أندية حدائق «الشؤون» ومراكز الشباب الصيفية

نشر في 15-12-2018
آخر تحديث 15-12-2018 | 00:05
استثمار الأسر أوقات فراغ أبنائها بما هو مفيد جزء من التربية، لأنه ينعكس إيجاباً على حياتهم الشخصية والاجتماعية والمهنية، وذلك يوازي في أهميته أهمية التعليم لأنه ينمي ذواتهم ويطورها، ويكون سبباً في تفجير المواهب والملكات الكامنة والقدرة على الإبداع والابتكار.
 سناء راشد السليطين عبارات باتت تقرع مسامعنا يومياً: مشاكل الشباب، العنف، انتشار الجرائم، الإدمان، الانحراف، التطرف... إلخ. ممن؟ أيعقل هذا كله من الشباب؟ شباب الوطن وثروته؟ لماذا؟! ومادامت تلك العبارات السلبية المخيفة موجودة أفلا يجعلنا ذلك نطلق صافرات الإنذار في وجه الخطر القادم؟ نتذكر طفولتنا في السبعينيات الماضية، وكيف كانت الدولة تهتم باستثمار أوقات الفراغ للصغار والنشء من خلال الأندية في حدائق الشؤون، ومراكز الشباب الصيفية التابعة لوزارة التربية، وكيف أن تلك المراكز استثمرت فينا الكثير، وما قدمته لنا من رعاية اجتماعية وتربوية خلال أوقات الفراغ، وفترة الإجازات، كان من أسباب صقل مواهبنا وتنمية قدراتنا للإلهام والإبداع، فكانت تلك المراكز استكمالاً لرسالة الأسرة والمدرسة وحماية الشباب من الفراغ أو التعرض للمخاطر المخيفة التي ذكرناها في مقدمة المقال.

الحل إذن هو في استغلال أوقات الفراغ بما هو مفيد ومسلٍّ، ليكتسبوا خبرات ومهارات جديدة تعينهم على زيادة تحصيلهم العلمي وزيادة خبراتهم الحياتية من خلال البرامج التوعوية والأنشطة المختلفة، فكان هذا هو الهدف الذي سعت الدولة للوصول إلى تحقيقه من خلال تلك الأندية الصيفية آنذاك.

إن استثمار الأسر لأوقات فراغ أبنائها بما هو مفيد جزء من التربية، لأنه ينعكس إيجابا على حياة أبنائهم الشخصية والاجتماعية والمهنية، كونه يوازي في أهميته أهمية التعليم لأنه ينمي ذواتهم ويطورها، ويكون سببا في تفجير المواهب والملكات الكامنة والقدرة على الإبداع والابتكار، فليس هناك ما هو أخطر من الفراغ على الشباب وعلى مستقبل البلد لتلافي الكثير من المشاكل، بل يقاس تقدم أي بلد من خلال استثمار أوقات فراغ الشباب بما ينفعهم وينفع أوطانهم.

إن صفحات التاريخ مليئة بأولئك المبدعين الذين اهتموا بتنظيم أوقات فراغهم واستغلوها واستثمروها ليصبحوا نجوم العلم والعمل، وأسهموا في صنع حضارة البشرية، فمنهم العلماء والمخترعون والمفكرون والقادة المحنكون والزعماء الذين خلد التاريخ أسماءهم في صفحات من نور.

وهذا ما نحتاجه لأبناء هذا الجيل بعد أن أصبحت التكنولوجيا أمراً مسلماً به وجزءاً من حياتنا وتشكل أحد المخاطر، إذ علينا استثمارها لمصلحتهم ومصلحة الوطن، فليس هناك شباب سيئون، بل هناك تربية سيئة، وإهمال وتقصير بحقهم، والآن بعد تفشي المشاكل والمظاهر السلبية أصبحوا أحوج لتقديم الرعاية والعناية بهم، وأي قسوة ينالونها سينعكس تأثيرها على المجتمع، لذا يجب ألا يُترك الشباب لأنفسهم كي لا يضيعوا، بل على مؤسسات الدولة التحرك السريع لاحتضانهم وتنمية مواهبهم وتسخيرها لخدمة الوطن، وهنا نناشد وزارتي التربية والشؤون إعادة تلك المراكز والأندية لأنها تمثل صرحاً تعليمياً تربوياً فاعلاً ومسانداً لدور الأسرة والمدرسة والمجتمع.

back to top