واشنطن تجلي موظفين من العراق وتستنفر... وطهران تتعهد بهزم «التحالف الأميركي - الإسرائيلي»

• إجراءات أمام السفارة الأميركية وألمانيا توقف تدريب الجيش العراقي بسبب التوترات
• الرياض تحمل طهران مسؤولية الهجوم الحوثي على «شرق - غرب» وتدعو إلى تحرك دولي
• هولندا تعلق عمل بعثاتها وبغداد تؤكد أن الأمن مستقر وتواصل التنسيق مع كل الأطراف
• الإيرانيون يبدأون الانسحاب التدريجي من «النووي»
• موسكو تتوقع تصعيداً

نشر في 16-05-2019
آخر تحديث 16-05-2019 | 00:04
كان العراق أمس ساحة لتطورات متسارعة، تمثلت في إجلاء واشنطن موظفين أميركيين من هناك، وإعلانها حالة تأهب قصوى، متخوفة من هجوم لميليشيات موالية لإيران.
ومع دخول تعزيزات أميركية عسكرية إلى منطقة الخليج، توقعت موسكو تصعيداً في الموقف، في وقت وجّهت الرياض اتهاماً واضحاً لإيران بالمسؤولية عن الهجوم الحوثي الأخير على منشآتها النفطية.
بينما بدأت الحشود العسكرية الأميركية غير العادية تصل الى منطقة الخليج، وبعد "اعتداء الفجيرة" والهجوم الحوثي على نفط السعودية، كان العراق ساحة لأحداث متلاحقة في الساعات الأخيرة.

وبعد تحذيرها قبل أيام من هجمات تخطط لها إيران ضد عسكريين أميركيين في العراق أو سورية أو الخليج، أمرت الولايات المتحدة موظفي حكومتها غير الأساسيين بمغادرة العراق.

وغداة تأكيد الجيش الأميركي مجدداً مخاوفه حيال تهديدات وشيكة من قوات مدعومة من إيران للقوات الأميركية في العراق، والتي أصبحت الآن في حالة تأهب قصوى، قال الناطق الرسمي باسم السفارة الأميركية لدى بغداد، في بيان، إنه "بالنظر إلى سلسلة التهديدات المتزايدة التي نشهدها في العراق، والتي أطلعنا الحكومة العراقية عليها خلال زيارة وزير الخارجية الاميركي بتاريخ 7 الجاري، ومن خلال اتصالات لاحقة، قرر وزير الخارجية الأميركي شمول البعثة في العراق بمغادرة الموظفين غير الأساسيين من السفارة الأميركية في بغداد، والقنصلية في أربيل".

وأوضحت السفارة أنها "تقوم بمراجعة وتقييم سلامة وامن وعمليات منشآتها حول العالم وبشكل منتظم، وقررت أن الأمر بالمغادرة الملزمة يعد مناسبا في ضوء الظروف الامنية الحالية"، مؤكدة "لا نتخذ هذه القرارات باستخفاف".

وأشار الناطق باسم السفارة الى ان "سلامة الموظفين الحكوميين الأميركيين والمواطنين الأميركيين من الأولويات القصوى لوزارة الخارجية"، مؤكدا "نحن واثقون من عزم الأجهزة الأمنية العراقية على حمايتنا، لكن يبقى هذا التهديد خطيرا، ونود التخفيف من خطر التعرض للأذى"، متابعا: "نبقى ملتزمين بالشراكة مع العراقيين تعزيزا لمصالحنا المشتركة".

وأضاف السفارة: "خدمات التأشيرات العادية فيهما ستصبح معلقة مؤقتا"، وأوصت من يشملهم القرار بالرحيل في أسرع وقت ممكن، ولم يتضح عدد الموظفين الذين سيرحلون.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن قرار سحب الموظفين غير الأساسيين اعتمد على تقييم أمني، لكنه لم يذكر تفاصيل عن عدد من سيغادرون العراق.

