الروائي الأوزبكي حميد إسماعيلوف لـ الجريدة•: نشأت على حواديت جداتي وأساطير «ألف ليلة وليلة»

نشر في 06-03-2019
آخر تحديث 06-03-2019 | 00:03
يعد حميد إسماعيلوف (64 عاماً) أشهر أديب أوزبكي على الإطلاق، رغم أنه يعيش في منفاه بلندن منذ عام 1991، نتيجة توجهاته المعارضة، لكن رواياته حققت شهرة واسعة، وترجمت أعماله إلى لغات عدة، وخلال زيارته الأولى للقاهرة أخيراً التقته "الجريدة" لتنفرد بإجراء أول حوار في الصحافة العربية معه.
• كيف أثرت سنوات نشأتك الأولى في تحولك إلى أديب؟

- وُلدت في عائلة متدينة، واعتادت جداتي أن تقص عليّ قصص الأنبياء وأساطير "ألف ليلة وليلة"، وحكايات الجنيّات في أوزبكستان، وانخرطت منذ طفولتي المبكرة في الثقافة والحواديت الأوزبكية، وعندما بلغت الـ12 بدأت أكتب الشعر، ولأنني كنت أدرس في المدرسة الروسية كتبت الشعر باللغة الروسية، لكن شيئا فشيئا بدأت أكتب شعري باللغة الأوزبكية أيضا، ومن هنا انطلقت رحلتي مع الأدب.

• ما أهم الكتب التي صدرت لك طوال مسيرتك الإبداعية؟

- أصدرت كتبا عدة، أجد صعوبة في تذكر بعضها، فخلال مسيرتي الطويلة في الكتابة لم أكن أؤلف الكتب فحسب، بل أترجم أيضا عن لغات مختلفة، أما إذا كنت تسأل عن الكتب التي حظيت بشهرة واسعة عالميا فهي الكتب التي ترجمت أولا إلى الإنكليزية، ثم إلى لغات أخرى كثيرة.

وأول كتاب لي منشور باللغة الإنكليزية بعنوان "السكك الحديدية"، وحظي بشهرة كبيرة في العالم الناطق بالإنكليزية، وحصد جوائز عديدة، ثم نشرت كتاب "شاعر وبن لادن"، عن صعود التطرف الديني في آسيا الوسطى.

وحظيت رواية "البحيرة الميتة" بشهرة كبيرة أيضا، وفازت بجوائز عديدة وترجمت إلى عدة لغات، وتحكي قصة آثار الموقع النووي السوفياتي على حياة الناس العاديين.

والرواية التالية نشرت بالإنكليزية في الولايات المتحدة بعنوان "تحت الأرض"، وتحكي قصة صبي نصفه من أصول إفريقية ونصفه الآخر روسي، ولد إبان دورة الألعاب الأولمبية عام 1980، ونشأ في موسكو في وقت سادت به ثقافة "رُهاب الأجانب" Xenophobia.

ونشرت مؤخرا رواية "رقصة الشياطين"، تحكي قصة أعظم كاتب لدينا وهو عبدالله قُديري، الذي قتل عام 1938 إبان حكم النظام الستاليني، وقد تقمصت الرواية قُديري كما لو كان يكتبها من محبسه.

• تنوعت كتاباتك بين الشعر والرواية... أيهما أقرب للتعبير عن أفكارك؟

- قال الشاعر الروسي الشهير ألكسندر بوشكين "إن عمري المتنامي يجعلني أميل نحو النثر الشديد". حدث نفس الشيء معي. في شبابي بدأت كشاعر، ولسنوات عديدة حتى كنت في منتصف الثلاثينيات من عمري كنت أكتب الشعر.

لكن شيئا فشيئا، ربما نتيجة التقدم في العمر، أو نظرا لاكتسابي الخبرة، أصبحت أكثر ميلا للنثر. كتبت روايتي الأولى عندما كنت في أواخر الثلاثينيات من عمري. ومنذ ذلك الحين أكتب النثر أكثر، وأكتب الشعر عندما أكون متكاسلا.

• كتبت أيضاً في أدب الخيال العلمي، حدثنا عن هذه التجربة؟

- لست كاتبا للخيال العلمي النقي، وأستخدم بعض عناصر هذه التقنية في كتبي، مثل الرواية التي كتبتها بعنوان "حي بن يقظان"، وهي إعادة صياغة للقصة المسلمة التي طال أمدها، وكتبها في البداية أحد مواطني بلادي "ابن سينا"، ثم كررها ابن طفيل وآخرون.

