ارتفاع الجنيه مقابل الدولار يغضب 14 مليون مصري

محللون: لن يصمد طويلاً وسيبدأ رحلة الهبوط مع نهاية العام الجاري

نشر في 13-06-2019
آخر تحديث 13-06-2019 | 00:00
No Image Caption
أثار الصعود المتواصل للجنيه المصري مقابل الدولار خلال الفترة الماضية حالة من الجدل في خضم التراجعات التي تشهدها عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار، على خلفية الاضطرابات التجارية بين بكين وواشنطن، مما يدعو إلى مجموعة من التساؤلات تتعلق بأسباب الصعود وقدرته على الاستمرارية.
مثلما ساهم قرار تحرير سوق الصرف وتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار في العديد من المكاسب التي حققتها الحكومة المصرية في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، حقق هذا القرار مكاسب صاروخية للمصريين العاملين في الخارج.

ومع صدور قرار التعويم في بداية نوفمبر 2016 ارتفع سعر صرف الدولار في السوق المصري من مستوى 8.88 جنيهات قبل صدور قرار التعويم إلى نحو 19.6 جنيها في منتصف عام 2017، بنسبة ارتفاع تقدر بنحو 122.7%.

وفي وقت سابق من العام الجاري، كشفت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج السفيرة نبيلة مكرم عن أعداد المصريين المقيمين بالخارج، والتي تقدر بنحو 14 مليون مواطن، لافتة إلى ارتفاع حجم تحويلات المصريين المغتربين بالخارج إلى نحو 29 مليار دولار بنهاية 2018، مقارنة بنحو 18.2 مليارا في 2017، بزيادة سنوية قدرها 17%.

ووفقا لهذه الأرقام، فإن إجمالي تحويلات الـ14 مليون مصري البالغة نحو 29 مليار دولار خلال العام الماضي، وباحتساب سعر صرف الدولار عند مستوى 19.6 جنيها، وهو أعلى سعر سجله الدولار منذ قرار التعويم وحتى الآن، فإن قيمة هذه التحويلات تبلغ نحو 568.4 مليار جنيه.

لكن وبعد التراجع الأخير في سعر صرف الدولار ليسجل في تعاملات اليوم مستوى 16.7 جنيها فإن قيمة هذه التحويلات تبلغ نحو 484.3 مليار جنيه، بفارق سعر يبلغ نحو 84.1 مليارا، وهي التي خسرها المصريون العاملون في الخارج كفرق سعر بعد تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري خلال العام الجاري.

لكن مقابل هذه الخسائر وعقب قرار التعويم وارتفاع سعر صرف الدولار من مستوى 9 جنيهات إلى 19.6 جنيها، فإن القيمة الإجمالية لهذه التحويلات كانت تبلغ قبل التعويم نحو 257.7 مليار جنيه، مقابل نحو 568.4 مليارا بعد الارتفاع القياسي في سعر صرف الدولار عند مستوى 19.6 جنيها بفارق سعر يبلغ نحو 310.7 مليارات، وهو رقم كبير يرى العاملون بالخارج أنهم فقدوه بسبب الخسائر التي تكبدها الدولار في السوق المصري منذ بداية العام الجاري.

وتشير البيانات الحديثة التي أعلنها البنك المركزي المصري إلى أن إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفعت بنسبة 23.3% خلال شهر مارس الماضي مقارنة بشهر فبراير.

وأوضح البنك أن إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفع خلال مارس الماضي إلى 2.3 مليار دولار مقابل نحو 1.8 مليار في فبراير، بزيادة 426.1 مليون جنيه.

وفي تقريره حول احتياطيات مصر من النقد الأجنبي، أعلن البنك المركزي ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية لمصر في نهاية مايو 2019، إلى 44.275 مليار دولار، مقارنة بنحو 44.218 مليارا في نهاية أبريل 2019، بزيادة قدرها 57 مليونا.

ويثير الصعود المتواصل للجنيه المصري مقابل الدولار خلال الفترة الماضية حالة من الجدل في خضم التراجعات التي تشهدها عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار، على خلفية الاضطرابات التجارية بين بكين وواشنطن، ما يدعو إلى مجموعة من التساؤلات تتعلق بأسباب الصعود وقدرته على الاستمرارية.

وتوقع محللون وخبراء أن يتجه الجنيه المصري نحو الهبوط في وقت لاحق من العام الجاري، في ضوء مجموعة من العوامل الموسمية والفنية، وفقا لما ذكرته نشرة «انتربرايز».

وفي تحليله، قال رئيس وحدة الاقتصاد الكلي في المجموعة المالية «هيرميس» محمد أبو باشا إنه من الممكن أن نرى المزيد من الصعود خلال الأشهر القليلة المقبلة، نتيجة لبعض العوامل الموسمية المتعلقة بتراجع الطلب على الدولار خلال فصول الصيف.

وأوضح أن العوامل الموسمية لن تدعم أداء الجنيه خلال الربع الأخير من العام الجاري، مع ارتفاع طلب الأجانب على الدولار لتحويل أرباحهم من السوق المصري.

أسباب تراجع الدولار

وأضاف أبو باشا أن الهبوط الذي شهده الدولار خلال الفترة الماضية يرتبط بصلة وثيقة بتراجع الطلب عليه، وليس زيادة تدفقات الأجانب في محافظ الأوراق المالية والديون المصرية.

ورجحت المحللة الأولى لدى شعاع للأوراق المالية إسراء أحمد أن يتراجع الجنيه على المدى المتوسط والطويل، وهو ما أرجعته إلى عجز الحساب الجاري وأساسيات التضخم، متابعة: «السؤال هنا حول النقطة التي سيبدأ منها الجنيه الهبوط من جديد». وحول إمكانية أن يعكس الجنيه مساره ويهبط مجددا، ذكرت المحللة الأولى للاقتصاد الكلي لدى «إتش سي» للأوراق المالية سارة سعادة ان صعود الجنيه وصل إلى ذروته على مستويات تجارة الفائدة والتحويلات.

وأضافت سعادة أن الجنيه سيستقر لفترة أمام الدولار قبل أن يعاود الهبوط مرة أخرى بنهاية العام الجاري، في خضم التوقعات بإقبال البنك المركزي على خفض الفائدة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يدفع المستثمرين الأجانب نحو جني الأرباح.

توقعات الهبوط

وأشارت رئيسة قسم البحوث في بنك «فاروس» رضوى السويفي إلى أنه باستثناء الارتفاع المطرد في الاحتياجات التمويلية الخارجية للبلاد، فإن تقلبات سعر الصرف ستظل محدودة، وأي هبوط في قيمة الجنيه أمام الدولار سيكون بصورة تدريجية.

وأضافت السويفي: «نتوقع أن يتراوح سعر الصرف بين 16.5 و17.5 جنيها للدولار خلال 2019، اعتمادا على حجم التدفقات الأجنبية وشهية الأجانب للديون المصرية».

لكن هل من الممكن أن يعود الدولار إلى مستويات 18 جنيها؟ الإجابة نعم، وفقا لما توقعته مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» في مذكرة بحثية حديثة، والتي أرجعت الأمر إلى وجود معدلات تضخم أكثر ارتفاعا في الدول التي لديها شراكات تجارية مع مصر، وهو ما سيزيد احتمالية انخفاض قيمة الجنيه للحفاظ على تنافسية العملة.

back to top