صواريخ الفصائل

جاء ذلك، بينما قال مصدران أمنيان عراقيان إن زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو المفاجئة لبغداد هذا الشهر جاءت بعد أن أظهرت معلومات استخباراتية أميركية أن جماعات شيعية مسلحة مدعومة من إيران تنشر صواريخ قرب قواعد للقوات الأميركية.

وأضاف المصدران أن بومبيو طلب من كبار القادة العسكريين العراقيين أن يحكموا سيطرتهم على هذه الجماعات، التي توسع نفوذها في العراق بعد أن أصبحت الآن تشكل جزءا من جهازه الأمني. وإن لم يفعلوا فسترد الولايات المتحدة بقوة.

ومع تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران يجد العراق نفسه محاصرا بين جارته إيران، التي تنامى نفوذها الإقليمي في السنوات الأخيرة، وبين الولايات المتحدة.

وقال مصدر عسكري عراقي بارز على علم بتفاصيل زيارة بومبيو: "الرسالة الأميركية كانت واضحة. طالبوا بضمانات بأن العراق سيكون قادرا على منع هذه الجماعات من القيام بتهديد المصالح الأميركية"، مضيفا: "لقد قالوا إنه في حالة تعرض أميركا للهجوم على الأرض العراقية فإنها سترد للدفاع عن نفسها دون الرجوع إلى بغداد".

وذكر المصدر الأمني العراقي الثاني ان اتصالات اعترضها الأميركيون أظهرت أن بعض الجماعات المسلحة أعادت نشر مقاتليها ليتخذوا مواقع مثيرة للريبة، وهو ما اعتبره الأميركيون استفزازا، مبينا أن العراقيين أُبلغوا بأن أي تهديد من هذه الجماعات "سيتم التعامل معه بصورة مباشرة من قبل الأميركيين باستخدام القوة".

وشدد رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، أمس الأول، على أن الجانب العراقي لم يرصد "تحركات تشكل تهديدا لأي طرف. لقد أوضحنا ذلك للجانب الأميركي. الحكومة تقوم بواجبها في حماية جميع الأطراف".

وقال متحدثون باسم جماعتين مسلحتين عراقيتين مدعومتين من إيران إنهما لا تعتزمان استهداف القوات الأميركية، مشيرين إلى أن الحديث عن التهديدات مجرد "حرب نفسية" تشنها واشنطن.

وكشف مصدر أمني عراقي ان مسؤولين أميركيين بحثوا مع نظرائهم العراقيين انتشار فصائل مسلحة مدعومة من إيران على الحدود السورية، حيث ساعدت القوات الأميركية في قتال تنظيم داعش.

وقال بومبيو الأسبوع الماضي: "طلبنا من الحكومة العراقية... إخضاع هذه القوات للسلطة المركزية العراقية".

وأفاد ليث العذاري، المتحدث باسم جماعة عصائب أهل الحق، المدعومة من إيران، بأن "المزاعم الأميركية ليس لها أساس من الصحة. إنها تذكرنا بالكذبة الكبيرة عن أسلحة الدمار الشامل في العراق"، لافتا إلى الذريعة التي سيقت لتبرير الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003، ويبلغ قوام قوات الحشد الشعبي، المظلة التي تضم جماعات مسلحة أغلبها شيعية، نحو 150 ألف رجل.

وهناك حاليا 5200 جندي أميركي تقريبا في العراق، بعد أن كان عددهم بلغ ذروته عند 170 ألفا في السنوات التي أعقبت الغزو.

ويقول المحللون إن نشر الجماعات الشيعية المسلحة المدعومة من إيران للصواريخ يهدف على الأرجح إلى تشكيل تهديد رمزي للولايات المتحدة ولا توجد خطة حقيقية لاستخدامها.

«الخارجية» العراقية

من ناحيتها، قالت الخارجية العراقية أمس إن "الوضع الأمني في العراق مستقر جدا"، مشيرة إلى أنها "تنسق مع الأطراف كل، وتلتزم خطاب الحوار، وإمكانية البناء على فرص التوازن في ضوء حاجة المنطقة لذلك"، مؤكدة أن "العراق بلد يحترم شركاءه وأصدقاءه، ويتبادل معهم المصالح المشتركة، ويؤكد سيادته وحماية مصالحه في الوقت نفسه".

