استقلالية

نشر في 07-12-2018
آخر تحديث 07-12-2018 | 00:10
من غير المنطقي أبداً أن يتبع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وزارة الإعلام، وتحديداً مزاج وزراء الإعلام المتعاقبين الذين إما أن يكونوا جهلة بالإعلام والثقافة بشكل كبير، وإما أن يكونوا في أحسن الأحوال خائفين من ملاحقات سياسية جاهلة في مجملها، فيمنعوا ويساوموا ويحرموا.
 علي محمود خاجه هي دعوة بادرت بها الفاضلة فارعة السقاف، وأجدها جديرة بالاهتمام، بل بالتطبيق الفوري أيضاً، الدعوة بإيجاز هي لاستقلالية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عن وزارة الإعلام، وأن تكون لها تبعية مباشرة لمجلس الوزراء، وإن كنت أفضل ألا تكون تلك التبعية إلا تبعية متعلقة بالشق المالي والرواتب فحسب، ليتحقق بذلك الاستقلال الإداري التام لهذا المجلس الذي يفترض أن تعيره الدولة أهمية كبرى، وتمنحه المرونة الكافية للارتقاء بكل مجالات الثقافة.

فمن غير المنطقي أبداً أن يخضع هذا المجلس الذي ورد في دستور دولة الكويت نص صريح متعلق بالمجالات التي يرعاها هذا المجلس، وسأتطرق لهذا النص الدستوري لاحقا، ولكني أقول هنا بأنه من غير المنطقي أن يخضع ويتبع هذا المجلس وزارة الإعلام، وتحديداً مزاج وزراء الإعلام المتعاقبين الذين إما أن يكونوا جهلة بالإعلام والثقافة بشكل كبير، وإما أن يكونوا في أحسن الأحوال خائفين من ملاحقات سياسية جاهلة في مجملها، فيمنعوا ويساوموا ويحرموا لمجرد الجهل أو الخوف أو الاثنين معا.

ما المنطق في هذه التبعية إن كان المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كيانا منفصلا عن الوزارة أصلا من حيث الموقع والمناصب الإدارية؟

أعود الآن إلى النص الدستوري في المادة 14 من دستور دولة الكويت، والذي ينص على: «ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون وتشجع البحث العلمي»، هو نص صريح وواضح برعاية الدولة لهذه المجالات، فأما على صعيد العلوم فهناك مؤسسة للكويت تعنى بالتقدم العلمي، ويرأس هذه المؤسسة صاحب السمو أمير البلاد بشكل مباشر، وفي مجال البحث العلمي هناك أيضا معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي يتبع بشكل مباشر مجلس الوزراء حسب المرسوم الأميري لعام 1973، أما الفنون والآداب فهما المجالان الوحيدان اللذان تضمنهما النص الدستوري، ولا يحظيان باستقلالية كالتي تحظى بها العلوم، متمثلة بمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، أو التي يحظى بها البحث العلمي متمثلا بمعهد الكويت للأبحاث العلمية!!

وهو أمر غير مبرر أو مفهوم أبداً، فالوضع السليم والقويم هو استقلالية كل المجالات التي تضمنها النص الدستوري لا أن تحظى بعض المجالات بالاستقلالية وتحرم الأخرى منها، وتكون أسيرة لمقصلة وزير الإعلام.

لذلك أشدد وأؤيد ما دعت له الفاضلة فارعة السقاف، وتداعى له كم كبير من المهتمين بضرورة استقلالية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لكي يتمكن من القيام بدوره دون خوف من أحد أو مزاج وزير جاهل في الإعلام، أو خائف من محاسبة سياسية غير موضوعية في أكثر الأحيان؟

back to top