حمد ناصر الماكيير المتأرجح بين التمثيل والمكياج

«الليلة يصل محقان» أولى مسرحياته

نشر في 24-05-2019
آخر تحديث 24-05-2019 | 00:00
امتدت مسيرة الراحل حمد ناصر على مدى 57 عاماً، وحفلت بالإنجازات، فقد تعلق الراحل بالفن والتمثيل منذ صغره حين بدأ رحلة التمثيل من خلال المسرح المدرسي والأندية الصيفية، وهو عضو فرقة المسرح العربي منذ عام 1965 ويعتبر أحد الرواد الأوائل للحركة الفنية المسرحية بالكويت، وخاض الفنان الراحل، الذي توفي عن عمر 76 عاماً، تجارب مختلفة في الفن تاركاً إرثاً كبيراً من الأعمال وهو من مواليد 6 يوليو عام 1942 وله ثلاثة أبناء هم أسامة، وناصر، ومصطفى.
ويعد الراحل من الجيل المبدع، إذ كان مجتهداً، ومحافظاً على مواعيده، ومتنوعاً في أدواره أتقن الفن من أطرافه كافة، سواء كانت الفكاهية أو الدرامية ولم يكن يهمه إن كان الدور كبيراً أو صغيراً فهو يعطي من روحه دوراً يشدّ المشاهد إليه حتى يتذكره، ويظل عالقاً في الذاكرة.
كانت بداية الفنان حمد ناصر عن طريق النشاط المسرحي، ففي السابق كان في كل مدرسة يوجد مسرح، وفي آخر كل عام تكون هناك مسابقة هي المسرح المدرسي، وبسبب ذلك النشاط فقد استهواه التمثيل كثيراً وأعجبه.

درس ناصر في مصر تخصص التربية البدنية وكان معه الإعلامي خالد الحربان، ويوسف عبيد، وأحمد السرهيد وكان يمارس ألعاب القوى، وكان أيضاً في منتخب الجمباز في عامي 1959 و1960، لكن استهواه التمثيل وكان زكي طليمات لديه معهد وانضم إليه وكان يزامله كثيرون منهم علي المفيدي، وفؤاد الشطي، وعبدالمجيد قاسم، وأمين الحاج، وكانت فترة المعهد سنتين وبعد الانتهاء من الدراسة كل فنان كان له توجهه وميوله فالبعض منهم ذهب إلى المسرح العربي، أو مسرح الخليج أو المسرح الشعبي، ولكن جمعهم حبهم للفن.

وعن تجربته في المسرح العربي التي انضم إليه في عام 1965، فقد كان الراحل بصحبة عمالقة الفن غانم الصالح، وسعد الفرج، وعبدالحسين عبدالرضا، وخالد النفيسي، وكان المسرح ليس تمثيلاً فقط بل كان هناك ديكور، ومكياج، وإدارة مسرحية وخلال فترة وجوده في المسرح مدة أربع سنوات عمل في الكثير من الأنشطة التي تخص المسرح لكنه لم يمثل.

وأبرز الأدوار التي أداها مع المسرح العربي دور الأب في مسرحية «الليلة يصل المحقان» وهو أول دور له، ثم جسد شخصيات: الرجل في «مطلوب زوج حالاً»، مندوب الدولة الطبرانية في «عالم نساء ورجل»، السجان في «انسوا يا ناس»، القاضي في «قاضي الفريج»، رئيس مجلس الإدارة في «إمبراطور يبحث عن وظيفة»، الجلاد في «سلطان للبيع»، سالم في «عالم غريب غريب»، بو يوسف في «الثالث»، أبو ناطح في «طبيب في الحب».

ثلاث دقائق

أما عن أول دور مثله فكان في مسرحية «الليلة يصل محقان» مع المسرح العربي والتي عرضت سنة 1969، وكان دوره لا يتجاوز ثلاث دقائق، «وتلك أول مسرحية لي مع المحترفين عبدالحسين

عبدالرضا، وغانم الصالح».

وبعد تجربته الأولى استمر حمد ناصر في مجال المكياج بعد أن تمكن جيداً من المهنة. وبعد مسرحية «الليلة يصل محقان»، مثل مسرحية «مطلوب زوج حالاً» ودوره مدته ست دقائق لكنه أثر فيه كثيراً، وصادفت تلك التجربة افتتاح فيلم «بس يا بحر»، وقضى سنتين في العمل بالفيلم.

وعن حصوله على دور وفرصة التمثيل في «بس يا بحر» وهو الفيلم الكويتي الوحيد والطويل، فقد احتوى هذا الفيلم تقريباً 80 في المئة منه على ممثلين كويتيين ولم تكن شخصياته محدودة، وهناك مجموعة من الفنانين أبدعوا في التمثيل فيه وتجسيد أدوارهم، لأن الجميع اشتغلوا بروح واحدة وغايتهم النجاح، وليس الشهرة أو المادة.