لذا كتبت نسخة حديثة منها، باعتباري شخصا أبحث في الجزء الذي أعيش فيه من العالم عن ابن سينا، الذي يبدو أنه عاش على مدى القرون العشرة الأخيرة، وكان معتادا الظهور في النقاط الرئيسية للتاريخ في أهم الأماكن، مثل إيطاليا في عصر النهضة، ألمانيا النازية، اليابان في زمن الساموراي والغيشا، وتركيا العثمانية في عهد التيوليب.

• تقيم في لندن منذ سنوات طويلة... فهل هو منفى اختياري بسبب توجهاتك المعارضة؟

- لم يكن خياري. لم أحلم قط بالعيش في لندن. في عام 1991، طُردت من بلدي وذهبت إلى إنكلترا، ظننت أنني سأقضي هناك 3 أشهر. مع الأسف هذه الأشهر استمرت حتى الآن. وهكذا أصبحت لندن وطني الثاني.

• أخبرنا عن الأدب في أوزبكستان، وما الذي يميزه.

- المصادر المباشرة لثقافاتنا التقليدية هي ذاتها مصادر ثقافتكم، وتستند إلى القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، والفلسفة الإسلامية والأدب الإسلامي. فقط تخيل كيف أننا متقاربون ثقافيا. هذا التشابه في حكايات كتاب "ألف ليلة وليلة" نفسه، فرغم أن مشهد الحكايات يوضع غالباً في العالم العربي - في دمشق أو بغداد أو القاهرة - يجب ألا ننسى أن شهرزاد تحكي القصص لشهريار حاكم سمرقند، التي تقع في أوزبكستان الحديثة. كما نشارك عظماء مثل البخاري والفارابي وابن سينا والمرغيناني والزمخشري والخوارزمي والبيروني وغيرهم الكثير. في وقت متأخر من ذلك، على سبيل المثال، في بداية القرن العشرين، اعتبر بعض النقاد الأدبيين أن رواية "الأيام الباغية" التي كتبها عبدالله قُديري تأثرت بشكل كبير بعمل جورجي زيدان. لذلك أشعر بالحيرة بعض الشيء، فعلى سبيل المثال، تُرجمت كتبي إلى عشرات اللغات الأجنبية، ومع ذلك لم يتم نشر أي كتاب لي باللغة العربية. ربما لأن الأدب الأوزبكي تأثر أيضاً بالأدب الروسي، بينما كانت أوزبكستان جزءا من الاتحاد السوفياتي، وهو ما يجعلنا ككتّاب أوزبكيين غرباء بعض الشيء في ثقافتنا المسلمة.

• برأيك... من هو أهم كاتب عربي؟

- هو بالأحرى رأي المؤسسة الأدبية الغربية، ولجنة جائزة نوبل، التي اعترفت بنجيب محفوظ كأحد أعظم كتّاب القرن العشرين. إنني كنت مهتماً بكتابات جورجي زيدان وجبران خليل جبران. بالنسبة للكتّاب المعاصرين، قرأت الكتب المؤلفة بالإنكليزية أو تُرجمت إليها، لذا فإن اختياراتي ومعارفي مقيدة تماماً، ولا يمكنني الحكم على الأدب العربي بحد ذاته.

شهادات جامعية

ولد حميد إسماعيلوف في أسرة متدينة، وكثير منهم فقدوا أرواحهم أثناء الاضطهاد في عهد ستالين. ومع ذلك، تلقى تعليماً سوفياتيا متميزا. تخرّج بتميز في مدرسته الثانوية وكلية عسكرية، وحصل على شهادات جامعية في تخصصات عدة. على الرغم من أنه كان بإمكانه أن يصبح شخصية سوفياتية مرموقة أو حتى ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، إلا أن مصيره قاده إلى أن يصبح كاتباً معارضاً وشاعراً مقيما في منفاه بلندن، حيث طُرد من أوزبكستان بسبب ما وصفته الدولة بأن لديه "ميولا ديموقراطية غير مقبولة"!

لقد قارن النقاد كتبه بأفضل ما في الكلاسيكيات الروسية، والمُثل والقيم الصوفية وأعمال ما بعد الحداثة الغربية، في حين أن كتاباته تعكس كل هذه الخطوط والعديد من الخطوط الأخرى، فتجربته الفريدة بين الثقافات هي التي تثير القارئ وتجذبه إلى عالمه.

روايتي «البحيرة الميتة» حصدت الجوائز وتُرجمت إلى لغات عدة

أكتب الشعر عندما أكون متكاسلًا... وأوظف تقنية الخيال العلمي
back to top