى.

وقف إطلاق النار وثورة الجنوب

رافق انهيار الجيش العراقي وهزيمته في الكويت انفجار الوضع بالبصرة، في معارضة قوية ضد صدام ونظامه، لاسيما من المواطنين الشيعة في جنوب العراق الذين عانوا استبداد صدام ودمويته واضطهاده لهم كمواطنين من الدرجة الثانية.

وجاء وقف إطلاق النار مفاجأة لنا، فقد كنا نتوقّع أن تواصل قوات التحالف الضغط على نظام صدام المهيأ للسقوط، حيث جاء الوقف المفاجئ عملية إنقاذ لم يتوقعها صدام، خصوصا أنها أتاحت له تركيز قواته لمواجهة ثورة الجنوب، كان الاضطراب سيد الموقف، وكانت مناسبة تاريخية للتخلص من النظام الذي سبب الحروب في المنطقة، وخلق التوتر وعبث بالشرعية الدولية، وتحدى النظام السياسي العربي والعالمي، وتجاهل النداءات، وازدرى الوساطات واستخف بالأسرة العالمية وموقفها، لكن الرئيس بوش التزم بالتفويض الرسمي لقرارات مجلس الأمن، وهو تحرير الكويت، .

المقاومة الكويتية للغزو

ظهرت المقاومة من نزعة وطنية تلقائية لا تقبل مهانة الاحتلال، ولأنها تلقائية ومندفعة بروح التحدي، لم تجمعها خطة واحدة بقيادة واحدة، إنما ظلت على شكل تجمعات سريّة بعضها له خبرة من عمله في القوات المسلحة الكويتية، والبعض الآخر تولى مأموريات لوجستية لتأمين التنقل والاتصالات وحمل الرسائل وتوفير المال والطعام.

كما برز شيء يمكن تسميته مقاومة الأحياء والمناطق السكنية، مثلما حدث في منطقة كيفان، حيث كانت المعارضة شديدة في الأسبوع الأول من الاحتلال، ومن منطقة كيفان انتشرت الروح المتحدية، تمثّلت بشكل بارز في التظاهرات التي جمعت جميع الأطياف، بما فيها المرأة الكويتية التي اندفعت في مواجهة جريئة أدت الى استشهاد بعضهن.

ومع مرور الوقت تحسّن تنظيم المقاومة عبر خلايا سرية تتميز بسهولة التنقل وسرعة التحرك، وكان الهدف من المقاومة الحد من الضرر الذي يتعرض له الشعب الكويتي المحتل، وتوجيه ضربات موجعة لها تأثير سياسي ومعنوي على القوات المحتلة، مع إدخال عنصر الخوف لدى الجنود الذين كانوا يعانون سوء التنظيم وقلة الطعام وارتباك القيادة.

وكان همّ المقاومة إبقاء المواطنين في الكويت في إطار الصمود المدني، وعدم مغادرة الكويت والإضراب السلمي الوطني التام لشل الدولة وتوزيع الطعام والمؤن، فضلا عن توفير الهويات المزورة والتخفي للأشخاص المطاردين وتهريب الجرحى.

حصلت المقاومة على أسلحتها من مخازن الجيش الكويتي منها أسلحة C4 ومتفجرات TNT والصواعق وصواريخ سام 7 سعت المقاومة الى توصيلها الى فروع المقاومة في الأندلس والجهراء والرميثية وبقية المناطق البعيدة عن العاصمة.

الأسرى والمفقودون

حرصا على حياة المواطنين، رأت السلطات العليا وقف العمليات الاقتحامية والمواجهة مع قوات الغزو، فلم يكن هنكاك تكافؤ في التسلح ولا في الكثافة البشرية ولا القدرة على تغيير التفوق العسكري العراقي المكثف.

ومع ذلك، فإن القوات العراقية الغازية لم توقف ملاحقتها للمواطنين الذين كان بعضهم يوزع منشورات تحض على المقاومة أو يكتب على الجدار شعارات تستفز قوات الغزو، ولم يترك جيش الغزو فرصة للانتقام، فعندما انهزم جيش الغزو مارس عمليات اختطاف للمواطنين نقلهم بالسيارات لاستعمالهم دروعا بشرية ضد جيوش الحلفاء.

وبعد وقف إطلاق النار وعلى إثر الاتصالات التي تمت عن طريق الأمم المتحدة تم إطلاق هؤلاء المختطفين، فعادوا الى عائلاتهم، لكن ظل نحو 602 مواطن اعتبروا مفقودين، وتكثفت الاتصالات عبر الأمم المتحدة للبحث عنهم، وتم تشكيل لجنة ثلاثية في الرياض ضمت كلا من طرفي النزاع (الكويت والعراق) ودول التحالف (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والسعودية) كطرف ثالث تحت مظلة الأمم المتحدة.