وفي إحدى المقابلات قال الراحل: «السينما صناعة قبل أن تكون فناً» وكانت فكرة الفيلم في رأس خالد الصديق، وكان مخرج ومنتج الفيلم بنفس الوقت، وكاتب القصة عبدالرحمن الصالح، وقام بمشاركته بالسيناريو سعد الفرج.

وكان دور الراحل في الفيلم أن يجسد دور «السيب» إذ اختاره المخرج، واجتهد في تجسيد الدور عن طريق سؤاله البحارة عن تصرفات السيب ومهامه، ومثل الدور بنجاح.

أما عن دخوله في مجال التلفزيون فقد كان ذلك بداية من خلال مشاركته في برنامج «الصحة للجميع»، فجزء من البرنامج كان يتكلم عن الصحة أما الجزء الآخر فيتضمن فقرات تمثيلية وقام الراحل بتمثيل في إحدى الحلقات، وبعدها شارك في سهرة تراثية باللغة العربية الفصحى بعنوان «الجارية تودد» وكانت من بطولة سامية محمد، ولطفي عبدالحميد.

عمله ماكييراً

كان ناصر يمتلك مبادئ الرسم، فكان من ضمن الذين أسسوا جريدة حائط، وتولى الخط والرسم فيها، ولاحظ الفنان جعفر المؤمن موهبته في الخط فقام بنصحه بتعلم أساسيات المكياج، وكان أحد القلائل الذين أجادوه في الكويت، لذا يعتبر ناصر ثاني ماكيير كويتي يمارس مهنة الماكياج بعد المخرج الراحل عبدالعزيز المنصور، فقد أحب مهنة ماكيير وكان مجتهداً فيها من خلال إطلاعه على الكتب، والخبرات الخارجية في المجال فحقق نجاحاً في هذا المجال.

واشتغل في التلفزيون ماكييراً إلى جانب عمله في التمثيل، ولم يشغله عمله ماكييراً عن التمثيل بل كان المجالان وجهين لعملة واحدة، وعنده عمله ماكييراً يقوم بقراء النص كاملاً ومدلولات الشخصيات ويتابع تطور الشخصية منذ بداية العمل إلى نهايته، والحالة النفسية التي تمثلها ويقوم بمناقشتها مع المخرج حتى يخرج بالنتيجة المرضية.

وحاول الاستفادة من خبير التجميل محمد عبدالحميد الشهير بلقب «أبو حميد» الذي تصدى لفن الماكياج في المسرح، فحاول قدر الإمكان الاستفادة من خبرته، واجتهد في البحث عن مراجع خارجية في هذا المجال ومتابعة صور الممثلين.

أما مجال عمله ماكييراً في المسلسلات التاريخية فكان يعتمد على شيئين وهما نوعية الشخصية وتقاسيم الوجه.

وفي تجربة عمله في فيلم «الرسالة» مع مصطفى العقاد الذي عمله فيه مع ممثلين وفنيين من قسم السينما ويعود الفضل في ذلك إلى محمد السنعوسي الذي كان مسؤولاً في ذلك الوقت عن التلفزيون، وكان يريد شباب التلفزيون أن يكتسبوا خبرات من خلال مشاركتهم في الفيلم.

وبالفعل تعلم الراحل واكتسب خبره من خلال مشاركته في الفيلم مدة أربعة أشهر توازي فترة عمله بالتلفزيون التي كانت لمدة سنتين أو ثلاث سنوات، لأنه عمل ضمن فريق من المحترفين.

وكان الراحل في مشاركته بالفيلم تميز بالاندفاع والحماس وحب التعلم ويريد أن يثبت نفسه والتي عادت عليه بالنفع من إشادة وإعجاب من الجميع.

وتكوّن فريق الماكيير في الفيلم من ثمانية أشخاص أولهم كان ماستر الماكيير الأميركي نفل سمولود ومساعده ألن في الفيلم، و4 من مصر، والراحلان حمد ناصر وعبدالعزيز المنصور.

وفي بداية الأمر لم يعتمد الماستر الأميركي على المنصور وحمد ناصر، ثم لاحظ أن شخصيات الكومبارس بدأت تظهر بصورة بارزة ومن هنا شد انتباه الماستر سمولود وقام بتكليفهم بماكيير الشخصيات الرئيسية في الفيلم.

