مخاطر الحرب الهجينة وسياسة حافة الهاوية التي تعتمدها إيران

نشر في 17-06-2019
آخر تحديث 17-06-2019 | 00:03
جنود من المارينز يسعفون زميلهم خلال تدريبات على متن السفينة الحربية «كيرسارج» بمنطقة عمليات الأسطول الخامس
جنود من المارينز يسعفون زميلهم خلال تدريبات على متن السفينة الحربية «كيرسارج» بمنطقة عمليات الأسطول الخامس
تصاعدت حدة التوترات في منطقة الشرق الأوسط بعد الهجومين على ناقلات النفط في منطقة خليج عمان قرب مضيق هرمز.

وبعد الهجوم الأخير الذي استهدف ناقلتين، حذرت رابطة الناقلات "إنترتانكو" من الأخطار التي تتعرض لها تجارة الطاقة العالمية.

وقال باولو داميكو رئيس الرابطة: "يجب أن نتذكر أن حوالي 30 في المئة من النفط الخام (المنقول بحراً) في العالم يمر عبر مضيق هرمز، وإذا أصبحت المناطق البحرية غير آمنة، فإن الإمدادات للعالم الغربي بأكمله يمكن أن تتعرض للخطر".

وقال جيكوب بي. لارسن رئيس الأمن البحري في بيمكو BIMCO ،أكبر رابطة للنقل البحري الدولي في العالم،"نحن على وشك أن نشهد حرباً رغم عدم وجود أي نزاع مسلح فعلي، لذلك فإن التوترات مرتفعة جداً".

وأدى الخوف من حدوث المزيد من الهجمات، وتوقف التصدير المستمر للنفط إلى زيادة السعر العالمي للنفط الخام.

«الحرب الهجينة»

ويقول أنتوني كوردسمان، أستاذ كرسي أرلين بورك في الاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، إن إيران تستطيع استخدام قواتها البحرية، أو الجوية، أو الصاروخية أو جميعها، أو وكلائها لمهاجمة السفن في الخليج، حول مضيق هرمز، وفي خليج عمان خارج منطقة الخليج، وفي مياه المحيط الهندي قرب مضيق هرمز.

وهي تهدد منذ وقت طويل بــ"إغلاق الخليج" عند مضيق هرمز، ولكن تدريباتها العسكرية تشمل نشر قوات الحرس الثوري الإيراني البحرية على نطاق واسع في الخليج وبالقرب منه.

ويرى كوردسمان أن إيران ليست فى حاجة لشن حرب كبيرة. فهي تستطيع القيام بهجمات منخفضة المستوى لا تؤدي بالضرورة لاستفزاز رد فعل أميركي أو عربي كبير، لكنها قد تسبب زيادة مفاجئة في أسعار النفط. والناقلات بطبيعتها عرضة للصواريخ الصغيرة نسبياً المضادة للسفن والطائرات بدون طيار، وهجمات الغواصات عميقة الغوص والقوارب الصغيرة التي يتم التحكم بها لاسلكياً والمحملة بالعبوات الناسفة. كما تستطيع إيران زراعة ألغام" ذكية" في قاع مسارات الناقلات، التي يمكنها أن تكتشف الناقلات الكبيرة وتستهدفها.

وأضاف كوردسمان، أن هذه الوسائل من "الهجوم الهجينة" يمكن تنفيذها بواسطة سفن فردية وسفن شراعية ليست جزءاً من القوات المسلحة الإيرانية، والتي لا ترفع أعلاماً إيرانية ولا يرتدي من يقومون بتشغيلها أي زي عسكري إيراني، والتي لايمكن ربطها مباشرة بتصرفات تقوم بها الحكومة الإيرانية. ويمكن تشغيلها بواسطة وكلاء مثل الحوثيين أو جماعات "علم زائف" يتم تشكيلها لمناسبة القيام بالمهمة. وقامت القوات البحرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية والقوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني بترسيخ تواجد متزايد لها في جابهار بخليج عمان من أجل" منع التهريب" وفي خليج عدن وبالقرب من اليمن" للتعامل مع القراصنة الصوماليين".

وكان مايك بومبيو، وزير الدفاع الأميركي، صرح بأن الولايات المتحدة أجرت تقييماً للهجوم الأخير الذى تعرضت له الناقلتان، وخلصت إلى أن إيران هي التي ارتكبته. ونفت الحكومة الإيرانية تورطها. ورداً على ذلك، بثت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) مقطع فيديو يظهر قارباً قالت انه لدورية إيرانية يقوم بإزالة لغم لم ينفجر من بدن إحدى الناقلتين.

وقال جون الترمان، نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومدير برنامج الشرق الأوسط بالمركز، في تعليقه على تصريح بومبيو أنه يفترض أن هناك دلائل أخرى لم يتم الإعلان عنها وتم تبادلها مع الحلفاء إلى جانب الفيديو.

حافة الهاوية

وأشار الترمان إلى أن سبب احتمال قيام إيران بهذا العمل يمكن أن يكون منطقيا، خصوصاً أن الهجمات كانت محسوبة نسبياً ولم تسفر عن سقوط ضحايا.

وقال الترمان، إن إيران تسعى لطريقة ما لبدء المباحثات مع الولايات المتحدة من موقف أقصى حد للقوة. فالإيرانيون يشاركون فى المفاوضات في الغالب ليس باتباع سلوك جيد ولكن باتباع سلوك سيء. وهو نوع من سياسة "حافة الهاوية"، فهم يريدون أن يشعر العالم بالقلق وأن هناك حاجة ملحة لأن تبدأ الولايات المتحدة وإيران في إجراء محادثات. ومن الواضح أن هناك قلقاً بالغاً من أن يتحول هذا الصراع حول الهجوم على الناقلات إلى حرب حقيقية بما تحمله من تداعيات بالنسبة للعالم برمته. وهذا الأمر سيعرض الجنود والبحارة الأميركيين للخطر.

ويقول الترمان، إنه سيكون من الخطر وصول هذا الصراع إلى الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الهش بالفعل فى العراق ويرى أن من الأفضل أن تتحدث الولايات المتحدة مباشرة مع الإيرانيين ووضع الحدود، وتقديم الحوافز والكوابح، ودفعهم نحو السلوك الأكثر توافقاً مع المصالح الأميركية.

back to top