لهذا الاحتفاظ بـ «النصرة»!

نشر في 28-11-2018
آخر تحديث 28-11-2018 | 00:29
 صالح القلاب لأن الروس قد حذروا من وصول غازات سامة إلى منطقة حلب، وأنها قد تُستخدم عشوائياً ضد الأبرياء من أبناء هذه المنطقة، فالمفترض أنهم قد تصدوا لها قبل استخدامها، بالطبع بالتعاون مع حلفائهم الأتراك الذين هم أيضاً من "الضامنين" للمنطقة المنزوعة السلاح، والذين يهمهم ألا يكون هناك أي اختراق لاتفاق "إدلب"، والواضح أن هناك محاولات لاختراقه من نظام بشار الأسد، بالاتفاق مع الإيرانيين الذين باتوا يخترقون جبهة شرقي الفرات، بهدف الالتفاف على قوى المعارضة، والوصول إلى شواطئ المتوسط بمحاذاة لواء الإسكندرون، وهذه مسألة غدت معلنة ومعروفة.

وبالطبع، لأن الروس يحاولون التملص من اتفاق "إدلب" فقد بادروا إلى إبلاغ نظام الأسد ضرورة إثارة هذه المسألة، مسألة الغازات السامة، وضرورة إلصاق التهمة ليس بـ "جبهة النصرة"، بل بالمعارضة المعتدلة المتمسكة بضرورة الحل السياسي لهذه الأزمة الطاحنة، والملتزمة بالموقف التركي الذي يعتبر نجاح اتفاق إدلب نجاحاً له، والذي هو الأكثر معرفة بالألاعيب والمناورات الروسية، وبأن الروس هم من أوصلوا الصراع، ليس في سورية فقط بل في المنطقة كلها، إلى ما وصل إليه.

ويفترض أنه من المعروف أنَّ "النصرة"، مثلها مثل "داعش"، قد أُوجدت، في الأساس، لتكون ورقة جاهزة للاستخدام عند اللزوم، وهذا ما حصل في "مناورة" الغازات السامة هذه، وما كان قد حصل في مرات سابقة كثيرة، ولعل ما تجدر الإشارة إليه هو أن حكاية هذين التنظيمين، "النصرة" و"داعش"، هي كحكاية "راجح" في مسرحية "بياع الخواتم" للفنانة اللبنانية المبدعة فيروز، أمدَّ الله في عمرها.

كان "داعش" قد اختطف، أمام عيون ضباط وجنود الجيش العربي السوري، عدداً من النساء من منطقة السويداء "الدرزية"، واحتفظ بهن فترة طويلة، ثم ما لبث أن أبلغ ذويهن وقيادات هذه المنطقة العروبية، التي أنجبت المجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش ونجله منصور وعدداً من القيادات والرموز القومية كـ "شبلي العيسمي" وغيره، أنه على استعداد لإطلاق سراحهن إذا استأنف الدروز التحاقهم بالخدمة العسكرية الإجبارية... فماذا يعني هذا؟!

كان المفترض أن تُقتلع "النصرة"، التي أصبح اسمها من أجل التشويه والضحك على الذقون "جبهة فتح الشام"، ثم أصبح "هيئة تحرير الشام"، منذ البدايات، لكن لأن الذين أوجدوها ويقفون خلفها أرادوها مثل "راجح" في مسرحية "بياع الخواتم" فقد أبقوا عليها كما أبقوا على "داعش"، لتشويه المعارضة السورية والجيش الحر، وهذا ما حصل في "لعبة الغازات" الأخيرة، وما كان قد حصل سابقاً، وما سيبقى يحصل مادام هذا النظام موجوداً، ومادام تدخل إيران في هذا البلد العربي مستمراً، ومادام الروس لم يحققوا كل أهدافهم التي يسعون إليها في هذه المنطقة!

back to top