أفغانستان تحتاج إلى حل دولي

نشر في 18-04-2019
آخر تحديث 18-04-2019 | 00:00
 ريل كلير كنت في أفغانستان خلال مرحلة نشرت فيها الولايات المتحدة مئة ألف من جنودها في هذا البلد، قاد هؤلاء الجنود الجزء الأكبر من القتال، إلا أنهم عملوا جنباً إلى جنب مع الجيش الوطني وجهاز الشرطة اللذين كانا يزدادان قدرة ومهارة، أما اليوم فتملك الولايات المتحدة أقل من 15 ألف جندي في أفغانستان.

ربما لست خبيراً في المجال الدبلوماسي أو الاقتصادي، لكني ضابط عسكري متقاعد أهتم كثيراً بخير الرجال والنساء في الزي العسكري، كذلك أولي اهتماماً كبيراً للسلام والأمن في وسط آسيا لأن هذه المنطقة تؤدي دوراً بارزاً في المصالح الاستراتيجية الأميركية الأشمل.

لا نستطيع تحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان من خلال القتال، إذاً تعلمنا درساً بعد أربعين سنة من الحرب المتواصلة في هذا البلد وهو أن التركيز القصير النظر على الحلول العسكرية لن يقود إلى السلام، وأن الدرب إلى الاستقرار لا يعتمد على عدد الجنود الأميركيين في الميدان أو عدد قادة طالبان الذين نقتلهم.

يتطلب السلام المستدام في أفغانستان اقتصاداً يستطيع سد حاجات الناس. صحيح أن هذا البلد غني بالموارد الطبيعية، إلا أنه يعجز عن استغلالها بالكامل من دون الاستقرار والحوكمة الجيدة اللذين يُعتبران شرطاً أساسياً كي تنمو الأعمال وتزدهر.

ينبغي للاستراتيجية الأميركية في أفغانستان أن تنظر إلى ما وراء المخاوف العسكرية القصيرة الأجل، ويجب ألا تدور حول المفاوضات مع طالبان التي لم تشمل ممثلاً عن الحكومة الأفغانية. على العكس، يلزم أن نتبنى نظرة بعيدة الأمد، وإذا أردنا أن ننهي هذه الحرب التي لا نهاية لها على ما يبدو، يجب أن نستعمل كل عناصر القوة الوطنية الأميركية، وينبغى أن نستغل بشكل أفضل علاقاتنا الدبلوماسية في المنطقة، رابطين في الوقت عينه معايير حازمة قابلة للتحقيق بمساعدتنا الاقتصادية.

علينا أن نبدأ بالتفكير في الطريقة التي تتيح للولايات المتحدة أن تستعمل كامل قوتها الوطنية كي تدفع آخرين ممن يملكون الرغبة والقدرة لمساعدة أفغانستان في تطوير اقتصادها إلى الجلوس إلى الطاولة. لا يمثل أمن أفغانستان مشكلة لأميركا وحدها، بل تتشاطرها دول كثيرة متنوعة تشمل ألمانيا، وروسيا، وباكستان.

بالإضافة إلى ذلك يجب ألا نكتفي بأن تكون الصين مشمولة بهذه العملية، بل من الضروري أن نحضها أيضاً على الاضطلاع بدور أكثر فاعلية في التنمية الوطنية الأفغانية. فبما أنها دولة قريبة وقوة كبرى ناشئة تتوق إلى توسيع إمدادها من الموارد الطبيعية، تملك الصين مصلحة اقتصادية وأمنية تدفعها إلى أن تكون لاعباً مهماً في هذا البلد، إذاً، على الولايات المتحدة، وأفغانستان، وشركائهما الضغط على بكين لتساهم في عمل التنمية الصعب الذي ما زال ضرورياً.

من المهم أن تضم الطاولة لاعبين آخرين يملكون البحبوحة المالية أو القيادة السياسية لتطوير نوع الاستقرار الذي تحتاج إليه أفغانستان لتبني اقتصاداً أفضل، مثل الاتحاد الأوروبي، وروسيا، وباكستان.

وهكذا، مع تبني الولايات المتحدة نظرة استراتيجية طويلة الأجل وحض شركاء آخرين على العمل معها ومع أفغانستان، أعتقد أن التقدّم يصبح ممكناً على الأمد الطويل، مع أن الدرب سيظل صعباً.

عندما عملتُ مستشاراً لوزير الدفاع الأفغاني، ساعدني عدد من الجنرالات الذين تعاونت معهم عن كثب في إدراك ما كانت عليه الحياة قبل طالبان، ثم خلال عهد طالبان، وأخيراً التقدم التدريجي المهم الذي انطلق منذ عام 2001. تعلمت دروساً كثيرة منهم، وأعلّق إيماني بقدرة أفغانستان على الاستمرار والنمو على الأجيال الشابة من الأفغانيين، وسبق أن أنجزوا الكثير بدءاً من مئات آلاف الجنود الأفغان الذين حاربوا وضحوا في سبيل هذا البلد.

تتملكني رغبة ملحة في إنهاء هذا الصراع العسكري الذي تخطى بمدته أي حرب أخرى خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها، ويجب أن تطبق الولايات المتحدة استراتيجية طويلة الأمد تساعد أفغانستان على الازدهار كدولة قوية مستقلة، وذات سيادة، إذ سبق أن طورنا استراتيجيات مماثلة في الماضي، ولنقم بذلك مرة أخرى.

*«ساندي آدامز»

back to top