نافذة المعرفة النفطية : اكتشفوا ذرّة الكربون!

نشر في 04-03-2019
آخر تحديث 04-03-2019 | 00:30
 أحمد راشد العربيد في عام 1950، حيث تم اكتشاف النفط في أماكن كثيرة بالكويت بأحجام تجارية مشجعة جدا، لم يكن آنذاك معروفا حجم المخزون النفطي الاستراتيجي الكلي، بعد ذلك قررت الكويت إنشاء مجلس سمّي بمجلس الإنشاء، وتم تحديد دوره في تنفيذ خطة الإنماء الأولى في الكويت اعتمادا على مصدر الدخل الكبير والمستدام، وهو النفط.

وبعد أعوام قليلة بدت مظاهر النجاح والتنمية تظهر في الكويت، تلك الإمارة الصغيرة بحجمها وقلة عدد سكانها، وأصبح الإنسان الكويتي يتمتع بتعليم متطور ومناهج حديثة ومنزل واسع وجميل، ويستمتع هذا المواطن بتذوق طعم الماء الحلو والعذب، الخالي من الشوائب الضارة، والذي يتدفق اليه عبر أنابيب مدفونة تحت سطح الأرض.

يتم ذلك عن طريق تقطير مياه البحر في محطة الشويخ حديثة الإنشاء وحديثة التقنيات التي لا مثيل لها في دول العالم إلا بعض الدول المتقدمة والصناعية، ويتدفق هذا الماء على مدار الساعة الى بيوت الكويتيين، ويقود المواطن سيارات فارهة يطوف بها شوارع الكويت جميلة الألوان والأشكال، لينتقل بها من مكان لآخر، أما الرعاية الصحية فقد كانت محط أنظار المواطنين والوافدين على السواء. يتلقى الجميع الرعاية الصحية الحديثة، بمن في ذلك المهاجرون من دول الجوار الى الكويت.

كانت ميزانية الكويت تتمتع بفائض كبير يفوق كل احتياجاتها لكل سنوات الخطة، وهكذا أرادت الدولة أن تكون.

انتهزت الكويت هذه الفرصة مبكرا، فأنشأت هيئة الاستثمار الكويتية في عام 1953 ليتم استثمار الفائض المالي في السوق البريطانية، ثم توسعت الى أسواق أخرى.

هذه الإمارة الصغيرة غدت دولة اعترفت بها هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية قبل انقضاء فترة الخطة الإنمائية الأولى، وأصبحت عضوا فاعلا يساهم في استقرار الأمن العالمي من خلال النفط.

ويمكننا القول إن المصادر التي تلعب دورا أساسيا في تحديد مستقبل الكويت هي الإنسان الكويتي، والثروات الطبيعية، أي النفط، والاستثمارات الخارجية.

هذه المصادر الثلاثة لم تتغير، ولم تتمكن الكويت من إضافة مصدر جديد لها طوال نصف القرن الماضى.

إن الفترة الزمنية التي حققت فيها الكويت إنجازاتها السابقة لا تتعدى 10 سنوات، وهذا معناه أن توقعات تحقيق الخطة الإنمائية الحالية ستكون في غضون 10 سنوات، لأن الكويت تملك الإمكانات البشرية والثروات الطبيعية والقدرة على الاستثمار الخارجي، لتصبح الكويت مركزا ماليا وتجاريا عالميا في عام 2035.

في المقال السابق أشرنا الى ذرة الكربون باختصار ودورها المستقبلي في تطوير مادة النفط من خلال قدرتها على التلاحم مع كل ذرات المواد دون استثناء. تلقيت طلبات من بعض القراء بمزيد من الشرح في هذا الجانب.

أقول إن الكويت بلد أحادي مصدر الدخل، وقد اجتهدت الكويت كثيرا في الماضي بالبحث عن مصدر دخل رديف يضمن لها مستقبلا مستداما، إلا أنها لم تجد حتى الآن.

نحن نرى أن هذا المصدر يكمن في تصنيع مادة النفط الخام الذي مازال برميلا أسود ذا قيمة اقتصادية محدودة، بينما يمكننا أن نجعله برميلا ذهبيا تتضاعف قيمته أضعافا مضاعفة على ما هو عليه اليوم، إن الوصول الى تحقيق هدف البرميل الذهبي يتمثل في حسن استغلال ذرة الكربون.

يمثل عنصر الكربون 20 في المئة من مكونات أجسادنا، وتتميز ذرته عن كل الذرات بقدرتها على التلاحم بكل الذرات الأخرى، وهي الذرة الرئيسية في مكونات النفط.

في التطور الصناعي الذي حققه الإنسان باستكشاف علم وتقنيات النانو في الثلاثين سنة الماضية وما حققه هذا العلم من اختراقات صناعية لا قبيل لها، ولم تكن متوقعة، فمثلا تمكّن الإنسان من أن يرفع الطائرة العملاقة ذات السعة المضاعفة من الركاب ذات الطابقين الى مسارات الملاحة الجوية في مدارات الأجواء، باستخدام ما يسمى ألياف الكربون.

وما حققته ذرة الكربون في صناعات السيارات الكهربائية، التي غدت حديث الساعة في هذا العقد من الزمن، فإذا كانت السيارات الكهربائية قد نجحت في تخفيض استهلاك النفط، فإن النفط من خلال ذرة الكربون سينجح كثيرا في خلق صناعات كثيرة تحتاج إليها السيارات الكهربائية وكل أنواع السيارات بأسعار مشجعة جدا.

إن النصيحة التي نقدمها لأبناء الكويت هي أن ما يسمى ببدائل الطاقة هي ليست في الحقيقة بدائل، إنما هي رديف للطاقات، ولا وجود للحرب بينها.

back to top