الإذاعة ومسرح الطفل

وفي عمله بالإذاعة التي ساهمت في صقل موهبته وأكسبته مهارة فنية، قال الراحل في إحدى المقابلات، إن مجال الإذاعة صعب وسهل في نفس الوقت لأنك توصل بصوتك فقط ما تريد إيصاله للمستمع من أحاسيس، أما في مجال التلفزيون فيعتمد على العديد من الأشياء منها من خلال الحركات، والإيماءات، والديكور، والمكياج واللقطة تقدر أن توصل ما تريده للمشاهد.

وقدم الراحل مجموعه كبيرة من المسلسلات الإذاعية من أبرزها دوره في مسلسل إذاعي عن قصة حياة الفنان الكويتي الراحل عوض دوخي.

أما في مسرح الطفل فلم يخض الراحل المجال وقال في إحدى المقابلات «مسرح الطفل لم أخض مجال التمثيل به ولن أخوض المجال به لأنه من أصعب الأعمال، ويعتقد البعض أن مسرح الطفل سهل ولكنه عكس ذلك، ولم ينجح مسرح الطفل لدينا، لأننا كنا ننظر له باستخفاف، الوحيدة التي نظرت له بجدية هي عواطف البدر، لذلك كل المسرحيات التي أطلقتها البدر كانت ناجحة، وأيضاً هدى حسين وعبدالرحمن العقل لأنهم عملوا مع البدر قدموا مسرحيات طفل ناجحة».

وفي مجال الأوبريتات كما من ضمن أوبريتين هما «والله زمن» و«بساط الفقر»، ولم يغنِّ في الأوبريتين لكنه كان ممثلاً من ضمن المشاهد التمثيلية، وفي أوبريت «بساط الفقر» عمل ممثلاً وماكييراً في الوقت نفسه.

أعماله

من أعماله المسرحية «مطلوب زوج حالاً» و«القضية خارج الملف» و«مراهق في الخمسين» و«إمبراطور يبحث عن وظيفة» و«طار الفيل» و«دكتور صنهات» و«فري كويت».

وشارك في العديد من المسلسلات التلفزيونية مثل «عائلة بو جسوم» و«الغرباء» و«الأقدار» و«طيور على الماء» و«زمان الإسكافي» و«بيت بلا أبواب» و«جرح الزمن» و«التنديل» كما ظهر في بعض الأفلام السينمائية منها «بس يا بحر» و«الفخ» إضافة إلى مجموعة كبيرة من المسلسلات الإذاعية.

قالوا عنه

توفي الفنان في 17 يناير 2019، بعد صراع مع المرض، ونعاه العديد من الفنانين الكويتيين ومؤسسات ثقافية وفنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشهدت جنازته حضوراً كثيفاً من الفنانين وذكروا مناقب الراحل ليقول الفنان سليمان الياسين: «عرفته في بداياتي، كان يعمل «ماكييرا» في تلفزيون الكويت، وصارت بيننا علاقة إنسانية وعملية، فكان وفياً يبذل جهوداً كبيرة للوصول إلى أفضل عطاء، وصادقاً أميناً لا ينفك يتابع كل أعمال زملائه بحب وتعاون مع الفرق الأخرى، وليس فرقة المسرح العربي فقط».

أما المخرج أحمد الشطي: «الراحل العم حمد ناصر كان مشهوداً له بالعطاء والإخلاص، كان قادراً على انتزاع حب الآخرين بطيبة قلبه، لم يبخل بفنه يوما».

أما المخرج صالح القيلاني فقال إنه «كان أخاً وصديقاً عزيزاً، ومن الرعيل الأول في فرقة المسرح العربي، كما أثرى المكتبة المسرحية والدرامية بعشرات الأعمال، التي تركت بصمات خالدة على خريطة الفن الكويتي».

من ناحيته، قال المخرج محمد سليمان: «جمعتني به مواقف جميلة لا تنسى، وزاملته في معهد الفنون المسرحية قبل أن نصبح أعضاء بفرقة المسرح العربي، لتمتد بنا الرحلة لما يقرب الخمسين عاماً، فكان يتفانى في خدمة الجميع، ولا يتوانى في نصح الآخرين».

حمد ناصر من الجيل المبدع كان محافظاً على مواعيده متنوعاً في أدواره

المؤمن لاحظ موهبته في الرسم مع فرقة المسرح العربي

في إحدى مقابلاته قال: «السينما صناعة قبل أن تكون فناً»

يعتبر ثاني ماكيير كويتي يمارس مهنة المكياج بعد المخرج الراحل عبدالعزيز المنصور

ساهمت الإذاعة في صقل موهبته وأكسبته مهارة فنية

امتدت مسيرته على مدى 57 عاماً وحفلت بالإنجازات

خاض تجارب مختلفة في الفن
back to top