روسيا وكوبا تستطيعان حقاً إنهاء الكارثة الفنزويلية

نشر في 28-05-2019
آخر تحديث 28-05-2019 | 00:00
 نيويورك تايمز تشكل المحاولة الفاشلة لإشعال انتفاضة عسكرية في فنزويلا في 30 أبريل الفصل الأخير في مسيرة هذا البلد البطيئة نحو الكارثة، ولكن باتت لهذا الوضع اليوم تداعيات دولية أشمل تمتد بعيداً خارج هذه المنطقة.

صارت روسيا لاعباً أساسياً في هذه القصة، فقد أُدرجت فنزويلا على أجندة المواضيع المناقشة عندما تحدث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بادئ الأمر إلى نظيره الروسي في موسكو في شهر مارس، حين التقيا في هلسنكي في مطلع هذا الشهر، ومرة أخرى قبل أيام في سوتشي، كذلك ناقش ترامب وضع فنزويلا مع الرئيس الروسي بوتين في الثالث من مايو، ولكن يبدو أن كل هذه الحوارات لم تفضِ إلى أي نتيجة، إنما ظهر جلياً أن ثمة اختلافات كبيرة بين الحكومتين، واتضح أيضاً أن روسيا باتت تدرك جيداً مدى اهتمام واشنطن بهذه المسألة.

أرسل الروس الشهر الماضي نحو مئة متعاقد عسكري خاص إلى كاراكاس، وواصلوا بيع الأسلحة إلى حكومة نيكولاس مادورو والدفاع عنه في الأمم المتحدة. كان أصدقاؤهم في كوبا يحومون حول فنزويلا منذ سنوات، وها هم اليوم يضطلعون بدور أكثر أهمية من ذي قبل، وذلك بتشجيع من روسيا على الأرجح.

تُعدَّد غالباً ثلاثة أسباب لتوضيح مشاركة روسيا المتنامية في فنزويلا: الأول حماية وربما التمكن ذات يوم من استرجاع أكثر من 60 مليار دولار تدين بها كيانات فنزويلية مختلفة لمصارف وشركات روسية عدة. قد لا تعترف حكومة ما بعد مادورو بهذه الديون، بما أن الكثير منها لم يحظَ بموافقة الجمعية الوطنية الفنزويلية.

ثانياً، يسعى الرئيس بوتين إلى مواجهة الولايات المتحدة، مشكلاً مصدر إزعاج في محيطها ومحاولاً الرد بالمثل على ما تعتبره موسكو تدخل حلف شمال الأطلسي في شؤون أوروبا الشرقية.

أما السبب الأخير والأكثر أهمية على الأرجح، فهو أن روسيا تأمل بسط نفوذها في منطقة تعتبرها الحكومة الأميركية ضمن مدار نفوذها. حافظت روسيا على روابط وثيقة مع هافانا طوال 60 سنة منذ المرحلة التي ترأس فيها نيكيتا خروتشوف الاتحاد السوفياتي، ويحاول بوتين اليوم، بمنحه الأرجنتين، وبوليفيا، والإكوادور قروضاً، توسيع النفوذ الروسي في المنطقة.

تحمل الولايات المتحدة أوراقاً فاعلة تستطيع لعبها، إلا أن عليها القيام بذلك بحكمة. إذا أراد ترامب حقاً الإطاحة بحكومتَي كوبا وفنزويلا معاً أو إذا كان يسعى فعلاً إلى تغيير النظام في كوبا وحدها، فلن يجني سوى الفشل، فضلاً عن أنه سيغضب بالتأكيد شركاء هذا البلد الديمقراطيين في أميركا اللاتينية وأوروبا. باستثناء نيكاراغوا، وبوليفيا، والأوروغواي، والمكسيك، تريد سائر دول المنطقة الإطاحة بمادورو، بيد أنها لن تدعم ترامب في أي محاولة لتقويض نظام الحكم المستبد في كوبا.

بدلاً من ذلك، على ترامب مواصلة الضغط على كوبا لتنضم إلى جهوده للإطاحة بمادورو. ويستطيع هذا البلد أن يؤدي دوراً مهماً بتقديمه لمادورو ملجأ آمناً وبالمشاركة في الاتفاقات الانتقالية التي قد تضمن عملية انتقال ديمقراطية: تحرير كامل السجناء السياسيين، والسماح لقادة المعارضة بالترشح في انتخابات حرة ونزيهة تخضع لمراقبة دولية، وإعادة إرساء حرية الصحافة والتنظيم، والحد من تدخل كوبا في فنزويلا سلمياً وتدريجياً.

يجب أن يُقنع ترامب روسيا بحض كوبا على اتخاذ هذه الخطوات، وعليه أن يتذكر في النهاية أنه ما من مقاربة ترهيب وترغيب من دون وسيلة ترغيب.

* يورغ ج. كاستانييدا

* «نيويورك تايمز»

back to top