أزمة مجلس الشورى 1921... كيف ولماذا؟ (3)

نشر في 15-05-2019
آخر تحديث 15-05-2019 | 00:20
 أ.د. غانم النجار على الرغم من محدودية دور مجلس الشورى (1921) فإنه كان إيذاناً بطرح فكرة التحول للإدارة المؤسسية، كما أن أهميته تكمن في أنه جاء كنتاج لمطالب شعبية مباشرة، استجاب لها الحاكم. وهي حكاية تطرح أن الحراك الشعبي في الكويت له جذوره، وهو من ضمن "عاداتنا وتقاليدنا" إن شئت. فما هي حكاية ذلك المجلس؟ لماذا جاء وكيف ذهب؟

بعد وفاة الشيخ سالم المبارك في فبراير 1921، تحرك عدد من الكويتيين، وقدموا عريضتين منفصلتين، بناء على اتفاق بين المجموعتين. فالصياغة تكاد تكون متشابهة إلا في نقطة جوهرية سنناقشها لاحقاً لأهميتها.

قبل وفاة الشيخ سالم، وبسبب تباينات بينه وبين عبدالعزيز بن سعود (حينها لم تتأسس المملكة العربية السعودية بعد، إلا 1932)، أرسل الشيخ أحمد الجابر للتفاوض وحل الخلافات، يرافقه كاسب ابن الشيخ خزعل شيخ المحمرة. وبعد أن تم التوافق، وتوقيع ما يشبه الاتفاقية، نادى المنادي بوفاة الشيخ سالم، فتلاحق بن سعود أحمد الجابر، وأرجعه، وعزاه بوفاة عمه سالم، مؤكداً له أن خلافه مع سالم، "وبالتالي لا خلاف بيني وبينك"، ويقال إنه مزق الاتفاق.

وفي طريق عودة أحمد الجابر بحراً، وصله خبر بأن هناك حراكاً شعبياً كويتياً متمثلاً في عرائض، تطالب بالإصلاح، وعدم الرضى عن الوضع السابق خلال حكم سالم، وتطالب تحديداً بإنشاء مجلس للشورى. كما رشحت العريضتان ثلاثة هم أحمد الجابر وعبدالله السالم وحمد المبارك، لكي تختار من بينهم أسرة الصباح الأمير القادم. كانت الإمارة مشروطة بالموافقة على ما جاء بالوثيقة، وأهمها إنشاء مجلس للشورى. فأبلغ أحمد الجابر الرسل بأنه موافق على الشروط. وكان أن تم اختياره أميراً عاشراً على البلاد. بالطبع لم يكن ذلك هو السبب الوحيد لاختياره للإمارة، فقد كان هناك من توجس بأن يكون عبدالله السالم بنفس طريقة أبيه، كما يبدو أن وجود الشيخ خزعل وغيره من العناصر الضاغطة كانت تفضل اختيار أحمد الجابر. ومنذ تلك اللحظة تشكلت معالم الخلاف بين عبدالله السالم وأحمد الجابر، ولذلك قصة طويلة ليس هنا مجال التفصيل فيها، كنت قد تعرضت لبعض تفاصيلها في كتابي أو مقالاتي.

الشاهد، أن هجرة الطواويش 1910، وتشكل مجتمع سياسي كان لهما دور أساسي في تشكيل المجموعتين اللتين تقدمتا بالعريضتين، بل إن قصر المدة بين وفاة مبارك الصباح 1915 ووفاة ابنه سالم 1921 ساهم في استذكار الحالة والتصرف بشكل مختلف عن المعارضة الانسحابية التقليدية في هجرة الطواويش، فهذه المرة، كانت بفعل إيجابي والمطالبة بالتغيير، كما سنرى ما حدث في 1938 بإنشاء مجلس تشريعي منتخب، انتقالاً من حالة معارضة عامة حول قضايا محددة إلى صيغ مؤسسية، ومشاركة في الحكم. فما هي حكاية الوثيقتين اللتين أدتا إلى تأسيس مجلس الشورى 1921 ؟

back to top