ودعت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي وزارة النقل لاتخاذ اجراءات احترازية سريعة لحماية الموانئ والأسطول البحري العراقي، مشددة على ضرورة البحث عن الخطط البديلة في حال نشوب اي تصادم حربي بالمنطقة.

ألمانيا وهولندا

إلى ذلك، وبينما أعلنت هولندا تعليق عمل بعثاتها الدبلوماسية في العراق، أكد الجيش الألماني إيقاف تدريباته لقوات الجيش العراقي، بسبب تزايد التوترات في المنطقة، وأشارت دوائر عسكرية في برلين، في تصريح لـ"د ب أ"، الى أن الخطوة اتخذت بالتنسيق مع شركاء ألمانيا داخل التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.

ولفت متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية الى أن "الوضع في العراق يمكن أن يتغير في أي يوم، لذا من الممكن أن نستأنف التدريبات في أي وقت"، بينما قالت متحدثة باسم الخارجية الألمانية إن برلين لا تعتزم تقليل عدد موظفي السفارة والقنصلية في العراق، مشددة على أنه لا مؤشرات على تعرض سفارة وقنصلية ألمانيا في العراق لتهديدات متنامية.

موسكو

وأعلن الكرملين، أمس، أن موسكو لم تتلق أي ضمانات من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بشأن إيران، وأن الوضع يتجه نحو التصعيد بسبب ضغوط أميركا المتزايدة على طهران.

وقال السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، إن موسكو لم تتلق أي تأكيدات أو ضمانات من بومبيو بشأن إيران، فالوضع واضح ويميل إلى التصعيد بسبب ضغط واشنطن المتواترة على طهران.

واضاف بيسكوف: "بينما نراقب استمرار التصعيد والتوتر حول هذا الموضوع، نأسف للقرارات التي يتخذها الجانب الإيراني. نحن نفهم بوضوح أن الجانب الإيراني لا يتخذ هذه القرارات طواعية، وليس بشكل استباقي، لكنه يرد على الضغوط الممارسة عليه والتي تتعارض بشكل عام مع روح ورسالة خطة العمل الشاملة (الاتفاق النووي مع إيران)".

وأوضح المسؤول الروسي قائلا إن تصرفات الولايات المتحدة هي التي أثارت الجانب الإيراني، وإن موسكو أعلنت بالفعل ذلك على مختلف المستويات. وأشار بيسكوف إلى أن القلق العام لا يزال قائما.

وأكد أنه "لم تكن هناك أي ضمانات من قبل بومبيو. من الصعب التحدث عن بعض الضمانات. هناك موقف واضح، والذي لسوء الحظ يميل نحو المزيد من التصعيد في الواقع".

طهران

وفي طهران، وغداة اعتبار المرشد الأعلى علي خامنئي في كلمة لمسؤولين حكوميين، أن المواجهة بين طهران وواشنطن هي اختبار إرادة وليست مواجهة عسكرية، وأن "هذه المواجهة ليست عسكرية لأنه لن تندلع أي حرب، فلا نحن ولا هم يسعون إلى حرب. هم يعرفون أنها ليست في مصلحتهم"، نقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن وزير الدفاع أمير حاتمي، أمس، أن "قواتنا المسلحة في ذروة جاهزيتها للرد على أي اعتداء من ​أميركا​ وأذنابها في المنطقة"، مشيراً إلى أن بلاده "ستهزم التحالف الأميركي الإسرائيلي".

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن العميد حاتمي أشار في كلمة خلال ملتقى بالعاصمة طهران، إلى أن "إيران اليوم تواجه حرباً شاملة".

من ناحيته، قال السفير الإيراني في ​بريطانيا​ ​حميد بعيدي نجاد​ إن "الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ يتفهم الكلفة الباهظة لواشنطن​ والمنطقة في خوض مواجهة عسكرية، وعليه ألا يختبر عزيمة إيران في مواجهة التوترات بالمنطقة".