وكانت حكومة العراق تماطل، لكن الكويت لم تهدأ في معرفة مصير الأسرى، وتبنت الدبلوماسية الإعلامية لتأمين الاهتمام العالمي بقضية الأسرى، بعد فشل الحكومة العراقية في تحمّل مسؤولياتها وفق القواعد التي تم الاتفاق عليها في قرار مجلس الأمن 687 الذي تعامل مع جميع القضايا التي سببها الغزو، وبسبب تسويفات الحكومة العراقية، اتخذ مجلس الأمن قراره 1284 لإجبار العراق على تنفيذ التزاماته بشأن الأسرى دون تردد، وتعيين ممثل لمتابعة موضوعهم.

في الكويت مع الشيخ صباح

رافقت الشيخ صباح الأحمد النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الى الكويت في آخر فبراير 1991م، في أول رحلة لنا بعد التحرير، ذهبنا بطائرة حربية، كان الظلام الدامس يغطي الكويت بعد أن أشعلت القوات العراقية آبار النفط وفجّرتها، فتحولت سماء الكويت الى سحب سوداء تتولد من النار الملتهبة في آبار النفط، كان منظرا مأساويا لا يمكن وصفه، لاسيما بعد نزولنا من الطائرة، حيث ذهب الشيخ صباح الى أقاربه، وذهبت الى والدتي وشقيقاتي، كانت القطط في كل مكان، وطيور البحر داخل شوارع الكويت تبحث عن طعام، وكل ما في الكويت خراب، وعدنا مساء إلى الرياض.

الشيخ جابر في حضن الوطن

عاد الشيخ جابر الأحمد الى الكويت في الأسبوع الأول من مارس 1991م واستُقبل بأسلوب ينطق بالمودة من الجميع، ومعبّر عن الاحترام الذي يحاط به، وبدعم شامل وتعاطف جماعي، وكانت عودته وبالمشاعر التي صاحبتها تحمل الرد القوي والبليغ على الذين تصوروا أن الكويتيين قد يتساءلون عن مسؤولية الشرعية، لكن الأحداث أظهرت قوة الترابط بين الشعب الكويتي ونظامه، وأثبتت أن النظام مؤسس على قاعدة صلبة وقناعة راسخة بالملاءة السياسية للنظام، وأن تاريخ الكويت رسم الخيوط التي تربط الشعب بقيادة النظام وعمق التداخل المستمر والمتين بين الطرفين.

لم تفرز مصيبة الكويت مواطنا يجرؤ على الخروج من هذا الترابط، فكان مؤتمر جدة مناسبة لتفجير طوفان الوطنية الكويتية التي لم يدرك صدام عمقها ومتانتها.

صدام ولجنة نزع السلاح

تقدم العلاقة بين صدام وحكومته وبين اللجنة المختصة بنزع السلاح رواية مملوءة بالدراما المثيرة التي تصوغها الشكوك المتبادلة بين القيادة العراقية والأمم المتحدة، فلم تستطع اللجنة الخاصة الوصول الى حقيقة نوايا العراق، فقد كان الرؤساء الثلاثة الذين تولوا رئاستها «إيكيوس السويدي، وريتشارد باتلر الأسترالي، وبلكيس Blix السويدي، يتعاملون مع وزراء متشبعين بأدبيات حزب البعث في التضليل والخداع، وتشويه الحقائق والكذب وخيال خصب في إبداع الأضرار، وتشييد الممرات والسراديب.

كان قرار صدام أن يستقبل العراق ممثلي اللجنة وخبراءها، على أن يعطيها الأقل ويبعدها عن الأهم، وينكر امتلاك الصواريخ، وينفي امتلاك السلاح الكيماوي والنووي، كان هذا الأسلوب المتعب والمملوء بالغش والمبني على الأكاذيب صادرا من تصور أن مجلس الأمن الذي يتسلم تقارير اللجنة الخاصة سينشغل بقضايا أخرى، وقد يصله الضجر والملل من إزعاجات أعضاء اللجنة الخاصة.

ووضع استراتيجية التقرب من روسيا والصين وفرنسا، مغريا إياها بالعقود التجارية، خاصة بعد أن أقر مجلس الأمن قرار النفط مقابل الغذاء، وتوافرت الأموال لديه، فبدأ يشاغل فرنسا مع مغريات التجارة، وشراء الاحتياجات، كما بدأ بالتوجه نحو السوق السوداء للحصول على ما يحتاج إليه من تكنولوجيا، ولم يكن النظام يتردد في اللجوء الى كل الحيل، بما فيها عرض رشوة على رئيس اللجنة السويدي إيكيوس بمبلغ ثلاثة ملايين دولار رفضها، ثم ترك منصبه بعد أن اعترضت الولايات المتحدة على تساهله مع طلبات العراق في تخفيف التفتيش بالأماكن الحساسة ذات الطابع السيادي.

