من يحرك الخيوط خلف الستار؟

نشر في 30-04-2019
آخر تحديث 30-04-2019 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي قبل أن يمنّ الله على البشرية بإرسال نبي الأمة سيدنا محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، برسالة الإسلام، كان العرب يعبدون كل ما يخطر على بالهم ابتداء من الحجر إلى الشجر إلى الشمس والقمر، ولم يكن التمر بعيداً عن ذلك، فقد صنعوا تماثيل من التمر يعبدونها ويسجدون لها ويطوفون حولها، وعندما يقرصهم الجوع يقومون بأكلها حتى لو كانت آلهة.

من ناحية أخرى فقد كانت الصراعات والحروب تدور بين تلك القبائل وتستمر على مدى عقود من الزمن، يتم فيها القتل وسبي النساء وسلب الأموال والأملاك، والآن ما أشبه اليوم بالبارحة، فقد نزلت تلك الملايين "الثائرة" بالأمس إلى شوارع المدن العربية لتخلق الزعيم تهتف باسمه تمجده وتفديه بالروح والدم وتمجد إنجازاته الأسطورية، فغدا الزعيم هو الوطن، والوطن هو الزعيم الذي نادى بأعلى صوته كما قال فرعون من قبل "أنا ربكم الأعلى".

وبعد أن شعرت هذه الجماهير بالإحباط وفاض بها الكيل وقرصها الجوع نزلت تلك الملايين وقامت بأكل الزعيم، ولم تكتف بذلك، بل قامت بأكل أسرته والمحيطين به، وغدا الزعيم إما قتيلا أو نزيلا في غياهب السجون.

ويبقى التساؤل المهم: وماذا بعد؟ وهل ستقوم تلك الملايين بخلق زعيم آخر؟ أما التساؤل الأهم فهو: من يحرك الخيوط خلف الستارة على مستوى الأرض العربية، فما يكاد "مسرح" يهدأ حتى يبدأ مسرح آخر بالتحرك، فاشتعلت الحروب الأهلية والصراعات والخلافات، ولم يبق بعيداً عن هذه الصراعات إلا من رحم ربي.

وعلى سبيل المقارنة مع الفارق، فقد حضرت ممثلاً لبلدي حفلات تنصيب ثلاثة رؤساء في أميركا الجنوبية هي جمهورية كولومبيا وجمهورية نيكاراغوا وجمهورية الإكوادور، وكانت احتفالات فيها الكثير من الروعة، حيث يقوم الرئيس المنتهية ولايته بتسليم مقاليد الحكم مع نسخة من الدستور إلى الرئيس الجديد المنتخب الذي يقوم بتوجيه خطاب إلى الأمة يشرح فيه برنامجه خلال فترة رئاسته.

في أحد تلك الاحتفالات وكان في مدينة "بوغوتا" كان وكيل وزارة خارجية إحدى دول ما يسمى "الربيع العربي" يجلس بجانبي، وكان من ضمن كبار المدعوين لهذا الاحتفال، فسألته بدعابة: يا ترى هل عندنا في عالمنا العربي حفلات تنصيب للرؤساء المنتخبين يصورة سلسة وسلمية؟ فأجاب بتأكيد "نعم... نعم عندنا حفلات، ولكنها حفلات نصب لا تنصيب، وتستمر إلى نهاية عمر الزعيم أو التنحي أو إلقائه في غياهب السجون".

ودعاء من القلب أن يحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء أو مكروه.

back to top