وأكد أن "إيران لا ترغب في أي تصعيد عسكري وتوتر في المنطقة، إلا أنها تتمتع بالجاهزية الكاملة للدفاع عن نفسها"، واصفاً النشاطات العسكرية الأميركية الأخيرة في المنطقة بالاستعراضية.

الانسحاب النووي

جاء ذلك في وقت أعلن مصدر مطلع في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أمس، بدء تنفيذ قرار المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني بشأن وقف بعض التعهدات في الاتفاق النووي.

وقال المصدر: "سنتابع بجدية وقف البرامج المتعلقة بمراعاة سقف إنتاج اليورانيوم المخصب، وكذلك إنتاج الماء الثقيل من دون قيود في منشأة اراك والتي جرى التأكيد على القيام بها خلال مرحلة 60 يوماً كخطوة أولى".

ولفت المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أنه "خلال الايام المقبلة ومن أجل اطلاع الرأي العام على الاجراءات المتخذة، سيتم اتخاذ برامج من أجل زيارة ممثلي وسائل الإعلام للمنشآت النشيطة في نطنز واراك".

وكان المجلس الأعلى للأمن القومي أكد في بيان في 8 مايو، أن "إيران لا تعتبر نفسها حالياً ملتزمة بمراعاة القيود المتعلقة بالاحتفاظ باحتياطي اليورانيوم المخصب واحتياطي الماء الثقيل"، لافتاً إلى "إعطاء مهلة 60 يوماً للدول المتبقية في الاتفاق النووي لتنفيذ تعهداتها، وخاصة في المجالين المصرفي والنفطي".

السعودية تتهم إيران

وفي تطور جديد، حمّلت السعودية المسؤولية الكاملة لإيران والميليشيات الحوثية المدعومة منها عن هجوم أمس الأول على منشآت المملكة النفطية، وذلك في رسالة وجهتها إلى مجلس الأمن الدولي، سلمها مندوبها الدائم عبدالله المعلمي.

كما وجّه كل من السفيرين السعودي والإماراتي رسالة أخرى مشتركة إلى المجلس والأمين العام أنطونيو غوتيريش حول الهجوم والتخريب الذي وقع الأحد الماضي ضد 4 سفن في المياه الدولية قبالة المياه الإقليمية وسواحل دولة الإمارات.

وفي الرياض، شدد مجلس الوزراء السعودي الذي عقد جلسة مساء أمس الأول في جدة برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز على "أهمية التصدي لجميع الجهات الإرهابية التي تنفذ مثل هذه الأعمال التخريبية بما في ذلك ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران"، وفق ما أفاد وزير الإعلام تركي بن عبدالله الشبانة، في بيان نشر أمس.

وأكد المجلس أن "الأعمال الإرهابية التخريبية ضد منشآت حيوية بما في ذلك تلك التي تعرضت لها محطتا ضخ لخط الأنابيب شرق ـــ غرب الذي ينقل النفط السعودي من المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع، وتلك التي وقعت أخيراً في الخليج العربي لا تستهدف المملكة فقط، بل تستهدف أمان إمدادات الطاقة للعالم والاقتصاد العالمي".

وأضاف أن "هذا الهجوم الإرهابي الذي شمل أيضاً ناقلتي نفط سعوديتين وهما في طريقهما لعبور الخليج العربي في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات، يشكل تهديداً خطيراً لأمن وسلامة حركة الملاحة البحرية، وبما ينعكس سلباً على السلم والأمن الإقليميين والدوليين".

وشدد على "المسؤولية المشتركة للمجتمع الدولي في الحفاظ على سلامة الملاحة البحرية، وأمن الناقلات النفطية تحسباً للآثار التي تترتب على أسواق الطاقة، وخطورة ذلك على الاقتصاد العالمي".

وفي تطور آخر، أفاد مسؤول إماراتي بأن خبراء أميركيين وفرنسيين ونرويجيين وسعوديين يشاركون في التحقيق إلى جانب الامارات في الهجمات على أربع سفن في الخليج.

back to top