وقد رفض العراق في عام 1997 عودة المفتشين، مما دفع كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا لضرب المواقع بالصواريخ، كان ذلك في عهد الرئيس كلينتون، الذي كان العراق يتوقع منه التساهل، وتوقف عمل اللجنة سنتين الى أن أقر مجلس الأمن القرار 1284 في ديسمبر 1999م، الذي امتنعت عن التصويت عليه كل من روسيا وفرنسا وماليزيا، وشعر العراق باحتمال العثور على مدخل يكسر صلابة مجلس الأمن عن طريق فرنسا، بعد رفضها تأييد القرار الأخير، كما اختار وزيراً جديداً للخارجية بدلاً من الصحاف، الناشف والسلبي، وحل مكانه ناجي صبري الذي قدّم صورة تعاونية أفضل من السابقين طارق عزيز والصحاف.

لكن الأحداث جاءت بمفاجأة لم يتوقعها أحد، حيث حصلت التفجيرات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001م، بعد مرور أشهر من تولي جورج بوش الابن رئاسة الولايات المتحدة، فتبدل كل شيء في أميركا، بعد أن غزيت في ديارها، كان صدام يصر على أن الصهيونية وراء هذه الحادثة، وأن الإشارات تتهم «القاعدة» ودول الشرق الأوسط، هي حجة لضرب الدول التي ترفض الهيمنة الأميركية.

وفي مارس 2002م، بدأت جولة جديدة من الحوارات بين الأمم المتحدة واللجنة الخاصة، شارك فيها الأمين العام كوفي أنان والوزير العراقي الجديد، وبليكس، الذي أثارت انتباهه مرارة الشكوى العراقية، كما أثار اهتمامه عدم إلمام المسؤولين العراقيين بالتبدلات العالمية، وكأنهم في عالم آخر.

وتطورت الأحداث شيئا فشيئا بين أخذ وردّ بين الأمم المتحدة والعراق، إلى أن التأم في 30 سبتمبر 2002، الحوار مجددا في فيينا بين بليكس والوفد العراقي برئاسة كل من عامر السعدي وحسام أمين، وجاءت طلبات الأمم المتحدة، وفيها إلغاء انتظار المفتشين قبل الدخول الى أماكن التفتيش، وإبعاد المراقبين العراقيين، مع حرية الطيران لأعضاء اللجنة والمفتشين دون مضايقات ودون حشد إعلامي معاد للجنة.

وبعد مشاورات وافق مجلس الأمن بالإجماع على القرار 1441 الذي أعدته واشنطن ولندن، والذي صوّت عليه المجلس في 8 نوفمبر 2002م بالإجماع ما يطلبه من العراق بإعلان موسع ودقيق وحقيقي عن الأسلحة ذات الدمار الشامل والنووي، وكل المواد التي لها علاقة بتصنيع الأسلحة، ولم يهتم القرار بما يردده العراق عن السيادة وحساسية المراكز والقصور الرئاسية.

بعدها قدّم العراق وثائق الى مجلس الأمن شحنت بالطائرات الى نيويورك جاءت في 8000 صفحة، وزعت على الدول الدائمة، ويقول بليكس إن هذه البيانات هي تجميع للبيانات السابقة التي أعطيت للجنة، وليس فيها الجديد المتوقع.

في اجتماع مجلس الأمن، للاستماع الى تقرير رئيس اللجنة، ليشرح الوثائق التي تسلّمها من العراق، أبلغ بليكس مجلس الأمن أن اللجنة ليست في موقع تؤكد فيه ان العراق يعطي المطلوب، ولذلك لا يمكن أن تحدد موقفاً بأن العراق لا يملك أسلحة، ولا تضمن تأكيد أن العراق لديه أسلحة أخفاها عن اللجنة.

وفي ضوء هذا البيان، تقرر الولايات المتحدة مدعومة من بريطانيا، أن هناك انتهاكاً ماديا لقرار 1441، في حين تطالب كل من الصين وروسيا وفرنسا بعودة المفتشين وتبني أسلوب العقوبات الناعمة، تشجيعا للعراق.

كانت تلك آخر فرصة للعراق لإقناع العالم بخلوه من أسلحة الدمار الشامل وأضاعها، كما أضاع فرصاً كثيرة، وفي 3 أبريل انطلقت القوات الأميركية لإسقاط النظام وفي 11 أبريل سقطت بغداد، وانهار نظام صدام، وجاء بول بريمر حاكما لبغداد.

