ثقافة الدفاع عن الحريات

نشر في 28-04-2019
آخر تحديث 28-04-2019 | 00:05
 د. خالد عبداللطيف رمضان تسود في المجتمعات الديمقراطية المتحضرة ثقافة الإيمان بالحريات العامة والخاصة والدفاع عنها، ومن الطبيعي أن تكون البرلمانات الحصن الحصين للدفاع عن حريات المواطنين، إلا البرلمان الكويتي، فبدلا من التزامه بما جاء في الدستور الكويتي من حماية الحريات الخاصة في المواد 30 و35 و36 على سبيل المثال، نجده يتدخل لتقييد الحريات.

ومن خلال تزمت بعض النواب وخوف الوزراء على كراسيهم، يتم منع الكتب ومنع بعض المفكرين والأدباء العرب من دخول البلاد للمشاركة في ندوات فكرية أو إلقاء محاضرات، ولم تسلم منهم الحفلات الغنائية وكأنهم أوصياء على البشر، ويضغطون على وزارة الإعلام لمنع جمهور الحفلات من التفاعل مع الغناء.

بل وصل بهم الأمر للضغط على وزارة الداخلية لمنع المواطنين والمقيمين من اللهو والسباحة على سواحل الجزر، بحجة ارتداء النساء المايوهات، فماذا يرتدي الناس للسباحة غير الملابس المخصصة للسباحة؟، فإذا كانت العائلات تقبل بما ترتديه نساؤها، فما دخل نواب الأمة بالأمر، خاصة أن هذه الملابس يتم ارتداؤها في أماكن السباحة لا في الشوارع العامة أو الأسواق؟

أما في مجال حرية المعتقد التي كفلها الدستور الكويتي، فالأمر أكثر صعوبة، فالتعصب والتطرف الديني يجعلان غالبية نواب الأمة يزايدون في تقييد حرية المخالفين في العقيدة. وليت هذا الحرص لدى النواب على العقيدة ومكارم الأخلاق يصاحبه حرص على المال العام الذي ينهب تحت سمعهم وأبصارهم وربما بمشاركة بعضهم، أو الحرص على التركيبة السكانية من عبث العابثين، وقسم منهم أيضا من نواب الأمة، وليتهم يولون اهتماما للتزوير الذي تم بمنح الجنسية الكويتية لمن لا يستحقونها، بحيث تُفتح الملفات ويُعاقب المزورون ومن ساعدهم على التزوير، والأمر بالأمر يذكر، أين هم من كارثة تزوير الشهادات التي تهدد كيان الدولة وأين هم من التعيينات الباراشوتية للقياديين، ونحن نعلم أن قسما منهم وراء هذه الكارثة التي أخلت بمبدأ العدالة والمساواة بين الموطنين، وأوصلت أشخاصا إلى المراكز القيادية في مختلف أجهزة الدولة، وهم لا يملكون الاختصاص أو الخبرة أو الكفاءة لتولي هذه المراكز، بينما تم حرمان أصحاب الحق والأهلية من الوصول إلى هذه المراكز، مما يدفعهم إلى الإحباط والكفر بالمبادئ التي يدعو إليها الدستور.

كل هذه القضايا الخطيرة وغيرها غيبت عند شريحة عريضة من نوابنا، وبدلا من ذلك أصبح هاجسهم التدخل في شؤون الأفراد والتضييق على الحريات الخاصة. وهنا لا نتوجه باللوم إلى نواب الأمة فقط، لتدخلهم في تقييد الحريات، فالحكومة شريك مهادن لهذه الفئة من النواب، طمعا بمولاتها وتأييدها في بعض القضايا التي غالبا لا تكون في مصلحة المواطن.

back to top