«فريج المرقاب»

نشر في 15-01-2019
آخر تحديث 15-01-2019 | 00:09
كانت متعتنا وسعادتنا في «فريج المرقاب» وأكبر أحيائها في لقاء الأصدقاء، وكانت «السكة» ملعب هوانا، فضلاً عن ألعاب اخترعناها وسعدنا بها، وكان مسجد "صالح الفضالة" ملتقى رجال الفريج، يكسو جباههم نور المحبة والإيمان والتراحم، وكانت ليالي رمضان أسعد ليالي العام.
 يوسف عبدالله العنيزي حي المرقاب أو "فريج المرقاب" من أكبر أحياء الكويت، ويقع في جنوبها، وسمي بالمرقاب لأنه يقع على تل مرتفع يستخدم في مراقبة تحركات الأعداء أو من يريد المساس بأمن الكويت واستقرارها، وهذا الذي أدى إلى تنادي حكام الكويت وأهلها لبناء السور، مما أدى إلى إشاعة الأمن والأمان.

منذ أيام قليلة التقيت بالأخ وصديق الطفولة عبدالوهاب المزيني، ويشهد الله لكم سررت بهذا اللقاء الذي أسعدني وأثلج صدري، فأعدنا شريط الماضي الجميل في ذلك الزمان الذي لن يعود، وليس كمثله زمان، أعاد لي أخي عبدالوهاب ذكرى كانت غائبة عن البال، إنها ذكرى إنشاء فريقي كرة القدم الأول تحت مسمى فريق "البطولة"، وكان يرأسه الفنان الراحل عبدالعزيز المسعود، رحمه الله، ولم أتوصل إلى أسماء المنتسبين إلى هذا الفريق.

أما الفريق الآخر فقد كان تحت اسم فريق "الأزبكية"، وكان برئاسة عبدالرحمن القندي، رحمه الله، والأخ العزيز سليمان العنيزي، وهو الذي اختار الاسم، ويضم كذلك كلاً من علي القدفان وعبدالعزيز وصالح الفريح، وعبدالله القندي وعيسى العيسى ومحمد الخضر وغيرهم من إخوة أعزاء تجمعهم الصداقة والمحبة، وكانت المباريات تقام بين فرق كرة القدم المنتشرة في فرجان الكويت.

كانت مهمتنا أنا والأخ عبدالوهاب وبعض الإخوة الأصدقاء الجلوس على الخط خارج الملعب لالتقاط الكرة وإعادتها إلى الملعب، كم كانت الحياة بسيطة ورائعة، لم نكن نعرف الكهرباء أو الهاتف الثابت أو النقال أو بقية الأجهزة الإلكترونية، ولم نكن نعرف من دول العالم أو مدنه إلا مكة المكرمة والمدينة المنورة وبلاد الإنكليز، ولا نعرف أين تقع.

كانت متعتنا وسعادتنا بلقاء الأصدقاء وكانت "السكة" ملعب هوانا، فضلاً عن ألعاب اخترعناها وسعدنا بها، وكان مسجد "صالح الفضالة" ملتقى رجال الفريج، يكسو جباههم نور المحبة والإيمان والتراحم، وكانت ليالي رمضان أسعد ليالي العام، بما فيها صلاة التراويح والعشر الأواخر "الجيام"، فدعاء من القلب للمغفور له بإذن الله "صالح الفضالة" على بناء هذا المسجد، فجزاه الله كل خير وأثابه خير الثواب.

وهنا يتبادر إلى الذهن خاطرة، فبعد أن تولى المغفور له عبدالعزيز العدساني، رحمه الله، رئاسة ديوان المحاسبة قمت أنا والأخ عبداللطيف العنيزي بزيارة "للعم بو يوسف"، حيث قدمت له نسخة من دفتر الغوص الخاص بوالدي، رحمه الله، والصادر عام "1938"، وكان يحمل ختم وتوقيع المرحوم يوسف العدساني الذي كان يتولى مسؤولية دائرة محاسبة الغواصين في ذلك الوقت، وهكذا أعاد التاريخ نفسه، حين تولى العم عبدالعزيز العساني تلك المسؤولية التي تولاها والده.

ومن ناحية أخرى سعدت بلقاء الأخ الكريم صالح الفضالة الذي يتولى مسؤولية معالجة منح الجنسية، وكان ذلك يأتي استكمالاً للدور الذي قام به والده يوسف الفضالة، رحمه الله، الذي كان عضواً في "لجنة المرقاب" لمنح الجنسية، هكذا هي ثقة حكام الكويت وأهلها برجال الكويت، وحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء أو مكروه.

إلى جنات الخلد

قبل أيام قليلة انتقلت إلى جوار ربها المغفور لها بإذن الله طرفة محمد صالح العنيزي، رحمها الرحمن برحمته وأسكنها فسيح جناته، فقد عاشت ودرجت أقدامها على هذه الأرض الطيبة، فضمها ثراها، وكأني بها تتنقل بين روح وريحان وجنات نعيم، رحمها الله وأثابها خير الثواب، و"إنا لله وإنا اليه راجعون".

back to top