دور موسكو في تجنب الحرب

كانت أخطر المبادرات بشأن إنهاء الأزمة تلك التي حملها المبعوث السوفياتي بريماكوف، الذي وصل إلى بغداد في 12 فبراير، حاملا مبادرة، مصرحا بعد مقابلة صدام بأنه يرى بصيصا من الأمل من خلال موقف القيادة العراقية يدعوه الى التفاؤل بإمكان وقف الحرب، كما أعلنت موسكو أن طارق عزيز سيزور موسكو للتفاوض ولإيجاد حل سلمي.

وشعورا من صدام بضرورة ممارسة فنون المناورة، أعلن العراق قبوله تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 660 الداعي الى الانسحاب فوراً، وأن هذا الانسحاب مشروط بضمان حقوق العراق التاريخية في البر والبحر، واعتبر الحلفاء مناورة العراق خدعة كبرى، وقد ردّ وزير الدفاع الأميركي بأن الحرب ستستمر حتى يتقيد العراق بقرارات مجلس الأمن وينسحب من الكويت.

محادثات صفوان تمحورت حول الأسرى والأسلحة والألغام

وجّه صدام رسالة نهائية في 27 فبراير 1991 يدعو فيها الى الانسحاب والتمركز للدفاع عن البصرة، وفي 28 فبراير أعلن الرئيس بوش وقف إطلاق النار نيابة عن التحالف، فبدأت الإشادات بعبقرية الرئيس صدام الذي هزم القوة العظمى في التاريخ، التي لم تحقق شيئا من أهدافها في إسقاط النظام ولا في احتلال العراق ولا في تقسيمه، مع بقاء الجيش بحالة مُرضية رغم مرور 40 يوما على الهجمات المتواصلة من 30 دولة، ودخل صدام في مفاخرات عن شجاعة الجيش وحرفية جنوده.

في 2 مارس 1991م تم إبلاغ سلطان هاشم الجبوري ليمثل العراق في اجتماع وقف إطلاق النار ويوقعه نيابة عن العراق، ووفق ما جاء في كتاب «أم المعارك» ص 244 يقول سلطان: «كانت الطرق مغلقة، ولم يتم تنظيف البصرة من العناصر الخائنة التي كانت تطلق النار على الموكب، وبعد أن اكتمل الوفد المفاوض تحدث فيهم سلطان بأننا سنتفاوض مع الأميركيين، فقد أمرني الرئيس وعبر أحد أعضاء السكرتارية بأن يتوجه الوفد بروح المنتصر، ولا تتم مصافحة الكفار ما لم يمدوا أيديهم أولاً، وأن يردوا الإهانة بأكبر منها، ونقول لهم إنكم مجموعة التحالف لم يكن بإمكانكم أن تتحملوا 20 في المئة مما تحملناه.

ويضيف سلطان بأن الجانب الأميركي أعد استعراضا لإظهار القوة مقترنة بالتعالي، فقد كانت هناك فرق كاملة تحيط بالوفد للحماية، وكان الجنود من أصحاب الأجسام القوية، وكأنهم دربوا لمثل هذه المناسبة.

كانت محادثات صفوان تتمحور حول عودة الأسرى ووضع الأسلحة والألغام في الكويت، مع عزل القوات المتحاربة عن بعضها بكيلومتر، وحرمان سلاح الطيران العراقي من الطيران، وقد طلب الجانب العراقي السماح بطائرات الهيلوكوبتر، بشرط ألا تقترب من قوات التحالف.

أكثر ما كان يزعج صدام عودة الشرعية الكويتية بعد أن كرر في جميع المنتديات استحالة عودة آل صباح إلى نظام الحكم

انهيار الجيش العراقي وهزيمته في الكويت رافقهما انفجار الوضع بالبصرة في معارضة قوية ضد صدام ونظامه

«الوقف المفاجئ» لإطلاق النار كان عملية إنقاذ لم يتوقعها صدام لأنها أتاحت له تركيز قواته لمواجهة ثورة الجنوب

المقاومة الكويتية ظهرت من نزعة وطنية تلقائية لا تقبل مهانة الاحتلال ولم تجمعها خطة واحدة بقيادة واحدة بل ظلت على شكل تجمّعات سرية

هدف المقاومة هو الحد من الضرر الذي يتعرض له الشعب الكويتي وتوجيه ضربات موجعة لها تأثير سياسي ومعنوي على القوات المحتلة

النظام العراقي عرض رشوة على رئيس اللجنة السويدي إيكيوس بمبلغ 3 ملايين دولار فرفضها ثم ترك منصبه
back to top